الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التلوّث خطر يدهم العاصمة ومدن أخرى

بواسطة azzaman

التلوّث خطر يدهم العاصمة ومدن أخرى

حسن السراي

 

إزدياد ظاهرة التلوث في العاصمة بغداد وبعض المحافظات بشكل عالٍ جداً ينذر بعواقب لا يحمد عقباها، حيث يؤدي هذا التلوث وفي ظل هذه النسبة العالية التي تنتج عن إتحاد مسببات التلوث برطوبة الجو المسماة ب ضباب المدينة أو (الضبخان) أو الضباب الدخاني ‏، أي خليط من الدخان والضباب يتكون فوق المدن والمناطق الصناعية ، وهو أحد أنواع تلوث الهواء الخطيرة التي تصل نسبتها الى 60بالمئة فأكثر ، وهذه النسبة تؤدي الى خسائر بشرية. حيث تعرض الكثير خلال هذه الأيام للإختناق ونقلوا للمستشفيات ، وتعالت أصوات الكثير من المواطنين مستغيثين من الحال ومن تعاظم تدهور الوضع الصحي والبيئي لفئات كبيرة من الشعب وخاصة من المصابين بالأمراض السرطانية والربو والحساسية والأمراض الجلدية وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب. بحيث أصبحت نسبة التلوث في بغداد تضاهي النسبة في لاهور والقاهرة ودلهي .

توليد طاقة

ولابد من وقفة جادة وسريعة وإتخاذ حزمة من الإجراءات الفاعلة والصارمة لتلافي هذا الخطر المتزايد. إن سبب تزايد رائحة ثاني أوكسيد الكبريت وثاني أوكسيد الكربون بالجو وخاصة بالليل،هو انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت(SO₂) الناتجة عن حرق النفط عالي الكبريت بمحطات توليد الطاقة ومصافي النفط. يستخدم هذا النوع من النفط لأنه أرخص، بالرغم من أضراره الكبيرة على البيئة والصحة. عندما يحترق هذا النفط، ينتج غاز برائحة قوية تنتشر بالجو وتزداد هذه الرائحة أكثر ليلاً بسبب الإنعكاس الحراري، أثناء الليل يبرد الهواء القريب من الأرض ويصبح أثقل، وذلك يمنع الملوثات مثل SO₂ من التصاعد، فتبقى متجمعة قرب سطح الأرض. هذا التجمع يجعل الرائحة واضحة أكثر، خصوصاً مع قلة حركة الهواء.وعندما تكون الرياح جنوبية شرقية أو ساكنة ، يبدأ التلوث بالإنتقال الى بغداد وضواحيها ويزداد كثيراً . ولك لأسباب من خارج بغداد ومن داخلها. الأسباب الخارجية؛ معامل الطابوق التي أغلبها من الطراز القديم ، وكذلك حرق النفايات بصوره عشوائية وبكميات هائلة ، وأما التلوث الداخلي في العاصمة بغداد فهو ناتج عن المصانع والمعامل الكائنة في قلب المدينة والمتداخلة مع المناطق السكنية، وكذلك معامل الاسفلت ، ومصفى الدورة الذي يعتبر منشأة غير صديقة للبيئة، وكذلك السيارات والآليات ومولدات الكهرباء ومكائن ضخ مياه الشرب ومكائن سحب مياه المجاري، وتأثير معامل الأسفلت لتبليط الشوارع والطرق والجسور التي تعتمد طريقة تقطير النفط الأسود، بالإضافة للسيارات التي يلغي بها حجر البيئة(علبة البيئة أو دبة التلوث أحد أجزاء منظومة العادم في السيارة، حيث لها عدة مسميات أهمها المحول الحفاز “Catalytic Converter” وذلك لأنها تعالج وتحول الغازات الضارة الناتجة عن عملية الاحتراق داخل المحرك إلى غازات أقل ضرراً على الصحة والبيئة) والشاحنات والصهاريج الي يلغى بها الادبلو(سائل AdBlue هو مادة إضافية لتقليل انبعاثات أكسيد النيتروجين ويتكون من مادة اليوريا والماء المقطر. وهو سائل عديم اللون رائحته كالأمونيا وحادة إلى حدٍ ما وتركيز اليوريا به 32.5بالمئة)، ناهيك عن المحركات المستهلكة التي تحرق الزيت (دهن المحرك)، ولا ننسى نفايات المستشفيات والمستوصفات والمدارس وباقي دوائر الدولة ، وفضلات الحيوانات السائبة ومجازر المواشي والدواجن ونفايات الأسواق، والمطاعم والأفران التي أغلبها تستخدم الأساليب البدائية مثل زيت الغاز والنفط.

كل هذه المعامل والمصانع والمكائن والمحطات والمعدات تعمل بلا فلاتر ولا مرشحات غازية وبدون أي ضوابط لحماية البيئة، واغلبها المفروض تشتغل على البروبان(مبرد هيدروكربوني طبيعي صديق للبيئة، ويُعرف أيضًا باسم R-290) . ولكن يضاف له نفط اسود مليء بالكبريت والمواد الضارة. أضف لذلك فأن البنزين والگاز المستخدم في السيارات مليء بالشوائب والمواد الضارة.

النفايات التي تحرق يومياً على اطراف بغداد

مصافي النفط والابار  كلها تسرب مواد سامة تنفث سموماً قاتلة تؤذي البشر وتدمر صحته على المدى القريب والبعيد .

بالمقابل لابد من إتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة وصارمة لا تقبل التهاون مقابل حياة البشر. لابد من العمل على نقل العاصمة الإدارية والإقتصادية والصناعية الى مكان بعيد عن العاصمة الحالية، إتخاذ إجراءات آنية تحد من كل أشكال التلوث التي أشرنا لها آنفاً وخاصة أجهزة الفلترة والترشيح، والحرق العشوائي للنفايات، وإلزام كافة الشركات والأفراد للإلتزام بقيود وقوانين البيئة والنظافة وتطبيق القانون بصرامة بحق المخالفين وإتباع ستراتيجية في توزيع المعامل والمصانع والورش المتواجدة داخل المدينة وترحيلها خارجاً، وتسقيط السيارات القديمة الملوثه للبيئة.

وبعد ذلك العمل على إجراءات بعيدة مستقبلياً مثل نقل مصفى الدورة لمكان بعيد ونقل المصانع والمعامل الكبيرة.

ولغرض الحد من نسبة تلوث الهواء ورفع نسبة الأوكسجين يجب الإهتمام بالزراعة والتشجير داخل بغداد والمحافظات وتقليل الغازات السامة وإحلال الأوكسجين محلها إضافة للنظافة.

وأدناه نبذة عن فوائد التشجير حيث تشير الدراسات الى أنه وحسب مؤسسة يوم الشجرة فإن الشجرة الناضجة الملئية بالأوراق الخضراء تنتج في الفصل الواحد كمية من الأوكسجين تكفي ل10 أشخاص لسنة كاملة.

وأن كل دونم  من الأشجار يستهلك كمية من ثاني أوكسيد الكربون مكافئة لتلك التي تنتجها السيارة بعد سيرها لمسافة 10،000كم ! وهذا الدونم نفسه يمكنه إنتاج كمية أوكسجين تكفي 4 اشخاص لعام كامل بحسب النيويورك تايمز، وفي المعدل فإن الشجرة الواحدة تنتج حوالي 260 باوند من الأوكسجين، شجرتين ناضجين يمكنهما إنتاج أوكسجين يكفي عائلة مؤلفة من 4 أشخاص لمدة عام بحسب الوكالة الكندية البيئية. فالأشجار هي الرئة التي تتنفس بها الارض، اما بالعراق فالتصحر دمر كل شيء،وأما المبادرات الزراعية الحالية فهي مبادرات خجولة يزرعون الف شجرة ويقطعون 10الالف شجرة .

دعوة مخلصة لكل ذي مسؤولية أن يهتم لهذا الوضع الخطير والمأساوي .

(وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)

 كاتب وباحث


مشاهدات 100
الكاتب حسن السراي
أضيف 2024/10/15 - 3:59 PM
آخر تحديث 2024/10/16 - 10:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 205 الشهر 6592 الكلي 10036315
الوقت الآن
الأربعاء 2024/10/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير