نيران مشتعلة
نوري جاسم
النيران التي تشتعل في دواخلنا ليست دائمًا نتيجة لأحداث كبيرة أو مصائب عظيمة، أحيانًا تكون النيران مستمرة، متقدة ببطء، تخبو وتشتعل، تتغذى على مشاعرنا، أفكارنا، وذكرياتنا، وهذه النيران التي قد لا يراها الآخرون، تحمل في طياتها قوة تحويلية قد تدفعنا للتغيير والنمو، أو قد تستهلكنا بالكامل إذا لم نتعامل معها بحكمة ووعي، والنيران الداخلية تتقد بين الألم والأمل، وخي تتفاوت من شخص لآخر، ففي حين يجد البعض أنفسهم يحترقون من الداخل بسبب جراح عاطفية أو تجارب قاسية، يجد آخرون في هذه النيران وقودًا للتحدي والمثابرة، وتعتبر هذه النيران جزءًا لا يتجزأ من التجربة الإنسانية، وهي التي تصقل شخصياتنا وتمنحنا القوة للتغلب على الصعاب، وعلى مستوى أوسع، تمثل النيران المستمرة تلك الأزمات والتحديات التي تواجه المجتمعات سواء كانت تلك النيران تجسد صراعات سياسية، اجتماعية، أو اقتصادية، فإنها تحتاج إلى استجابة واعية ومستدامة، والمجتمع الذي يستطيع تحويل نيرانه إلى طاقة إيجابية، هو المجتمع الذي يستطيع البقاء والنمو، ولطالما كانت النيران رمزًا قويًا في الأدب والفن تعبر عن الشغف، الألم، التحول، والنهضة، وقد استخدم الشعراء والكتاب والفنانون النيران كرمز للتعبير عن الصراعات الداخلية والخارجية، وعن التحول والنهوض من الرماد كطائر الفينيق، ويجب التعامل معها بالوعي والتقبل، والتعبير والتفريغ والاستفادة من طلب المساعدة والدعم من الأصدقاء، العائلة، أو المختصين، حيث يمكن أن يكون له تأثير كبير في مساعدتنا على التعامل مع نيراننا، وكذلك من خلال التعلم والنمو، وتحويل التجارب السلبية إلى دروس نستفيد منها في حياتنا المستقبلية، ويمكن أن نجعل من نيراننا مصدرًا للقوة والتحفيز، والنيران المستمرة ليست مجرد معاناة، بل هي فرصة للنمو والتغيير، وهي تلك القوة الخفية التي تدفعنا لنكون أفضل، أقوى، وأكثر وعيًا، والتعامل مع هذه النيران هو ما يحدد تأثيرها علينا وعلى حياتنا. لذا، دعونا نحتضن نيراننا، نتعلم منها، ونجعلها دافعًا لنا للمضي قدمًا نحو مستقبل أفضل، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.