الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أساتذة علمونا والبداية من جزاع              

بواسطة azzaman

أساتذة علمونا والبداية من جزاع              

عمر علي حيدر

 

«من لا شيخ له فشيخه الشيطان»

مقولة أراد صاحبها (المجهول) أن يبين أن الإنسان من دون معلم يسير مُكِبّاً على وجهه لا على صراط مستقيم.

والمعلم هنا كل معلم، فمن يعلمك القراءة والكتابة -ولو حرفاً - معلم، ومن يعلمك الدين وسائر العلوم معلم، وليس للمعلم شرط غير أنه يُعَلِّم، فقد تتعلم من طفل معلومة كانت غائبة عنك، أو إيضاحاً كان بعيداً منك، فيكون استاذك شئت أم أبيت!، فقابيل تعلم من غراب، وسليمان ع تعلم من هدهد، وكثير من الناس تعلموا الهندسة والتخزين من حشرات (النمل والنحل)، والطيران من سائر الطيور، وصناعة الرادارات التي تتفوق بها الأمم اليوم في التقنيات الحربية تعلموها من الخفافيش!.

ولا علاقة للتعليم بالمنزلة، فلا صغير ولا كبير إلا بالعلم، فقد يتعلم العظماء ممن هو أدنى منهم، وقد تعلم موسى ع من الخضر، وهو رسول وذاك نبي -او رجل صالح-، وعلا قدر آدم ع على الملائكة وسجدوا له اعترافاً منهم بفضيلة علمه.

وفاضل الخالق جل في علاه الناس بالعلم، ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات))، ولا يزال الإنسان عالما ما دام يتعلم، فإن قال علمت فقد جَهِل.. كما تقول الحكمة.

وعلى مشارف الأربعين من عمري الصحافي، امتن الله سبحانه عليّ باساتذة علموني بمهنيتهم، وسلوكهم، إذ لم أجلس لهم على مقعد في كلية أو معهد، وإنما جمعتنا مهنة الصحافة، فرأيت منهم وتعلمت ما يعز على أحد أن يتعلمه في جامعة وكلية، أساتذة لهم تاريخ مهني، وأدبي، وإنساني، وحضور في القلب قبل أرض الواقع.

علو منزلة

سأبدأ بأستاذي البروفيسور  الفيلسوف طه جزاع، ماذا تعلمت منه؟

تعلمت -من بين خصال كثيرة- التواضع مع علو المنزلة، المهنية العالية، الإلتزام، المسؤولية، المواظبة، عدم المجاملة، تجاوز التحديات، وسأركز فقط على الوفاء للاساتذة لأن الحديث بالجميع يطول وقد يحتاج كتاباً!، فلأساتذته نصيب في كتاباته وأحاديثه، الشخصية والإعلامية، ومن بينهم  د. محمد توفيق حسن، والفيلسوف الكبير المرحوم مدني صالح، لكن عندما يحدثك عن أستاذه مصطفى كامل الشيبي كأنه يحدثك عن معشوق، عن أب، كنت أغوص في (عرفانيات) حديثه، وعندما قرأت (حكاية الدرويش والحلاج) تعلمت أن البر لا يقتصر على الوالدين، فللاساتذة نصيب وافر، وإني لأرجو الله أن يرزقني البر به، كما رزقه بره باساتذته.

ومن أستاذي زيد الحلي، الذي أراه مؤسسة إعلامية متحركة، بالغة التأثير، تعلمت - ولا أزال - كيف أجدد أفكاري، واختار عباراتي، واتطرق إلى هموم الناس في كتاباتي، وهو بعد ذلك كله كأستاذي جزاع برُّ بأساتذته وأصحابه، فكثيراً ما يتحدث عن الاساتذة سجاد الغازي، شيخنا جلال الحنفي، استاذنا حميد المطبعي، باسم عبد الحميد حمودي،  ودكتور عماد عبد السلام رؤوف، وأخيراً -وليس بآخر- المذيع الراحل حسين علي حافظ رحمهم الله جميعاً، يتحدث عنهم بكل المودة المحبة والوفاء، فكيف أتعجب من علو مكانته بين أصدقائه ومحبيه، وأنا منهم.

وإلى أستاذ ثالث، الدكتور  أحمد عبد المجيد، رئيس تحرير جريدة الزمان -الطبعة البغدادية- الأستاذ الذي احتفينا به ومعه قبل ايام بصدور العدد 8000 من جريدة الزمان، تلك التي لا يقرؤها منصف إلا ثمَّن ذلك الجهد الجبار الذي جمع بين الحرفية العالية، والإلتزام، والصدق، والمسؤولية، والقلب المفتوح للجميع، وقد توّج هذه الصفات الرفيعة التي يتحلى بها بالوطنية العراقية التي تسمو فوق كل الصفات، فجلست الزمان على عرش صحف العراق بلا منازع.

مسيرة حافلة

ومن أستاذي دكتور أحمد إلى استاذي صباح اللامي، هذا الاستاذ الذي لا يوجد في قانونه مدى ينتهي إليه العطاء، فبعد مسيرته الحافلة في عالم الصحافة والإعلام أسس موقع (برقية) العذب، اسماً ومحتوى، ليقول لكل اعلامي ومثقف، هذا مسارك، وذاك تاريخك، خذ هذا المصباح وانت تمشي في الظلام حتى لا تتعثر في مسيرتك، فتصل كما وصلنا، إلى نتيجة واحدة، الوفاء، والاصالة، وحب الإنتماء، والإعتزاز بكل ماهو عراقي، هل عرفتم ماذا علمني استاذي صباح؟

ومن الحديث عن كل أستاذ على انفراد، اتحدث الآن عن الصفات المشتركة التي تجمع أساتذتي الأربعة هؤلاء، والتي أوجزها بعدم المجاملة في تقييم المادة المكتوبة، وعدم المماراة مع جهلة الإعلام بدافع الصداقة، ولا مكان عندهم للمصلحة، والمداهنة، ومسح الأكتاف، والجري وراء الإمتيازات والمناصب، وهم بعد هذا ثابتو القلوب، جميلو الوجوه، لا تؤثر فيها تقلبات الأيام، والمواقف، كيف لا وهم يجمعون أيضاً صفات أخرى تعلمناها منهم هي: المهنية، والحرفية العالية، والصبر، والتأني، والعطاء غير المحدود، والأمانة، وكتمان السر؟!. أليس من حقي الفخر باساتذتي، وبوطن أنجبهم، وحياة جمعتني بهم؟.

حفظكم ربي من كل سوء، ودمتم معلمين رائعين.


مشاهدات 293
الكاتب عمر علي حيدر
أضيف 2024/10/05 - 3:24 PM
آخر تحديث 2024/11/24 - 11:27 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 41 الشهر 10421 الكلي 10053565
الوقت الآن
الإثنين 2024/11/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير