الافلاس السياسي واساليب اشغال الشعوب
عمار الربيعي
يقول زعيم الثورة البلشفية التي قادها البلاشفة عام 1917 في روسيا القيصرية قبل ان تصبح دولة الاتحاد السوفيتي , وفي معرض التنظير لقائد الثورة البلشفية , ان السياسة اقتصاد مكثف او مركز , ويعني ذلك انه يصعب الفصل بين السياسة والاقتصاد , فالمتحدث في السياسة هو حديث بالاقتصاد والحديث في الاقتصاد هو تعبير عن رؤى سياسية , وبالتأكيد ان الحكومات الوطنية مهامها الاساسية هي المحافظة على النظام العام والامن وحدود وسيادة الدولة بكل مكوناتها والتي يفترض ان تكون دولة مؤسسات تعلن عن برنامجها السياسي والاقتصادي لا نها مسؤولة عن ادارة الدولة بمؤسساتها واجهزتها الاقتصادية والمالية والامنية ولديها جيش نظامي وقوة يحسب لها الحساب في الحفاظ على أمن الدولة ونظامها العام وحدودها وسيادتها وفق نظرية مركزية القرار واحترامه لاسيما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للدولة وما يتعلق بمصلحة الشعب على مستوى الدولة , كإدارة الموارد الاقتصادية المتاحة واستثمارها بكفاءة بشكل يعكس أثارها الايجابية على عموم الشعب والبلاد تماما من خلال منظور العدالة الاجتماعية وذلك ببناء وتأهيل القطاعات الاقتصادية , زراعية , صناعية , خدمات , والتركيز على قطاعي التعليم والصحة بعد تحقيق الامن الداخلي وبناء جيش قوي ومنظم ومدرب لصد الاعتداءات الخارجية سواء الدولية او الجماعات السلفية , كما حصل في بعض الدول ومنها العراق , وخلال فترة توالي الحكومات التي تتوالى على الحكم انتخابيا بغض النظر عما اذا كانت عملية الانتخابات سليمة او لا , المهم ان هناك حكومة جاءت عن طريق الانتخابات وهذه الحكومات المتوالية توعد الشعب بانها ستعمل على رفع المستوى المعاشي والخدمي في مختلف المجالات الامنية والصحية والتعليم وتوفير فرص العمل ........ألخ, وهذا ما تريده الشعوب من حكوماتها , ولكن عندما تمر السنين والوعود متوالية من كل الحكومات المتوالية أيضا ’ وبالتالي النتيجة مخيبة للآمال بعد سنين طوال , حيث يظهر ان الفساد أصبح معضلة كبيرة ومتفشية في كل المفاصل ,ويبرز الاعلام سرقات للمال العام يسجن مرتكبوها ويفرج عنهم بعد أيام قلائل بكفالة خلافا للقوانين , يفرج عن سارق للمال العام بكفالة, أمر غريب ولكن يبدوا ان العالم في تغير فالذي كان لا يصح , أصبح لدى بعض الحكومات يصح ,ويتبين بعد أيام انهم سافروا خارج بلدانهم , حيث لم يحاسب مرتكبو جرائم سرقات المال العام بكل أشكاله وان القوانين معطلة حيث لا سيادة للقانون , وقطاعات الدولة معطلة , الصناعة , لا للصناعة , الزراعة باقية على مبادرات المالكين والفلاحين , رغم ظروف الجفاف والتجاوز على حصة البلد المائية دوليا دون المطالبة الجادة لدول المنبع والمرور رغم حجم التبادل التجاري الذي يتجاوز 20 مليار دولار مع دول المنبع والمرور ,لا تستخدمه الحكومات المتوالية كأسلوب ضغط خلال المفاوضات ان جرت هذه المفاوضات بجدية , أما الكهرباء فهي في تراجع والتعليم والصحة في تراجع والامن ليس بالمستوى المطلوب , مع تعدد مراكز القرار , حيث تشاهد ان بعض الشخوص يجتمع مع هذا السفير أو ذاك دون ان تكون له صفة حكومية فقط هو رئيس لمجموعة مرة تسمى حالها حزب ومرة تسمى حالها كتل لكنها تهيمن على الساحة وتدير نشاط الدولة , ويسميها البعض الدولة العميقة , في ضوء ما تقدم هل الحكومات ناجحة في عملها , بالتأكيد كلا , وبالتالي لم تحقق أهدافها وهي بذلك تواجه افلاس سياسي لان الدولة التي لم تحقق أهدافها هي دولة تواجه افلاس سياسي لا نها كما ذكر لم تحقق أهدافها , فالبطالة في اوسع حالتها وترى التظاهرات من جيش العاطلين باستمرار وهم يواجهون الاعتداءات من القوات الامنية , وسنويا تزداد اعداد العاطلين الذين اصبحت اعدادهم في ازدياد في ضوء التوسع غير المبرمج في التعليم الاهلي دون تنسيق مع الجهات المعنية بحاجة السوق ,اضافة الى المشاكل المجتمعية التي تعدد ت أسبابها وابرزها المخدرات والمشاكل الاقتصادية , وبدلا من ان تحارب الدولة مظاهر الفساد وتفعل القانون وسيادته و تعمل باتجاه النهوض باقتصاد البلد , تلجأ الى اتباع اساليب تشغل الشعب وتصرف أنظاره عن مظاهر الفساد وسرقات المال العام و الحالات المماثلة , وهناك الكثير من حالات الفساد سواء بالعقود والضرائب والمنافذ الحدودية او الموانئ او سرقات النفط المنظمة منذ سنين ,لذلك اشغال الشعب عن هذه الاحداث بكل قوميا ته ومذاهبه وأديانه هو استراتيجية للمتنفذين في مختلف المواقع , بقضايا مثيرة وغير مقبولة يعرف ان الشعب سينشغل بها كما في حالة ما يسمى تعديلات قانون الاحوال الشخصية, و رغم الاحتجاجات والتظاهرات والآراء الرافضة لهذه التعديلات الا ان هناك اصرار على امرار التعديلات دون اعتبار لا راء الشعب المعني بالموضوع الذي انشغل بالتعديلات عن موضوع السرقات , هكذا تعمل الحكومات في حالات الافلاس السياسي ,ترك موضوع السرقات المتعددة التي تكفي مبا لغها لبناء مستشفيات حديثة اثنان في بغداد وواحد في الموصل واخر ي البصرة وواحد في المثنى , مستشفيات حديثة ومجهزة بأحدث الاجهزة وأفضل الاطباء من المهاجرين بعد توفير الامان والمحفزات لهم من المنتشرين في العالم بدلا من ذهاب المرضى العراقيين الى دول اوربية او للهند ولبنان والاردن , البلد ليس عاجزا والقدرات متوفرة ,اذا يحتاج الامر الى الجدية والبدء بعملية بناء واعمار وتحديث لكل القطاعات الاقتصادية على أساس الوحدة الوطنية والانتماء الوطني والتخلي عن المصالح الذاتية والفئوية .