الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الدولة الطائفية كيان فاشل على كافة الأصعدة

بواسطة azzaman

الدولة الطائفية كيان فاشل على كافة الأصعدة

ضرغام الدباغ

 

النظام الطائفي في العراق، أثبتت خلال السنوات الاثنا والعشرون المنصرمة، أنه نظام فاشل بامتياز، ليس فقط بسبب شيوع الفساد بدرجة غير مسبوقة تاريخياً، فأنا لم أسمع ولم أقرأ نظاماً أفسد من نظامنا العراقي الحالي. حتى يمكن القول بلا حرج، أن كل مسؤول مرت من أمامه مبلغ من المال الحكومي العام، أستولى على ما نسبته 60 بالمئة على الأقل.، وأن أتفه مشروع سخيف ومضحك، كالسطل / الجردل البلاستيكي الذي حولوه لنافورة مياه، أعتبر منجزا حكومياً، يستحق الاحتفال به، هكذا دون حياء في بلد شيد وأفتتح سدود ضخمة : دربندخان، دوكان، الثرثار، ومصانع ضخمة، ومشاريع عملاقة.

ومع ذلك ليس الفساد الإداري والمالي رغم فضاعته، وحده المسؤول عن فشل الدولة الطائفية، فالطائفية العلنية للدولة وحدها كافية لتصرع آمال التنمية والتطور، لماذا ...؟ لأنها توفر المناخ لسلبيات عميقة أخرى كالفساد وغيره، لأن الطائفية وحدها تكفي لتدمير كل تطلع إلى الأمام بل يصح اعتبار الفساد فرع صغير من فروعها وسأثبت لكم اعزائي القراء.

التوجه الطائفي ليس بخيار وطني، بل هو نموذج استعماري مطروح للعمل به من دولة مهيمنة، تريد إبقاء الهيمنة على البلاد والعباد بتفتيته إلى عدة كيانات، وتنصيب أذناب وذيول لها على رأس الأنظمة، وتنفخ في كير الصراعات الطائفية لتحول دون تجمع حبات السبحة ... هذا ما حدث في أكثر من مكان بحسب توفر الأجواء المناسبة لها ، في حين تتجنب الدول الاستعمارية التطرق للطائفية في بلدانها، رغم أنها نار تحت الرماد، فالأوربيون تقاتلوا 30 عاماً طائفياً من عام  1618 إلى عام 1648.

قوى استعمارية

في لبنان كمثال ممتاز، ولبنان بلد بمكوناته يمثل وسطاً ثقافياً ممتازاً منذ أزمة قديمة بسبب إطلالته على حوض البحر المتوسط (بحر التجارة والثقافة والعلاقات بين الشعوب)، ومجاورته لبؤر حضارية ممتازة، كمصر والعراق، تعرض لبنان للتقسيم الطائفي الجائر على أيدي قوى استعمارية لا تنظر إلى أية قضية إلا وفق مصالحها، وبرؤية لا يهمها أن تسحق تطلعات الشعوب، وهنا لاحظ فقط لو لم تقسم سورية لكانت كيانا يضم سورية الصغيرة، ولبنان وفلسطين والأردن،  السفر براً من سورية لمصر براً أو بالقطار لم يكن يكلف سوى ساعات، ولكان التكامل الاقتصادية في سورية لوحدها قد بلغ درجات رفيعة، فسوريا كانت بإنتاجها من المنسوجات تكفي الإمبراطورية العثمانية بأسرها ..! ولكن الاستعمار الفرنسي / البريطاني، كان يرى من أجل الهيمنة والسيطرة أن يخترع أسباباً ليخلق كيانات: لبنان، والأردن، ويجد شذاذ أفاق ليقتلعوا فلسطين كل هذا جرى، لأنه الجماعة الفلانية مسلمة، والجماعة الاخرى مسيحية، وسنجد يهودا  نقنعهم بأن يأسسوا كياناً يهودياً ..وهكذا جرى تقسم سوريا الكبرى. الاستعمار لتصبح بؤرة نزاع وصراع، بدل أن يجدوا صيغاً للعمل وتأسيس دولاً حضارية، أقنع غلاة الطائفية بالحرب فيما بينهم، بدل من تحرير وتوحيد اقطارهم ..! هكذا فهم الغرب الراقي المتحضر أسلوب الإدارة ...أنتزعها حرباً من العثمانيين ليدمرها بأناقة وحشية نعاني منها ليومنا هذا ... !

ولم يكتفوا بهذا التمزيق، هذه شعوب راقية لا تستكين، ففكروا تقسيم سوريا لخمس دويلات بواسطة أذناب ليس من العسير العثور عليهم ..! ولكنه فشلوا .. هم يحاولونها اليوم وحاولوا تقسيم لبنان فوق التقسيم الطائفي ذو النتائج الوخيمة، فكل انتخاب للمواقع السيادية، يعني صراعات خفية وعلنية تدور، وليس نادرا ما يستخدم فيها الاغتيالات السياسية، والعنف الدموي المسلح،  الهدف الوحيد غير المعلن هو الإبقاء على المنطقة تغلي وتتصارع لكيلا تستقر. لتوفر سببا للتدخل، وبلدان تصرف طاقاتها الاقتصادية والعلمية والبشرية على الصراعات الغير مجدية، وهكذا لبنان البلد الأنيق الجميل المثقل بكفاءات أبناؤه، الذي كان في عام 1970 أكثر رخاء ورقياً من كثير من البلدان الأوربية بما في ذلك دول متقدمة. والطائفية إذا استعرت فتقسم الطائفة الواحدة إلى خمسة ...! 

العراق كان حجر الزاوية المتين الصلب .. فكروا كثيراً قبل اختيارهم تدميره، ليس بسبب الأسلحة ولا الديمقراطية الهزلية، ولا حقوق الإنسان، لم يكن سوى هدف واحد وحيد : هو تدمير القاعدة المحتملة لوصفة التقدم  العربية، بلد قوي يتمتع بقوة، والأهم القيادة المخلصة، فجرى ترتب الذرائع، والأعوان والمساعدين، و30 دولة للعدوان ..ثم تقسيم هذا الشعب الشجاع الذكي، عبر جرثومة الطائفية والعنصرية، والفساد الذي أستشرى بدرجة الوباء ...تدمير له بداية ولا يشاهد له نهاية ..!

الطائفية هي ابتداء عزل طائفة، أو طوائف أخرى، وهنا لا يهمنا حجم المعزول أو المعزولين، سواء أن صغير كان أم كبيراً،  وهذه الخطيئة الأولى التي أرتكبها نظام الاحتلال، فجاء بنفايات ووضعها تحكم بلاد كانت على وشك مغادرة قائمة البلدان النامية .. ولكل من يعتقد من السذج، أنه يمكن أن يستخرج تقدما وتنمية من هذا الكشكول، نقول فليراجع الأطباء لفحص سلامة رؤيته ....!

 


مشاهدات 236
الكاتب ضرغام الدباغ
أضيف 2024/10/03 - 2:31 AM
آخر تحديث 2024/10/05 - 11:16 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 15 الشهر 2190 الكلي 10031913
الوقت الآن
الأحد 2024/10/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير