بطل سومري تنفس في اوروك.. صرخة الشاعر الأولى الإبداع الواعي
نجم الجابري
حينما فكرت ان احاوره كنت اعتقد انني امتلك الوسيلة لافحامه ولما جاءت ردوده افحمني الى الابد
مواليد السماوة 1956 في محطة قطار السماوة ، حيث كان ابو يعمل في محطة القطار ، كتب الشعر في السبعينات ونشر في بعض الصحف العراقية والخليجية ، ساهم في انشاء المنتدى الادبي للشباب في السبعينات مع مجموعة من شعراء مدينة السماوة ، غادر العراق نهاية عام 1997 الى سوريا ومنها الى النرويج حيث يعيش في النرويج منذ العام 1998 , وما زال يعيش فيها . اصدر المجموعة الشعرية الاولى عام 1997 ( مواويل فتى جنوبي ) بجهود ( منصور الناصر ) طباعة اوفسيت ثم اصدر مجموعته الشعرية الثانية ( رقصة الظل ) عن دار الواح في اسبانيا وذلك سنة 2007 ، اصدر عام 2012 مجموعته الشعرية الثالثة ( انكسار المدن ) عن دار الضياء للطباعة والتصميم في النجف ، واصدر مجموعته الشعرية الرابعة ( مراثي الفراشات ) عن دار تموز للطباعة والتشر في دمشق . نشر عشرات القصائد في الصحف والمجلات العربية والعراقية والمواقع الالكترونية ، ضمن في كتاب باللغة النرويجية يضم الادباء العرب في المنفى منذ 500م - م2015 تحت عنوان ( تاريخ الادب والثقافة العربية ) ( arabisk littratur og kulturhistorie
كذلك ضمن في موسوعة الشعر العراقي الفصيح من اعداد ( فاطمة بوهراكة ) .
كتبت عنه دراسات نقدية قليلة وذلك لعدم قربه من الدائرة الثقافية التي تتطلب منك ان تكون غير ما انت ، عضو اتحاد الادباء والكتاب العراقيين . عضو نقابة الفنانين العراقيين ،
كيف تقدم نفسك للمتلقي ؟
-انا نجم عبيد عذوف واسم الشهرة ( نجم عذوف ) ولدت في السماوة بين ضجيج القطارات وَتهتُ في دروب المحطات وما زلت ابحث عن نفسي بين ضجيج الحروب
هذا الرجلُ الذي تجاوز الستين
يتكئُ على عصا من شجر المنافي
يُطربُ لصوت داخل حسن ، و ( بَحّتُهُ )
التي تشبه إعصار تسونامي
هذا الرجلُ متهم بضياع عمره على الأرصفة
وزع سنواته الفائضة التي منحها ابوه له
بين الحروب والطرقات الموحلة
رجلٌ بائسٌ يستظلُ بالشمسِ من الشمس
يقال ان درجة الوعي عند الشاعر تقاس بخطورة الانتساب بصدق للقصيدة مما يجعله يخشى ارهاصاتها الاولى كيف يستطيع الشاعر ان يحصن نفسه من شراسة معانقتها في لحظة الولادة؟
- اعتقد ان الشاعر تأخذه القصيدة في دهاليز المعرفة للبحث عن الذات الانسانية التي تثبت وحود الشاعر في هذا الكون ، اما الارهاصات مثلما أسميتها فانها مفتاح للولج الى عوالم بعيدة لتكوين فكرة محضة لوجود محض
الوعي ضرورة من ضرورات الشعر فالشاعر لابد أن يكون له سلاح قوي وهو المعرفة والوعي وهذا ياتي من الاطلاع على العلوم والمعارف والفنون والتاريخ الذي يضيف الى موهبته الشيء الكثير ،
الشاعر على صراع دائم مع القصيدة وهذا يُعد ضرب من الخيال المتوهج المستوحى منّ الإشكالية بين الشاعر والنص :
ليسَ هناكَ سحابة تظللُ صمتنا من سورِ الخوفِ
ولا نجمةً تُضيء قدرنا المعتم
نحن ندامى الهزيع الاخير من الذاكرة
عندما تلتقي النص او يلتقيك الى اي منحدر لغوي يأخذك هذا الانسكاب والى اي باب يتجه لباب الطفولة ام باب الحب ام باب الحنين او لعله باب الدهشة؟
النص الشعري في لحظة وقوعه هو شرود وتمرد على النظم اللغوية والشعرية ، فبدايته صراعات دراماتيكيه بين الاثبات واللا اثبات بين الدال المعرفي واللامعقول ففي اغلب الاحيان استفيق من هذا الصراع فارى اني موجود بالمجهول .:
لا تدع قاموس الكسل يكتب فوق خيالك كلمات بلهاء
(فحط) ف نهرك ما زال طافحا يفيض ليغرق الحقول اليابسة
السرير المهتز توقف هذيانه وأنت ما زلت تطارد أفخاذ السهرة وتهتز كفارس يمسك بالانتصارات
أيها المنتصب كرمح إغريقي تداعب صدر الآلهة الوثنية
وتمسد جسد القربان العذري وتتحد مع القمر الثمل
من يستضيف من القصيدة تولد مع الشاعر اومنه اوهو يولد من رحمها او كلاهما في ضيافة المتعة والتكهن والولادات المتعددة؟
ج - القصيدة والشاعر كرحم الأم كلاهما يمنح الاخر دفء فذات الشاعر رحمٌ كبير يحتضن الافكار التي تغذّي القصائد وهنا تولد الفكرة وهي على شكل قصيدة وهذه الحالة دائمة الوجود في رحمِ الذهنية للشاعر
لأنني لا أراكُ فأنا عارٍ أمامَ التقويمِ الوثنيِ
يجرني النهرُ إلى اليأسِ والحدائقِ الخاويةِ
إلى نشيدِ الحزنِ السومريِ القديمِ
إلى المعابدِ السريةِ
إلى الضميرِ المستترِ خلفَ المواعيدِ
الكاذبةِ
اذاكانت القصيدة انخراط قوي وعنيف في الاستماع للعوالم المدماة بالجرح والحلم فهل الشعر قادر على تغيير نقاء هذا العالم بعيدا عن الحرب وقتل الاطفال والنساء ؟
- الشاعر المعرفي الذي يستطيع أن يفهم كل ما يدور حوله ويتفاعل معه ، يستكشف الشاعر أفكاره وعواطفه، وكذلك علاقته بالطبيعة والعالم من حوله، وبناء على هذا فان الشاعر يحاكي لما يجري باستعارات مفتوحة ، هذا ما يستطيع فعله بين الوقائع المادية والنظرية في الدفاع عن تلك العوالم المؤلمة الممزقة
في الجغرافية الانسانية من يحمي القصيدة حصن الشاعر الدائم وفيها ارهاصاته وغربته وغرائبيته وحزنه الحلو وشجنه النافذ وسريته وحميميته ام الشاعر مهندس النص وخالقه؟
-الشاعر كائن غرائبي بمفهوم الغرائبيه المعرفية التي لا تنتهي بمفهوم المكان المتحرك الذي يقع تاثيره على تفاصيل جديده لمكان غير مالوف ، الشاعر نبيٌ في صياغة تكوينات خارجة من عوالمه المحلقة في النص الشعري فهو الذي يحرس النصوص التي تعرج به الى العوالم الجغرافية المكانية العميقة والزمكانية المنحدرة من نشأته البيئية والاجتماعية ، الشاعر كائن اخر يتجسد في شكل نصوص ربما تكون حزينة أو مفرحة وحتى في لغة الحزن والفرح هناك صناعة الجماليات المعرفية في بنية النص الشعري ، فهو حارس للنصوص ومحروس بتعويذة الشعر
هل يمكن ان يكتبك النص وتجد ولادته يسيره في لحظة وجع كاملة يعيشها الشاعر مستترا عن نفسه والقضية؟
- هذه حكاية أخرى ما بيني وبين النص كما قال الشاعر والناقد الانكليزي صمويل تايلور
ما من أحد يستطيع القفز فوق ظله
ولكن الشعراء يقفزون فوق الموت
النص هو تضخم لإحساس الشاعر بالموت ، فبقدر ذلك ولادة النص اشبه باوجاعنا اليومية ومعاناتنا القسرية التي تحمل تاملات ما بعد الكلمة وترميها في عالم السكينة الأبدية ، فالحياة مع الشعر هي تجارب معكوسة لضمير الشاعر الذي يتأبط رغبة المعنى ، خذ مثلاً ما زلنا نعيش في ضجيج الحروب والموت السهل والتشريد فكل ذلك مؤثر في المشهد الإبداعي وهذا النص يعطيك إننا حبيسي هذا الواقع وهذه الصورة التي رسمتها السنوات الماضية
وحيداً نامَ أبي في مقبرةِ الفقراء
يتطلعُ الى القادمين بباقةِ ورد تقتل الضجرَ
كان أبي يمنحنا من عمرهِ شيئاً ،
الى أن مات مبكراً
كان أبي فيئاً نستظلُ به من لهيب ارواحنا
فكانت أيامهُ تحترق ليطفئ شرودنا المقيت
وحيداً ابي يجوب منافي الفقر
اذا فرضنا ان الزمكان يغذي النص بالخلاصة ويؤسس مراحل عبوره نحو الولاده والحلم بهدو ءهل بمقدورك ان تروض المكان بلغة بعيدة عن الزمان ام يستحيل طلاقهما؟:
ج - ترويض المكان بعيدا عن زمانه ليس بالسهل ونحن نحمل في داخلنا الضدين معاً ، الهروب من المكان الى المكان وشطب الزمان باستحضاره ، وهذه تدخل في الحالة النفسية للشاعر في القصيدة هي حالة استبطان وتأمل في الذات. يستكشف الشاعر أفكاره وعواطفه، وكذلك علاقته بالطبيعة والعالم من حوله. إنهم يفحصون المشهد الداخلي الخاص بهم، ويحاولون فهم تجاربهم وعواطفهم. ويمكن ملاحظة ذلك في الطريقة التي يصف بها الشاعر محيطهم والمشاعر المرتبطة بهم. كما يتصارع الشاعر مع أسئلة وجودية، مثل معنى الحياة وطبيعة الواقع. بشكل عام، الشاعر في حالة تأمل واستبطان ذهنية. لذا ترويض الذاكرة للمكان والزمان معا ولا يمكن الفصل بينهما ، لانه ستظهر الحالة نشاز ونحن نسعى الى التآلف .
في الشعر التشكيلي يمكن ان تقوم الثقافة العميقة للمتلقي من خلال توزيع النص بذكاء وفهم طلسمه ولغة ايحاء القصيد الى اي مدى يمكنه قراءة النص في مكمن الجمال المطلق؟
- ربما هناك عوالم سحرية واستعارات حوارية يستقبل المتلقي الذي يفقه دلالات النص وخصائصه اللصيقة بالفكر الإبداعي مهما كانت الطلاسم الموجودة معقدة الا انها تصنع إيقاعاتها في رؤيا الانسان المتطلع الى المنظور الإبداعي ، والذي يعطيه النص جرعة جديدة وصدمة مفاجئة لذا فالشاعر الصانع الماهر الذي يتحدى السائد في غمرة انشغال القارئ بالأسلوبية ليكون اللاعب الحر قادرا على استرجاع ما تشاء ، لذا : فالجمال المطلق يكون نسبي في فهم الواقع والذائقة المتوارثة من الاماكن العشوائية الغير محددة الاتجاهات ،
الموروثات بكل ما تحمله صفاتها هي اشكالية اخرى للمتلقي .
في جغرافيا المتن الشعري الحديث ولدت قصيدة الاحتفاء والاحتفال والمعيشة هل استطاعت قصيدة التعب اليومي ان تكسب بعدا جماليا خصبا خلاقا في ان واحد اي بين الشعري واللاشعري ؟
- معادلة الفرح والحزن أزلية التكوين ولكنها تتبلور في النص الشعري بدلالات اخرى ربما تكون أكثر بؤسا او فرحاً هنا تكون بعض النصوص خاضعة لضغوطات نفسية أو تخييلية تهيمن عليها اللحظة التي يكتب فيها الشاعر النص ، وهذه الحالة تمنح الشاعر كيان اخر وعالم اخر ، فيصنع منها صورة تهيمن عليها رؤيا المعاني المكتسبة من المخاض الذي تحمله القصيدة ومفردات الحدث ومعطيات الواقع ، الإحتفاء بالنص والاحتفال بالشاعر هما تصالح مع الذات لذا ظل الشاعر هو نصه الشعري الذي يسعى خلفه .
اذا كان الابداع قرين الشاعر فهل منحك الشعر هذه الصفة او الفرصة للانصات للطفولة ومكائدها والخسارات والاحلام في عالم المرأة؟
- أولى الخسارات هي الطفولة ، نحن ولدنا في بيئة عمالية فقيرة فكانت خسارتنا كثيرة ، نحن مخلوقات كانت تعتقد ان السماوة نهاية الكون ، حرمنا من البوح بالحب وإن كنا نتحايل بين الفينة والأخرى على خوفنا لكي نسترق نظرة من هنا ونظرة من هناك ، انا كثير الاحلام بكل شيء بقدر الحرمان ، كنا نحلم بكل شيء لكن اليقظة تصطادنا بكمائنها اللعينة فنفر مذعورين . وحينما تفتحت أبواب المعرفة وقعنا في فخ الفضاءات الغرائبية ف استهلكنا سنواتنا مبكراً ، بين نزيف الخوف والهروب الى العزلة المخيفة ، حيث كنا نتحرى عن كل شيء ، بالرغم من قساوة طفولتنا الا انها لذيذة وممتعة بحزنها الجميل :
غرباء تسقطنا السنوات في وحل المنفى لننقرض كالديناصورات
غرباء ننزلق نحو الهاوية كثيرانٍ تُجر الى المسلخِ
غرباء ننتظر من يرثي ذاكرتنا المنحوسة
نصطف امام ذكورتنا العاجزة لتجلد فحولتنا الميتة
حينما انصت الى طفولتي اسمع صوت القطارات وهي تجر اخر عربة من اعمارنا البالية ، اما الصبية الاولى التي احببتها فقد رحلت وهي تحمل معها اخر نظرة الى المجهول .
النص الشعري لقاء عشق بين الشاعر والنص فاذا كانت القصيدك سر على راي مالارميه فهل على المتلقي البحث عن مفتاح السر ام عليه ان يبحث عن ابواب متعددة؟
- اعتقد ان مالارميه سعى الى التعقيد والرمزيه العالية ، اي انه كان يسعى للوصول الى النخبة ، نعم كل الكتابات التي تحمل الرمزية بها جماليات اكثر وبها تستطيع ان تجعل المتلقي ان يرتفع الى مستوى رمزية النص ولكن لا تثقلها بفك طلاسم تحمل شفرات مبهمة ، انا اميل الى الرمزية ولكن التي لا تتعب القارئ او المتلقي ولكن عليه ان يرتقي الى مستوى النص ومعرفة اسراره التي تشبه طبائع اللغة المنفلته من الدلالات الغامضة. فالنص الشعري هو معارف مأهولة بالمعرفة التي تنتمي الى الفرد بكل مفرداته الجمالية واللغوية ، أميل الى الموضوعية في النصوص التي تشهد ازدحام الفكر والقصدية اللغوية ، التغريب اللغوي ضرورة اذا حشدت معانيها الشائعة واستقرأت الدال والمدلول ، المتلقي مفردة من مفردات الدلالة في النص فعليه ان يبحث في المعنى المختلف للمعنى الغير مألوف ، المتلقى يقرأ حقول المعرفة الراسخة في ذاكرة النص .
يقال القصيدة امرأة غجرية مهذبة فكيف تراها انت؟
-انا لست صديقا مع القصيدة ، القصيدة او النص الشعري يؤلمني كثيرا ، حينما اقترب من القصيدة تستفزني الفكرة فأذهب بعيدا محملاً بلوعة الذاكرة ولوعة الترحال واحاول العودة جاهداً ممسكاً بالنص كالقابض على الجمر ، احمل معي شفرات لمفردات حياة اخرى وادون لحظاتي بمعاني اخرى .
لكنني لا أستطيع الابتعاد عن القصيدة فهي سر بقائي في الحياة.
انا مسكون بالشعر اختبأ خلف الذاكرة العقيمة والمخيلة بالغة التعقيد.
كيف تجلت صورة الحبيبة في قصائدك الاولى وديوانك البكر؟
- ديواني الاول قصائد اولى في بواكير الشباب جاءت مرتبكة ولكنني اعتز بها كثيرا فبعض من هذه القصائد موجودة في ديواني الاول وبه نص ينتمى الى السماوة وإلى المرأةالتي احببتها من طرف واحد ..
يا نخلة السماوة الحزينة
أين النواطير هنا وشجرة الرمان
وميف حال طفلتي أمينه
كل النساء كن يجلسن هنا
يكتبن كل الهم في فراتنا
( مثل ام ولد غركان وابره الشرايع )
ايهما ارتقى على الاخر في مجموعتك الثانية المرأة ام القصيدة وكيف؟
- انا مشغول بالقصيدة ومهوس بها فكل قصائدي هي الانسان احاول ان استكشف الذات الانسانية لذا ارسم طريقي بصعوبة بالعة بعيدا عن الاعلام وبعزلة ثقيلة فلا وقت لدي لان اغامر في تجربة مصيرها الفشل انا لا اتغزل الا بالوجع الذي اعاني منه ويعاني معي كل الفقراء والمستضعفين .
احاول ان افتح أبواب مغلقة في نصوصي التي تحمل حكايا كثيرة ومتنوعة فانا ابن الطين الذي أصابتني الريح وكسرت جناحي كما قال الحصيري رحمه الله ( كأني طيرٌ كسر الريح جنحهُ .. فأنقذه ظفر العقاب المطارد )
انا مطوق باللهاث خلف النص و اسعى الى العلاقة بين الوقع الدلالي للتص والوقع الدلالي لموسيقى النص ، المرأة اغلقت بابها بوجهي وانتهى كل شيء ، مع اعتزازي بكلّ النساء
ارى ان هناك من يبالغ باعتبار الشعر كمال وبدونه خراب وهو كيف ترى حقيقة الشاعر المطلقة :
ج - ليس هناك في الكون كمال او مطلق الا الله ولكن الشعر ترميم للذات وتحفيز الذاكرة منذُ القدم استخدم الإنسان الكلمة للتعبير اليومي للاشياء والاستدلال عليها وفي حقب زمنية مختلفة تطورت اللغة بمفرداتها الجمالية لتصبح موسيقى تصاغ على شكل لغة جميلة. الشعر يصف او يرسم مراحل الخراب وينتقدها ويثير المجتمع للمطالبة بحقوقه وهناك شواهد كثيرة لا يسع الوقت لذكرها ولكن الشاعر مسؤول عن كل شيء ولا مطلق في المسألة فربما الشاعر يكون دكتاتورا اكثر من الديكتاتور وهناك من يطبل للديكتاتور ويمتدحه تكسبا للمال والشهرة وتقرباً من السلطان على حساب الظلم الذي وقع على الناس ، القضية بين الشاعر وخُلقه وقربه وبعده عن الواقع هو الذي يحدد مساره ، انا افقر الشعراء في وطني ما زلت ابحث عن لحظة صدق في هذه البلاد التي لن تنصفني ، البلاد التي مساحتها مقبرة .
الحب اعظم ابتكار حضاري وهمجي معا منذ الازل كيف توظف هذا الابتكار في صناعة النص الوجداني :
ج - النص الوجداني كذبة كبيرة في زماننا ، ربما الذين سبقونا كانوا أكثر صدقا في فهم الحب والعلاقة العاطفية النقية لذا جاءت قصائدهم تحمل اسمى علامات الجمال عن تللك العلاقة والأكثرمن ذلك انهم يفقهون العشق والهيام ليس كحالنا فما السردية عن قيس حينما جاءته ليلى وهو هائم في الصحراء ونادته قيس أنا ليلي جئت من اجلك فرد عليها ( دعيني اني مشغول بحبك )، اما نحن ابناء الماساة نعشق من اجل ان ننسى وان عشقنا فخساراتنا كبيرة لاننا لسنا نملك الحرية حتى في عشقنا ، نحن محكومون في العقلية القبيلة والنظرة الغير صحيحة ، مع انه ربما تكون هناء سوء نية في الموضوع فالشاعر هو ابن البيئة ونصوصه الوجدانية تاتي مما تريده البيئة التي يعيش فيها مع تحفظات كثيرة ،
انا اعشق الأنسانية واميل الى النص الوحداني الذي يتحدث عن عشق الاخرين واكتم في داخلي عشقي .
ايها القادم من صحراء الحزن
هل جلبت لي الدمع ،
كي اغسل السنوات المتدثرة بالخوفِ
هل تسمع أنين مدينة العقاب
وصوت النسوة وهن يندبن الحزن الازلي
كيف فاتك ان تزور مقبرة الروبوت ،
من اجل انكيدو خلك وصاحبك
لماذا مزقت قصاصات قصائدي
وألقيتها في حاوية ازبال مقهى فائق
صحيحٌ اني لا أجيد ممارسةَ الفرح
ولا اتصنَّع الضحك
لكن احزاني فرح لعين
وضحكي بكاء قرف
كيف تقرأ المشهد الثقافي العراقي عموما بعد الاحتلال والسماوي خصوصا:
ج - المشهد الثقافي العراقي زاهر بالأبداع والمبدعين ، نعم هناك هفوات في المسيرة الثقافية العراقي وهذه تعود الى البيئة السياسية بين من يوالي ومن يعادي وهذا مما اثر في تلكؤ المشهد الثقافي العراقي ، وهناك معطيات اخرى تدخل في خضم هذا المشهد المحسوبيات والعلاقات الجانبية فاعتقد هذه الظاهرة اكثر تأثيراً على الثقافة والمثقف ناهيك عن العوز الذي يمر به المثقف والمجتمع ، سواءً قبل الاحتلال ام بعد الاحتلال ، اعتقد ان الوضع الثقافي مرة يمرّ في حالة ارباك ومرة ينهض نهوض بائس ، التهميش يطال اكثر المثقفين العراقيين مع قصور المؤسسات الثقافية والحكومية في دعم الثقافة والمثقف ، هناك صراعات شخصية بين أفراد المؤسسات الثقافية وهذه تجر الحركة الثقافية الى جوانب اخرى غير الذي وجدت من اجله .
اما المشهد الثقافي في السماوة فهو حقيقة بائس جداً ليس هناك مكان لتجمع ثقافي تقام عليه الانشطة والمثقف السماوي جليس المقهى أما عمل أمسيات في البيت التراثي الذي هو جهد شخصي بعيدا عن المؤسسات الثقافية ولا اريد ان اطيل على هذه الإشكالية الأزلية مدينة بلا قاعة لعمل مهرجان ثقافي ولا مكان تواجد يليق بالمثقف سواء اتحاد ادباء المثنى او نقابة الفنانين والصحافيين او الشعراء الشعبيين ، نحن في زمن عقيم
كلمة اخرى تحب اضافتها :
ج :
اخر ما أود قوله أنني ما زلت ابحث عن الشعر في داخلي. بعد هذه التجارب الطويلة ، استدعى ذاكرتي البصرية واستجمع كل محطاتي لادون نصوص ذاكرة أكلتها المنافي القسرية ، المنفى الذي ألوذ به من المنفى ، استباحني السنوات بقسوتها وتركتني على قارعة وطن منهوب بلا مأوى ، علقت على جدار الوطن ( سكوتك عن مسألتي هو السؤال )