رضا الناس غاية لا تدرك
حسين الصدر
-1-
واهم من يعتقد انه يستطيع أنْ يوقف أَلسنةَ الناس عن الخوض في الانتقادات التي يوجهونها الى غيرهم، حتى اذا كانت مواقفهم في غاية المتانة والصواب، ذلك أنّ رضا الناس غاية لا ندرك .
-2-
وقد جاء في كتاب نفح الطيب ج2 ص 327 – 328 حوار جميل بَيْن أبٍ وابنه حول هذه النقطة :
سأل الولد أباه قائلاً :
يا أبتي :
ما للناس ينتقدون علينا أشياء وأنت عاقِلٌ ،
فلو اجتنبْتَها سلمتَ مِنْ نقدهم ؟
فقال له :
يا بُنيّ :
إنّك غِرٌّ لَمْ تجرب الأمور،
وإنّ رضا الناس غايةٌ لا تُدرك ،
وانا أوقفك على حقيقة ذلك
وكان عنده حمار فقال لولده :
اركبْ هذا الحمار ،
وأنا أتبعكَ ماشيا ،
فأبصرهما رجل فقال :
ما أقلّ أدبَ هذا الغلام ،
يركب ويمشي أبوه ،
فركب الاب وترك الابن يمشي
فقال آخر :
ما أقل شفقهَ هذا الأب يركب ويترك ولده يمشي
فركب الاثنان الحمار فقال آخر :
أشقاكما الله ،
تركبان معا على الحمار فتهيضانه،
فنزلا عن الحمار ومشيا خلفه فقال آخر:
يالكما من أحمقَيْن،
تمشيان وظهر الحمار خالٍ .
نعم
لم ينقطع الانتقاد عن كل الحالات
وهذه القصة تدفع بنا الى أمر في غاية الأهمية
وهو أنّ الانسان عليه أنْ يتوخى رضا الله في أعماله، ومن الخطأ بمكان التعويل على إرضاء الناس فانهم لا يرضون مهما بالغ في تحصيل رضاهم.
ثم انهم لو رضوا جميعا ولم يكن الله راضيا عنه فما قيمة رضاهم إزاء سخط الله ؟
وهذا ما يجب ان يكون ماثلاً أمام أعيننا في جميع مساراتنا ومداراتنا والمتقون هم الفائزون .