بعض ما شاهدته عن حياة النساء في (الكوكب الآخر)
الصينيات نحيفات جداً وناعمات بالملامح والقلوب
ابتهال العربي
وجدت من الضروري أن أكرّس هذا الموضوع لإنطباعاتي الخاصة بحياة النساء في الصين، ونقل بعض ماشاهدته خلال الرحلة التي استمرّت عشرة أيام ، تلك الأيام صنعت من الأغراب أصحاباً، وأوجدت نسيجاً من التعارف الثقافي بين الصين والعرب، تعرفتُ خلال رحلتي على معالم وفنون ومهن وعادات، وأعتقد على حد علمي، إن الإبداع لايكمن في النجاحات العلمية فقط، بل بالمنجزات الحياتية، أن نكون ناجحين في وظيفتنا الإنسانية كما قال الأديب الروسي مكسيم غوركي : (إنها لوظيفة استثنائية أن تكون إنساناً على الأرض)، بل إن تشجيع الإنسانية ونشرها هو قمة الإنسانية، والتي تتجسد في العمل والجدية والانضباط ومساعدة الآخرين.
نساء صينيات
أخبرني أحد الزملاء من دولة مصر الشقيقة، عن تجربة، أن النساء الصينيات عندما تقصدهن في شيء لا يترددن في المساعدة، وأنا لم أشك في ذلك، وشاءت الصدفة في اليوم التالي أن نخرج في نزهة قصيرة للتجول في بكين الواسعة والمبهرة بأبنيتها الشاهقة الضخمة ذات الالوان المبهجة التي تضيف رونقاً إلى الشوارع، وفي الإسهاب بالحديث عن تلك المباني وانشغالنا في التقاط الصور التذكارية اضعنا درب العودة والذي كان قريباً جداً لأننا لم نبعد عن الفندق الذي نقيم فيه ، وفي الطريق سألنا أكثر من شخص، ثم حاولنا العودة بطريقة التخمين دون أن تغيب بيننا كأخوة وأصدقاء روح الطرفة، واخيراً قررنا أن نسأل سيدة تبدو ثلاثينية عن موقع الفندق فدلتنا بكل يسر ودون تردد أو تذمّر، بل أنها رافقتنا إلى نهاية الشارع، لنتفاجأ أن مبنى الفندق أمامنا، ومثل هكذا موقف إنساني يجسد صورة الخُلق والتعاطف والتعاون، ويمثل حالة نادرة لايجدها العرب في البلدان الغربية ، وأتذكر أن زميلة مقيمة في ألمانيا طلبت من احدى النساء خدمة فتركتها وذهبت في طريقها، ونطلق نحن العراقيين على هكذا موقف (نحاسة) ونقول بلهجتنا العامّية (نحس او نحسين) ، بمعنى جاف لايتعاطف، ولذلك يجب أن نحمد الله أن السيدة الصينية لم تكن نحسة، ورأيت أن أكثر النساء الصينيات تعلو وجوههن المرسومة ابتسامة خفيفة نابعة من القلب، وما يخرج من القلب يصل إلى قلوب الآخرين، كما شاهدت خلال زيارتي صينيات نحيفات يتميزن بنعومة الملامح والجسد ، كما يتمتع بعضهن بحنجرة رنّانة تطرب المسامع بطبقاتها المتنقلة بالألحان، فقد استمتعت كثيراً بمشاهدة وصلات غنائية وموسيقية ورقصات مختلفة وساحرة من تراث الشعب الصيني، تقترب من الفنون الشرقية الجميلة، وتشكل موروثاً ثقافياً مميزاً ، أما في معتركات الحياة العصرية تشارك النساء الرجال في العمل وتولي المسؤوليات والمهمات، فهي لا تجلس في البيت وتنتظر أن يعيلها الزوج وينفق عليها بل تسعى جاهدة مع زوجها جنباً الى جنب في تلبية حاجات المعيشة ومتطلبات الحياة، وأثناء مرورنا بعدة مدن رأيت فتيات يعملن في محال الملابس والمطاعم والصيدليات وغيرها، كما تستقل إحداهن الدراجة النارية وهي تحتضن طفلها، وهذه المشاهد تشير إلى تحليهن بالشجاعة والجدية وثوثّق صوراً واقعية عن كائن يقولون عنه في بعض بلدان الشرق أنه ضعيف، وتأتي المرأة الأوروبية والعربية تثبت للجميع بأنها كائن قوي ووعاء معطاء ، وحين نرى شابة في مقتبل العمر تدرس وتعمل في نفس الوقت، ندرك أن المرأة تجاهد وتكافح، وتؤدي دورها الإنساني بنجاح، ومن الملفت أن المرأة الصينية والأوروبية بصورة عامة ناجحة في كونها لاتبالغ في التجميل، كون النساء هناك يمتلكن بشرة نقية وملامح ناعمة جداً ، وقناعة جيدة جداً، فنجدهن بلا ماكياج أو فيلر وبوتوكس، وأعتقد ان الغرض من عمليات التجميل ليس التغيير للأفضل بقدر ما هو إعطاء ثقة لمن ليس لديها ثقة بشكلها الاعتيادي.
النساء الذكيات لايبذرن أموالهن بين مراكز التجميل ليصبحن جميلات بأنف رفيع وفم منفوخ وحاجب مسحوب، لأن ثقافة التغيير ليست بتغيير الوجوه بل بتغيير العقول والأفكار .
جمال نابع
وأظن أن الصينيات يعتقدن مثل العرب أن الجمال نابع من الروح ، ولذلك قيل ان ( الجمال هو جمال الروح)، لكنني متأكدة إن غالبية النساء الصينيات لايركزن على التجميل والشكل الخارجي بقدر ما يركزن على المضمون والإنجاز ، وذلك ناتج من ثقافة جمعية عامة تصنعها التنشئة المجتمعية السوية التي تغذّي الفتيات منذ الصغر بالثقة العالية والشجاعة لإيجاد شخصية قوية وسليمة تربّبي أجيالاً واعدة.