فخ النفط.. هل يستعد العراق للأزمة المقبلة ؟
مرتضى كاظم الزيدي
ماذا سيحدث لو هبطت أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة مرة أخرى؟ كيف ستتعامل الدولة مع تلك الأزمة التي قد تعصف بالاقتصاد وتجعل المواطن البسيط يدفع الثمن؟
العراق، الذي يعتمد بشكل شبه كلي على النفط لتمويل نفقاته، يجد نفسه أمام مستقبل غامض ومعقد في ظل اقتصاده الريعي. فهل يمكن أن ينجو العراق من فخ النفط، أم أن هذا الانخفاض سيجر البلاد إلى دوامة جديدة من الأزمات الاقتصادية؟
عائدات نفطية
العراق يعاني منذ سنوات طويلة من تبعات اقتصاده القائم على تصدير النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على العائدات النفطية لتغطية النفقات الحكومية، خاصة الموازنة التشغيلية التي تخصص جزءًا كبيرًا منها لرواتب ملايين الموظفين الحكوميين. هذه الأموال التي تذهب بشكل رئيسي لرواتب الموظفين، تعجز عن دعم مشاريع تنموية فعالة بسبب غياب التخصيص الكافي للموازنة الاستثمارية.
في خضم هذا الواقع، يزداد المشهد تعقيدًا بفعل حجم الفساد الكبير الذي ينخر مؤسسات الدولة ويستنزف مواردها. الفساد المستشري يعرقل أي جهود حقيقية لتنويع مصادر الدخل ويضعف القدرة على تنفيذ السياسات الاقتصادية الفعالة.
إلى جانب ذلك، يساهم عدم السيطرة على العملة الصعبة في زيادة التحديات الاقتصادية، حيث يُفقد العراق قدرة التحكم في تدفق الأموال، مما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال وارتفاع التضخم.
أحد أبرز مظاهر الضعف في الاقتصاد العراقي هو الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد في معظم القطاعات الحيوية، ما ينعكس سلبًا على توازن التجارة الخارجية ويضع ضغطًا إضافيًا على العملة المحلية. غياب الصناعة المحلية وتراجع الإنتاج الداخلي يعزز من هشاشة الاقتصاد ويزيد من اعتماده على العائدات النفطية.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب كثافة العمالة الأجنبية دورًا في تضييق فرص العمل أمام المواطنين العراقيين، مما يساهم في زيادة البطالة ويعمق الفجوة الاجتماعية. في هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى تطوير الصناعة المحلية وتشجيع الاستثمار في القطاعات غير النفطية.
ازمة اقتصادية
إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات جادة للتصدي لهذه المشكلات من خلال تعزيز الصناعة المحلية، والحد من الفساد، وتحقيق السيطرة على تدفق العملة الصعبة، فإن أي انخفاض آخر في أسعار النفط سيــــــــــــــؤدي إلى أزمة اقتصادية حادة، مع ما يترتب علـــيها من عواقب وخيمة على حياة الملايين من العراقيين.
تظل الحلول الممكنة أمام العراق معروفة، لكن التحدي الأكبر يكمن في الإرادة السياسية لتطبيقها قبل أن يضيع الوقت ويدفع الجميع الثمن.