الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التنظيمات المسلحة والأزمة الليبية

بواسطة azzaman

التنظيمات المسلحة والأزمة الليبية

خليل ابراهيم العبيدي       

 

بمزيد من الاسف،، اقول ،، ربما يريد العرب وهم لا يعلمون ،، أن يقولوا للعالم ،، أنهم لا يتمتعون بالسلم المجتمعي إلا في ظل الدكتاتوريات ، وانهم لا يألفوا الأنظمة الديمقراطية ، لأنها عندهم كما قال أفلاطون ،، انها تعمل على مساواة غير المتساوين ، والحال أن النظم الديكتاتورية بقدر ما كانت تشيع الأمن والسلم ، كانت تملأ السجون بالابرياء ، وكانت تتحفز دوما للعنف كما كان الحال في تونس أو ليبيا أو اليمن أو سوريا واخيرا السودان ، أو تلجأ الى الحروب لتصدير مشاكلها الداخلية كما حصل في العراق في حربه مع إيران أو غزوه للكويت .

ليبيا من الملكية إلى الجماهيرية

تقع ليبيا في أعلى الساحل الشمالي لقارة افريقيا ، يحدها البحر الأبيض المتوسط من الشمال ، وتحدها مصر من الشرق ، ومن الغرب تحدها تونس والجزائر ومن الجنوب تشاد والسودان والنيجر عند جنوبها الغربي . يبلغ عدد سكانها حوالي سبعة ملاين  ، ونسبة النمو السكاني السنوي 1،1 بالمئة ، وتبلغ مساحتها 1،760 مليون كيلومتر مربع . ليبيا الإيطالية . 1934---  1951.

حاكم ايطالي

احتلت ايطاليا ليبيا عام 1934 مشكلة بذلك ثلاثة مستعمرات إيطالية هي برقة وطرابلس وفزان ، وكان يحكمها الحاكم الايطالي بأساليب قمعية ، وهذه الأقاليم كانت قد اخذتها ايطاليا عام 1911--1912 من الدولة العثمانية أثناء الحرب العثمانية الإيطالية ، وفي عام 1934 وحدت المستعمرات من قبل الحاكم الايطالي ، وفي عام 1937 أصبحت البلاد وفق التنظيم الجديد مقسمة إلى خمسة أقاليم هي بنغازي ، ودرنة ، طرابلس ، مصراتة ، وأقليم الصحراء . غير ان الشعب أخذ  ومنذ عام 1923 بزمام  المبادرة لمقاومة المحتل تحت راية الحركة السنوسية ، وهي حركة صوفية تهدف إلى تحرير الشمال الإفريقي العربي من جيوش المحتلين ، تأسست في غرب الجزائر وانتقلت إلى ليبيا ، وبدأت بمقاومة الاستعمار الإيطالي الذي دخل ليبيا عام 1911 على إثر المعارك الإيطالية مع الدولة العثمانية  كما بينا سالفا ، وتوسع عمل الحركة عام 1923 بقيادة اسد الصحراء عمر المختار والذي تم إعدامه من قبل الحاكم الايطالي عام 1931 ، واستمرت المقاومة بعد الحرب العالمية الثانية وتم إعلان استقلال ليبيا عام  1951 ، لتصبح دولة ملكية دستورية وتوج محمد بن علي بن محمد السنوسي ملكا على ليبيا، واستمر حكمه للفترة من1951--- 1969 ، حيث انقلب عليه الملازم معمر القذافي .

معمر محمد عبد السلام القذافي ، مواليد 1942 ، ملازم في الجيش الليبي ، نظم رابطة الضباط الوحدويين الاحرار ، قام بالانقلاب على الملك ادريس السنوسي في الاول من أيلول عام 1969 ، ليكون الاخ القائد ، الموالي بنهم للناصرية ، وأخذ ليبيا أشواطا بعيدة في المشاكل الداخلية ، أو المشاكل مع الدول العربية ، أو المجتمع الدولي ، نزقا كثير التلون والانقلاب على الآخرين ، كان اهلا لقمع الشعب الليبي ، وبرغم ذلك كانت له شعبية لكونه قريبا من الناس ولكن دون خطط واعية لبناء الثقة مع الجماهير ، وكانت إنجازاته قليلة بالقياس لما تمتلكه ليبيا من أموال جراء مبيعات النفط

الحرب الأهلية

لم يكن القذافي عند حسن ظن الغرب ، بعد حادثة إسقاط الطائرة فوق مدينة لوكربي ، فكان نصيبه من الربيع العربي ثورة جامحة بدأت في بنغازي في شباط 2011 ، عندما اعتقلت القوى الأمنية المحامي الذي كان يدافع عن سجناء سجن بو سليم ( فتحي نربل) فقامت الجماهير بالهجوم على تلك القوى لتخليص المحامي من محاولة الاعتقال ، وعندها هتفت تلك الجماهير لأول مرة ،، نعم للمرة الأولى ، الشعب يريد اسقاط النظام ،،، وتم اختراق حاجز الخوف من قبل تنظيمات عسكرية شعبية بدأت في مناطق ليبيا الشرقية . وتوسع حجم الميلشيات والتنظيمات العسكرية ويقدر بعض المراقبين عددها ب300 تنظيم مسلح بأسلحة خفيفة أو متوسطة أو ثقيلة ، وكل منها يدعي أنه كان منضويا أما تحت لواء ورارة الداخلية أو وزارة الدفاع أو العدل ، ولكنها في الحقيقة هي تنظيمات خارجة عن القانون ، وقسم منها يتبع توجيهات جهات أجنبية. .

التنظيمات المسلحة والأزمة الليبية

منذ العام 2014 بدأت جهات متعددة خارجية تعمل بكل جهدها على  الحصول على موطئ قدم في الأراضي الليبية لسببين ، هما وجود النفط الليبي التقي ( النفط الثمين) وحصول الفراغ الأمني جراء تكسر قبضة القذافي على الأوضاع القبلية الليبية . ويبدو أن للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين ومن ورائه قطر وتركيا الدور الاهم في استمرار الأزمة الليبية التي تقف في مقدمتها تنظيمات عسكرية إسلامية ذات توجهات عقائدية أو مصالح مغايرة ، ويمكن ادراج اهم التنظيمات العسكرية في ليبيا على النحو التالي .

اولا ..... الجيش الوطني الليبي . يضم عدة مجموعات مسلحة اضافة الى بقايا الجيش الليبي السابق ، وهو يعمل على حماية الحكومة الليبية المعترف بها دوليا الموجودة شرق ليبيا ، في بنغازي ، ويحصل قائد الجيش المشير خليفة حفتر على الدعم من مصر ، والإمارات العربية المتحدة وفي بعض الأحيان من فرنسا . وكثيرا ما خاض الحروب ضد الجماعات الإسلامية .

ثانيا .....فجر ليبيا . جماعة إسلامية تسيطر على أجزاء واسعة من العاصمة طرابلس ، وتمتلك أسلحة متنوعة ، ومعظم عناصرها من منطقة الزنتان ، ويرى العديد من الباحثين أن لها ارتباط وثيق بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين .

ثالثا.....درع ليبيا .....مجموعة متألقة ذات تنظيم عسكري متشدد لها ارتباط وثيق بالمؤتمر الوطني في طرابلس وتعتبرها حكومة طرابلس برئاسة حميد دبيبة أنها موالية لوزارة الدفاع . وله توجه اسلامي .

رابعا.....الكتيبة 166 ، بقيادة نوري بو سهمين ، قاتلت إلى جانب قوات فجر ليبيا قوات الدولة الإسلامية في سرت والمناطق المجاورة لها . وقد حضر رئيس وزراء حكومة طرابلس حفل تخرج دفعة من مقاتليها .

خامسا.....قوات الدولة الإسلامية ، ظهر التنظيم عام 2015 معتمدا على تواجد موالين له في مدينة درنة ، وقد حاول حفتر غزو المدينة بعد فرض حصار عليها ، إلا أنها تعد موطن المتشددين الذين يسعون لضم ليبيا الى الدولة الإسلامية في العراق والشام .

سادسا....أنصار الشريعة . وهم جماعة مسلحة بأحدث الأسلحة قريبة جدا من افكار القاعدة .

 قامت بعدة مناوشات مع قوات حفتر ، وتتمركز في بعض مناطق سرت واجدابيا .

سابعا....مجلس شورى ثوار بنغازي.....تجمع ذا توجهات إسلامية متشددة يوجد في جزء من مناطق خارج بنغازي يضم بعضا من أنصار الشريعة ولواء 17 فبراير ، ولواء راف الله الساحتي ، ودرع ليبا ، وله ارتباط بالقاعدة ، وخاض معارك دامية مع جيش خليفة حفتر .

ثامنا.....مجلس شورى مجاهدي درنة . هو الآخر جماعة إسلامية تعلن أنها تريد تطبيق الشريعة الإسلامية في ليبيا اضافة الى فرض بعض القيود الاجتماعية على هذه المدينة الساحلية ، وأنها تناصب العداء لخليفة حفتر ، كما أنها أعلنت الحرب على داعش لانها ترتبط بالقاعدة

تاسعا.... اضافة الى ما تقدم هناك تنظيمات مليشاوية متعددة في ليبيا لضعف الدولة من جهة ولقوة العشائر من جهة أخرى ، لذا فإن العشائر بدورها صارت مسلحة جراء سرقة معسكرات الجيش السابق في مدن غرب ليبيا الصحراوية.

أن سيطرة الاسلام السياسي في ليبيا ودعم جهات خارجية لحكومة طرابلس ، وجهات خارجية أخرى تدعم مجلس النواب في بنغازي كان وراء تعقد الأمور في هذه الدولة العربية ، التي باتت مقسمة وفقا لمصالح الدول المتنافسة على احس خزان لنفط عربي ومكمن كبير للغاز الطبيعي التي تحاول تركيا الوصول إليه مقابل موقف صلب لمصر  كون ليبيا دولة عربية لها حدود طويلة معها  ، وان مجمل الحركات إسلامية متشددة تعمل على تمزيق القرار الليبي والتسبب في عدم اكتمال وحدة تلك الدولة التي تحكمها حكومتين تنازعتا مؤخرا على من هو حاكم البنك المركزي ، وصارت ليبيا بين خيارين إما حروبا مؤجلة أو حلولا غربية باتت بحكم المخجلة ، في بلد خرج توا من نظام كان حقا عاملا مباشرا في توحيده ، وهنا يمكن القول أن التجربة أثبتت ان الأنظمة الشمولية ربما كانت عاملا لاستقرار الدول العربية.

 

 


مشاهدات 114
الكاتب خليل ابراهيم العبيدي       
أضيف 2024/09/10 - 12:40 AM
آخر تحديث 2024/09/14 - 1:38 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 400 الشهر 5664 الكلي 9994286
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير