الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إدارة الأزمة .. وإدارة المعرفة

بواسطة azzaman

إدارة الأزمة .. وإدارة المعرفة

مزهر الخفاجي

 

(( أنت هنا تصدر الأوامر، لكنك تصبح أفضل مني إذا استطعت ان تعرف ما يحدث بعد

ذلك)).

هاري ترومان

لا نأتي بجدديد حين نقول ان الازمة او الازمات او الخطر او الاخطار.. كانت قريبة من الوجود البشري. واذا كانت الازمات والمخاطر تمثل ذلك التعاون في عمليَتي الاكتشاف والتحدي، التي حيد عنها الانسان في كدحه الوجودي.

فلا بد ان نقول هنا ان ادارة الازمات او ادارة المخاطر وان تشابهت في ظواهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، فان طريقة ادارتها يقترن بموضوعة التعاطي معها، الذي يُعد نهجاً لطبيعة التعاطي مع الازمة او الخطر.

وقد يكون العنصر الأساس في التعاطي معها ليس بمقدار خطرها على المجتمع، انما في الكيفية التي ينظر فيها اليها وطريقة ادارتها، لكي نصل الى وضع ستراتيجية صاحب المهمة من صاحب القرار في حلها، جدير ذكره ان العنصر الاهم في ذلك هو السرعة في اتخاذ القرار.

عوداً على بدء... إذا اردنا تفكيك الأزمة فلا بد لنا من الوقوف على مفهوم الأزمة (Mangment Crisis ) التي يقصد بها: الاحداث المفاجئة التي تشكل خطراً او تهديدا لمفاصل الحياة السياسية والاقتصادية. وانها قد تعيق او تربك صاحب القرار او المؤسسات العاملة من ادار مهامها.

لهذا الموضوع والتوصيف لدينا مقاربات عديدة منها، فمنهم من يقول عن المخاطر على انها: ( صافي التأثير السلبي من فاعلية التعرض). والبعض الآخر كما هو الحال بما موجود في قاموس اكسفورد:

مظاهر الانشطة

(( احتمالية التعرض الى الخسارة او الضرر او عواقب سلبية اخرى)).

وبذلك يصبح القول ان الازمات او المخاطر تصبح خياراً ( Choice ) وليست مصيرا ( Fact )، وان كلها تصبح مظهراً من مظاهر الانشطة البشرية سياسية كانت ام اقتصادية ام عسكرية.

وقد ذهبت مراكز البحوث الى تقييم الازمات وتصنيفها الى ما يلي:

* أزمات الكوارث الطبيعية أو الصحية.

* أزمات تلكؤ الخطط الستراتيجية.

* أزمات الاوضاع الأمنية من خرق للحدود او الامن السيبراني.

* ازمات الجفاف وتوفير الغذاء.

* أزمات الحروب وتأثيراتها الجانبية.

ان الازمات والمخاطر باعتبارها احداث مفاجئة تُحددها مراكز البحوث على انها تقع تحت مفهوم ( احتمالية الحدوث) وان السمة الاولى لها كما اسلفنا، هي احتمالية الحدوث او تواتر اخبار وقوعها.

اما السمة الثانية للازمات والمخاطر فهي نوع التأثير الذي سيخلفه على المجتمع ونتائجه الخطيرة او عواقبه على استقرار النظام والمجتمع.  وقد وفق بعض المتتبعين لدراسة المخاطر والازمات الى تقسيمها الى نوعين:

الأول: المخاطر العشوائية.

الثاني: المخاطر المنتظمة.

وهذا مما يجعلنا ان نقول ان النوع الاول من المخاطر، إن في الدولة او المجتمع او المؤسسات يكونون قادرين على التحوط منها مسبقاً، او اعادة تقييس مجهري لمصادرها الخارجية او الداخلية.

وبالتالي تقديم الحلول الناجعة لها، واذا نظرنا الى واقعنا السياسي الوطني والعربي والاقليمي... سنجد ان الازمات والمخاطر التي تواجه صاحب القرار، مثلا كما يحصل في العراق.

دارسين لاسباب وقوعها ومبررات استمرارها وطريقة حلها، الذي يستوجب النظرة الفاحصة لها وعدم ترك احد هذه العوامل في معالجة الظاهرة. لذلك فان حدوث الازمة او تنامي المخاطر فيها يستدعي ايجاد فرق عمل متخصصة من خارج مؤسسات الدولة او المنظمة او المؤسسة لاعتبارات عديدة منها:

1- فشل ستراتيجية الدولة او المنظمة او المؤسسة المستهدفة في تحقيق اهدافها خططياً

مثلاً. ( البطالة، الفقر، والامن). وهذا يستدعي اختيار ادارة معرفية متخصصة لادارتها،

أي أن تكون من نوع آخر أقرب الى هيئات الرأي او الطوارىء او غرفة ازمة فكرية

لتقديم المقترحات لصاحب القرار ليتخذ القرارات المناسبة لها.

2- رغم حاجة صاحب القرار لدور المؤسسات الفاعلة في الدولة، إلا أنّه عند حدوث الازمات

او المخاطر يحتاج الى غرفة ازمة او فكر لتجاوز البيروقراطية الموجودة في مؤسسات

الدولة وبطىء اتخاذ القرارات، لذلك يجب الاستماع الى الآراء الجريئة والدقيقة لاصحاب

الرأي من اجل سرعة التنفيذ.

هذا الامر هو الذي جعل الكثير من خبراء السياسة والاقتصاد والاستشراف الى القول، ان حل الازمات او المخاطر وادارتها تحتاج الى ادارة معرفية، وان هذه هي التي ستكون اداة مهنية في ادارة تلك الازمات، التي ستساهم في ايجاد حلول لها من خلال:

- تقليل حجم الخسائر التي تتعرض لها الدولة او المجتمع.

- القدرة على الحفاظ على ثروات ومقدرات وموارد الدولة والمجتمع على حدٍ سواء.

- تعزيز ثقة المواطن بمؤسسات الدولة واداراتها وقياداتها بما يسهم في تكريس زعاماتها.

وهذا يقتضي من غرف ادارة الازمات في استثمار الإدارة المفرغة لذلك من خلال:

1- التركيز على المشكلة / المعضلة / الازمة، ودراستها وتحديد مقاييس النجاح في حلها.

فضلا عن عوامل الفشل....... والخسائر المتوقعة.

2- العمل على حشد الخبرات العلمية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال

تعشيق افكار الجميع وتداول الحلول المقترحة منهم باعتبارها مصادر تصب في ايجاد  الحلول واتخاذ القرارات المناسبة في مواجهتها.

ادارة الازمات

هنا... علينا ان نعترف، ان غرف ادراة الازمات او ادارة المخاطر يجب ان لا تكون هي الأساس لايجاد الحلول، إذ ان الحلول تكمن في نجاح الدول وحكوماتها في تقديم برامجها السياسية، التي تعكس خططها الستراتيجية، وليس خططها الانتخابية، وهو الشائع هذه الايام في ديمقراطية العراق والشرق الاوسط.

وبالتالي يجب ان تنطوي القضايا الستراتيجية بحكم تعريفها على نوع أو آخر من الصراعات. وقد تنطوي الصراعات على غايات ( ماذا) ووسائل ( كيف ) وفلسفة ( لماذا ) ومكان ( أين) وزمان ( متى).

والمجموعات التي قد تستفيد، أو تتضرر من الطرق المختلفة التي تحل بها القضية ( من). ولكي يمكن إثارة القضايا وحلها بشكل فعال، يجب أن تكون المؤسسة على استعداد للتعامل مع الصراعات التي سوف تحدث، والتي تكاد أن تكون حتمية.

ويجب أن يشتمل بيان القضية الستراتيجية على ثلاثة عناصر:

أولاً : يجب وصف القضية بدقة ووضوح وإيحاز. والأفضل أن يكون في فقرة واحدة، حيث

يجب صياغة القضية ذاتها في صورة سؤال يمكن للمؤسسة أن تفعل شيئًا حياله، فإذا

لم يكن بمقدور المؤسسة أن تفعل شيئاً حياله فهذا يعني أن هذا السؤال لا يمثل قضية،

على الأقل بالنسبة للمؤسسة ( فليدا فسكي 1979، رنج 1988). إن مصادر

المؤسسة محدودة بما يكفيها، دون أن تبددها في قصايا لا يمكنها مواجهتها بفاعلية.

ثانياً: يجب حصر العوامل التي تجعل أي قضية مسألة أساسية، تتعلق بالسياسة، وبوجه

خاص ما تنطوي عليه من صلاحيات أو رسالة أو قيم أو نقاط قوة أو ضعف داخلية

داخلية، أو فرص وتهديدات خارجية تجعل منها قضية ستراتيجية.

إن حصر هذه العوامل سيكون مفيداً في الخطوة التالية الخاصة بتطوير الستراتيجية. وكل ستراتيجية فعالة سوف تفيد من نقاط القوة وتنتهز الفرص، في نفس الوقت الذي تحد فيه من نقاط الصعف والتهديدات، أو تتغلب عليها.

لذلك فإن تحديد القضايا الستراتيجية بالغة الأهمية، لأن ذلك التحديد سيشتمل على أسس لحل القضايا. ( دتون وجاكسون ۱۹۸۷، بارتونيك وموسن ۱۹۸۷، برایسون و کروزبي ۱۹۹۲، داتون و آشفورد ۱۹۹۳).

لذلك على فريق التخطيط الستراتيجي تحديد عواقب الفشل في معالجة القضية، إذ أن استعراض العواقب، سوف ينبئ القادة عن مدى ستراتيجية القضايا أو أهميتها. على سبيل المثال إذا لم تترتب أي عواقب على الفشل في معالجة أي قضية ليست بقضية، أو على الأقل ليست قضية ستراتيجية.

وعلى النقيض من ذلك: إذا كانت المؤسسة ستنهار بفشلها في معالجة قضية ما، أو ستفقد فرصة بالغة الأهمية والقيمة، فإن ذلك يعني بوضوح أن تلك القضية ستراتيجية جداً ويجب معالجتها على الفور.

لذلك فإن خطوة تحديد القضايا الستراتيجية تهدف إلى تركيز انتباه المؤسسة على ما هو هام حقاً من أجل البقاء والازدهار والفعالية في المؤسسة. جدير ذكره انه عند الانتهاء من إعداد العبارات الخاصة بالقضايا الستراتيجية ستدرك المؤسسة أي نوعٍ من القضايا تواجهه ومدى ستراتيجية هذه القضايا.

هناك أنواع من هذه القضايا الستراتيجية:

- القضايا التي لا تتطلب إجراءً تنظيميًا في الوقت الحاضر، ولكن ينبغي مراقبتها باستمرار.

- القضايا التي تظهر في الأفق، وتتطلب إجراء ما في المستقبل، بل وقد تتطلب إجراء ما

  في الوقت الحاضر.

وهذه القضايا- في معظم أجزائها- يمكن التعامل معها على أساس أنها جزء من دورة التخطيط الاستراتيجي المنتظمة من هذه القضايا التي تتطلب استجابة فورية وبالتالي لا يمكن تناولها بالأسلوب الروتيني.

وهناك أربع طرق أساسية بالنسبة لتحديد القضايا الستراتيجية، منها الطريقة المباشرة التي تنتقل مباشرةً. وهي مناقشة المهام ونقاط الضعف والقوة والفرص والتهديدات (SWOT) حتى الوصول الى تحديد القضايا الاستراتيجية.

أما الطريقة غير المباشرة فتبدأ بوضع أفكار حول خيارات متعددة مختلفة، قبل تحديد القضايا. وتتضمن الخيارات، الإجراءات التي يمكن للمؤسسة اتخاذها لمواجهة اهتمامات أصحاب المصالح.

ومن خلال البناء على نقاط القوة واستثمار الفرص، والتقليل من نقاط الضعف والتهديدات، أو التغلب عليها. يتم ذلك من خلال وضع توصيات مهمة ناتجة عن الدراسات والتقارير حول الظروف الحالية.

ثم يتم إدماج هذه الخيارات في مجموعة واحدة من الإجراءات، التي من ثم يتم تصنيفها إلى فئات او قضايا حسب قوة كل منها. أما طريقة الأهداف، فتبدأ بالأهـتمام من خلال مواجهتها قبل تحقيق و تحديد القضايا التي وضعت من اجلها الأهداف.

أما رؤية النجاح، فتبدأ بوضع مخطط لرؤية واضحة التي ينبغي تناولها قبل تحقيق الرؤيه. وعندما نذكر أن هناك طرق مختلفة في حديد القضايا الستراتيجية. واخيراً...... فنحن لا نكتب لنقترح الحلول تحت ضغوط مخيال سياسي او اقتصادي او اجتماعي او فكري.

نحنُ............. نقدم هذه الدراسة لاننا نعتقد انه من المعيب ان تؤسس غرف ازمة او ادارات للمخاطر في فيتنام والبرازيل والسعودية وايران، التي تعتمد آليات ستارتيجية وادارة معتمدة على رسم وتقديم المقترحات لبناء الدولة والحفاظ على مصالح شعوبها، وليس عن طريق اللجوء الى أطر سياسية وحزبية وطائفية تفكر كلٌ منها ببراغماتية عالية لمصالحها أولاً وأخيراً.

نعم البداية: (( هي اهم جزء من اجزاء العمل))- افلاطون / الجمهورية.

 

 


مشاهدات 125
الكاتب مزهر الخفاجي
أضيف 2024/09/02 - 10:56 PM
آخر تحديث 2024/09/14 - 10:46 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 98 الشهر 5791 الكلي 9994413
الوقت الآن
الأحد 2024/9/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير