التعداد العام للسكان .. ملاحظات ومقترحات
سامي الزبيدي
تنوي وزارة التخطيط إجراء التعداد العام للسكان في العراق في موعده المحدد قي 20 تشرين الثاني من هذا العام والتعداد السكاني عملية لا تقتصر على تعداد السكان فقط بل تشمل توفير قاعدة بيانات متكاملة في الصحة والتعليم والعمل والسكن وكل المؤشرات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية في البلد وتجمع هذه البيانات ويتم تحليلها ونشرها واتخاذ الإجراءات بشأنها , وقد مرت سنين طويلة قبل آخر تعداد جرى في العراق عام 1997 وعملية إجراء التعداد بعد كل هذه السنين مهمة جدا لكنها تواجه بعض المشاكل والملاحظات التي لابد من حلها قبل إجراء التعداد ومن هذه الملاحظات فبعد عام 2003 جرت أحداث كبيرة في العراق منها عمليات التغيير الديموغرافي للعديد من المدن العراقية خصوصا كركوك واقضيه في محافظات نينوى وديالى قامت بها الأحزاب الكردية بعد سيطرتها على هذه المناطق بعد الاحتلال الأمريكي للعراق مستغلة ضعف السلطة المركزية فتجاوز إقليم كردستان العراق الخط الأخضر الذي حدده مجلس الأمن للمناطق الكردية في شمال العراق واستولى على كركوك والعديد من أقضية ومناطق محافظات نينوى وديالى ومما زاد الطين بله المادة 140 التي أضيفت لاحقا للدستور بعد التصويت عليه من قبل الشعب (وهي بحكم الغير دستورية) وبهذه المادة أكملت الأحزاب الكردية سيطرتها على العديد من المناطق ذات التركيبة السكانية المشتركة من جميع القوميات وأخضعتها لحكومة إقليم كردستان العراق بدلا من ان تبقى تحت سيطرة الحكومة الاتحادية.
عمليات تكريد
واستغلت الأحزاب الكردية هذه السيطرة وقامت بأكبر عمليات التكريد الممنهجة خصوصا في كركوك والشيخان وربيعة والبعاج ومخمور ومناطق سهل نينوى ذات الغالبية المسيحية كبعشيقة والحمدانية وبرطلة وتلكيف في نينوى وفي خانقين وجلولاء والسعدية وكفري من محافظة ديالى ففي كركوك أدخلت الأحزاب الكردية أكثر من(200) ألف كردي من مختلف مناطق إقليم كردستان العراق واستولت على الأراضي التابعة لوزارات الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية ووزعتها على الأكراد الوافدين الجدد الى كركوك ووفرت لهم سلف لبنا مساكن فظهرت أحياء سكنية جديدة على هذه الأراضي لم تكن موجودة من قبل وبالمقابل قامت بترحيل كل العرب الوافدين الى كركوك أيام النظام السابق وليس هذا فقط فقد قامت قوات الاسايش الكردية باعتقال آلاف التركمان والعرب المعارضين لسياسة التكريد ونقلتهم الى سجون السليمانية واربيل ولم يعرف مصيرهم لحد الآن كما هاجر آلاف التركمان الى تركيا بسبب بطش السلطات الكردية وصادرت الاسايش الكردية الأراضي الزراعية العائدة للعرب والتركمان ووزعتها على الأكراد ووزير التخطيط من أهالي كركوك ويعرف جيدا حجم عمليات التكريد والتغيير الديموغرافي التي قامت بها الأحزاب الكردية فيها وهذه الإجراءات وعمليات التكريد نفذتها الأحزاب الكردية في مناطق نينوى خصوصا أقضية ربيعة والبعاج ومخمور ذات الأغلبية العربية وسنجار والشيخان ذات الأغلبية الايزيدية و بعشيقة وبرطله وتل كيف والحمدانية ذات الأغلبية المسيحية وبعض هذه المناطق لازالت الى أيامنا هذه تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني كالشيخان وربيعة والأمر نفسه فعلته حكومات إقليم كردستان في أقضية محافظة ديالى خانقين وجلولاء والسعدية وكفري ولم تمنح سلطات إقليم كردستان العراق بعد سيطرتها على هذه المناطق للسكان غير الكرد خصوصا العرب في الشيخان وسنجاز هويات أحوال مدنية أو بطاقة مدنية لحد الآن كي لا يشاركوا في التعداد السكاني القادم وهم لم يشاركوا حتى في الانتخابات التشريعية التي جرت في حين ان ولادات كردية جديدة لسكان من اربيل ودهوك والسليمانية يتم تسجيلها في كركوك ليثبت إنهم من مواليد كركوك ثم يعود ذوي الوليد الى محافظته الأصلية ويسجل أيضاً وقد تم ضبط هذه العمليات عدة مرات كما تم ضبط عشرات آلاف بطاقات انتخابات مسجلة في كركوك وفي محافظات إقليم كردستان لضمان تفوق أعداد الأكراد في هذه كركوك وهذه المناطق , وعمليات التكريد التي كانت الكبيرة والمفضوحة كانت السبب الرئيسي في عدم تنفيذ المادة 140 ويجب عدم تنفيذها لأنها ليست دستورية ولا داعي لتنفيذها لان العراق واحد والقوميات المتآخية من حقها العيش في أي مكان في العراق ولا يعني وجود أعداد من الأكراد في قضاء أو ناحية قريبة من محافظات الإقليم ان هذه المناطق كردية ويجب ضمها للإقليم والإقليم هو كله عراقي لكن للأسف الشديد هناك نزعة انفصالية لدى بعض ساسة الإقليم هي التي تدفعهم لقضم مناطق من محافظات نينوى وديالى وكركوك أسموها متنازع عليها لضمها الى الإقليم في حالة الانفصال الذي لم ولن يحدث ثم التنازع بين من ومن فهل سمعتم ان إقليم في دولة اتحادية ينازع الدولة على أراضي ومناطق والإقليم كله جزء من الدولة الاتحادية فلا داعي لتطبيق المادة 140 بعد عمليات التكريد والتغيير الديموغرافي الكبير الذي قامت به الأحزاب الكردية في كركوك وغيرها بحيث أصبح الأكراد أكثرية في هذه المناطق وان إجراء استفتاء فيها سيضمن للأكراد الفوز وضم هذه المناطق الى الإقليم وستصبح كركوك واقضيه من نينوى وديالى كردية وهي ليست كذلك وستصبح مساحة إقليم كردستان العراق ضعفي مساحة الإقليم الحالية و ستصل حدود الإقليم الى محافظ واسط لهذه الأسباب يطالب الأكراد دائما بتطبيق المادة 140 , لذا وقبل إجراء التعداد لابد للحكومة ووزارة التخطيط اتخاذ إجراءات بصدد عمليات التكريد التي قامت بها الأحزاب الكردية في كركوك والمحافظات الأخرى واقترح إعادة كل الوافدين الجدد الى كركوك بعد عام 2003 ممن لم يكونوا من سكنة كركوك حسب إحصاء عام 1997 وما قبله الى مناطقهم التي جاءوا منها.
ضيق الوقت
وكذلك الحال بالنسبة لاقضية محافظات نينوى وديالى وإذا تعذر ذلك لضيق الوقت فاقترح عدم مشاركة كل من لم يكن من سكنة هذه المناطق هو وذويه حسب الإحصاء السكاني لأعوام 1997 و 1987 و1977 في التعداد السكاني الجديد لهذه المناطق إنما يتم مشاركتهم في مناطقهم التي جاءوا منها من خارج محافظات كركوك و نينوى وديالى وإذا لم تتخذ الحكومة ووزارة التخطيط الإجراءات المناسبة بصدد عمليات التكريد والتغيير الديموغرافي فان واقعا جديدا سيظهر في كركوك ومناطق من محافظات نينوى وديالى حيث ستكون الأغلبية فيها للقومية الكردية نتيجة عمليات التكريد وهذا خلاف الحقائق التاريخية والديموغرافية وستظهر مشاكل جديدة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان العراق اكبر من المشاكل الحالية واعقد منها وربما تؤدي الى نزاعات مسلحة لا سامح الله . ومن المشاكل التي ستوجه عملية التعداد مشكلة المهاجرين خارج العراق بعد عم 2003 لأسباب سياسية أو طائفية ولأسباب أخرى وهم حوالي أربعة ملايين عراقي يضاف إليهم المهجرين والنازحين بسبب احتلال داعش لمحافظاتهم والذين لم يعودوا الى محافظاتهم الأصلية ومشكلة المغيبين الذين لم يعرف مصيرهم لحد الآن ومشكلة المهاجرين من مناطق الاهوار الجنوبية وغيرها بسبب الجافاف والتصحر الذين سكنوا محافظات بغداد وديالى وصلاح الدين ومشكلة مهمة أخرى هي مشكلة أملاك المواطنين المسيحيين وغيرهم سواء كانت أراضي أم دور سكن التي استولت عليها مافيات وعصابات وسياسيين وسجلوها بأسمائهم أو باعوها كما حصل في الجادرية و مناطق حزام بغداد كالضلوعية والتاجي والبوعيثة وجرف الصخر و وكما حصل في الموصل وصلاح الدين خصوصا سامراء بعد تحريرها من داعش ومشكلة الاستيلاء على القصور الرئاسية من قبل بعض السياسيين فهل وضعت وزارة التخطيط مقترحات وحلول لهذه المشاكل قبل إجراء التعداد؟ نتأمل ذلك لنجاح عملية التعداد.