لتبقى قيم الأربعين على مر السنين
محسن القزويني
انتهت زيارة الاربعين وعاد الزائرون الى بيوتهم بعد الانتهاء من حدث يتكرر كل عام من 10 صفر حتى العشرين منه يمتزج فيه العامل الاقتصادي بالاجتماعي وبالسياسي ليصنع منها؛ محطة كل من ورده خرج منه باخلاق وقيم جديدة، فما احوجنا اليوم في العراق والعالم الاسلامي حيث انتشرت فيه مظاهر الا مسؤولية والانا السياسية والانحطاط الاخلاقي والغربة الفكرية وروح الفردية والمصلحية فكان لابد من وجود مناسبة سنوية تطهّر الاموال من خلال الانفاق على الفقراء والمحتاجين وتطّهر النفوس من خلال التلاحم الاخوي وتطّهر المجتمعات وتزيل عنه الحقد والضغينة والكراهية وتطّهر نخبة المجتمع من الانانية والمصلحية الضيقة وما تلك المناسبة سوى زيارة الاربعين التي تهطل علينا كل عام كزخّات المطر فتطّهر الارض ومن عليها في اربعين الامام الحسين عليه السلام الذي يصادف كل عام في العشرين من صفر ،وهي نعمة ربانية حباها الله على الشعب العراقي لكي يكشف عن معدنه الطيب وحبه اللامتناهي للامام الحسين عليه السلام.
فهو يحب الامام الحسين عليه السلام لانه ضحى بالغالي والنفيس من اجل المبادئ الرسالية فتترسخ في وجدانه حب التضحيه والفداء ومناهضة الظلم والظالمين. وهو يحب الامام الحسين عليه السلام لانه سلك طريق ابيه وجده والانبياء والرسل في ترسيخ الرسالة فيتمسك بها ويجعلها في نصب عينيه لتكون اغلى شيء في حياته.
وهو يحب الامام الحسين عليه السلام لانه النموذج الصالح للانسان منذ كان فتاً صغيراً يساعد الفقراء ويعين المظلومين ويطالب بحقهم حتى اصبح قائدا وثائرا على جحافل الظلام والظالمين. وانه يحب الحسين عليه السلام لانه لم يسكت على الضيم ولم يستسلم للظالمين بل بقي مواصلا طريقه حتى ادّت به الى الشهادة وهذه هي قيم الشهداء والائمة ترسخت في عاشوراء وتحولت الى سلوك واخلاق وممارسات في الاربعين ، وهي قيم وممارسات بحاجة اليها كل شعب من الشعوب التي تعاني من مظاهر سلبية في الحياة الاجتماعية والمشهد الاقتصادي والممارسة السياسية. وهذه هي رسالة الاربعين التي اوصلها الحسين عليه السلام بعد اكثر من 1400 عام ،رسالته في علاج المشكلة الاقتصادية بالانفاق والكرم ومساعدة المحتاجين. رسالته في علاج المشكلة الاجتماعية وذلك بان نكون معا قلوب متحابة وايدي متكاتفة لا وجود للكراهية والحقد بل لروح التسامح والتعاون وهما الطريق لمعالجة امراض المجتمع.
ورسالة الى المسؤولين بان يكونوا على قدر المسؤولية في خدمة المجتمع حتى لو ادى ذلك الى بذل الارواح والانفس والاموال وان يكونوا كالحسين عليه السلام لا يفضلون احدا على احد» يضع خده «عليه السلام على خد ولده علي الاكبر مرة ويضع خده على خد غلامٍ تركي مرة اخرى.
ان اربعين الامام الحسين عليه السلام مناسبة للاندماج مع قيم الاسلام التي هضمها البعض فاصبحوا حسينيين ولم يستوعبها البعض الاخر الذي لا زال يقف متفرجا ولم يلب ندائه حتى الان في يوم عاشوراء حين قال ( الاهل من ناصر ينصرني).