الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة في كتاب.. إعادة النظر في النظام الدولي الجديد

بواسطة azzaman

قراءة في كتاب.. إعادة النظر في النظام الدولي الجديد

خالد المعيني

 

تأليف : يورغ سورنسن

قراءة : د . خالد المعيني

الكتاب عبارة عن مناظرة بين المدرسة الليبرالية وبين المدرسة الواقعية في كيفية رؤيتهما لمآلات النظام الدولي الجديد لحقبة ما بعد الحرب الباردة .

بعد إنتهاء الحرب الباردة وعلى إثر تفكك وإنهيار الإتحاد السوفيتي ، أصاب الليبراليين الغربيين التفاؤل والغرور على فرض إنتهاء عهد الحروب والصراعات بين الدول ، وتوقعوا قيام عالم مسالم متعاون ، وإن قيم الديمقراطية وإقتصاد السوق ستسود العالم ، لكن لم تلبث مجريات الساحة الدولية أن خيبت ظن مفكريهم وفي مقدمتهم فرانسيس فوكوياما الذي وضع كتابه ( نهاية التاريخ ) إعتقادا منه بإنتهاء وجود أي أعداء جدد بعد الإنتصار التاريخي المتمثل بإنهيار القطب الثاني ، لم يدم هذا التفاؤل الهش لأكثر من عقد وإبتداءا من أحداث الحادي عشر من سيبتمبر  ، وغزو أفغانستان عام 2001 ، وإحتلال العراق عام  2003 صعودا ، حيث لم تلبث أن نشبت صراعات بأنماط جديدة سواء بمواجهة الراديكاليين الإسلاميين أو بين الدول الكبرى نفسها .

بعد الحرب الباردة كثيرا من الدول أصبحت أكثر هشاشة ، بل إن كثير من الدول بات بالامكان أن يطلق عليها دول فاشلة ، ونجمت عن هذه الهشاشة تداعيات مباشرة إستفزت إستقرار النظام الدولي الجديد بسبب فساد أنظمة هذه الدول السياسية وغياب العدالة الاجتماعية إضافة لتأثيرات ندرة المياه وتحديات التصحر والبيئة والمناخ ، ناهيك عن مشاكل الهجرة والتطرف ، برزت جميعها كتحديات جديدة غير مسبوقة ، بالمقابل أيضا فقدت الدول الليبرالية الغربية المتقدمة قدرتها وصدارتها السابقة في التأثير أو القيادة في ظل خضم هذه التحديات الغامضة والمتداخلة .

الواقعيون وإنطلاقا من رؤيتهم الراسخة في إن الصراع وليس التعاون هو جوهر العلاقات الدولية ، يعتقدون بالضد من تفاؤل الليبراليون ، في إن عناصر التدمير ستتغلب على عناصر البناء في طبيعة النظام الدولي الجديد القائمة كنتيجة حتمية جراء تضاد مصالح  الدول كسمة غالبة .

تتلخص وجهة نظر المدرسة الواقعية في السياسة الدولية في نظرتها للنظام الدولي الجديد لعالم ما بعد الحرب الباردة ، بإعتقادهم  في إن حقبة الحرب الباردة كانت آمنة نسبيا وذلك بسبب وضوح معادلة توازن القوة بين قطبين متنافسين تدور في فلك كل منهما بقية الدول ، كما إن الترسانة النووية الدولية كانت تحت السيطرة بسبب إدراك هاذين القطبين في إن إستخدامهما سيؤدي إلى دمار كلا القطبين ، وهنا المفارقة في إن أخطر سلاح كان سببا في عقلنة إدارة الصراع من قبل هذه الدول العظمى .

بالمقابل فقد شهدت الساحة الدولية لمرحلة ما بعد الحرب الباردة حالة من الانفلات ومن اللايقين وإختل التوازن التقليدي بين الدول بسبب ظهور أطراف وفاعلين من غير الدول بعد أن غاب مفهوم العدو المشترك .وهناك إحتمال لعودة الصراعات والفوضى بصورة أكبر .

بخصوص اللاعبين غير الدوليين حيث إزداد دور وحجم وتأثير الجماعات من غير الدول وفي مقدمة ذلك بروز الإرهاب كلاعب رئيسي من غير الدول وإزدياد الحروب من نمط الحروب غير المتماثلة ، الى الحد الذي أعلن معه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش ( الحرب العالمية على الإرهاب ) وكان تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة نموذجان لذلك .

من جانب آخر ، في الوقت الذي يرى الليبراليون إن مشكلات البيئة والمناخ كتحديات مشتركة تواجه الجنس البشري وتعد مدخلا لتعاون الدول ، فإن الواقعيون يعتقدون إن هذه التحديات ستكون مصدرا لصراعات دولية جديدة .

طبقا للكاتب فإنه يصنف الدول في النظام الدولي الجديد إلى :

أولا – الدول الليبرالية الرأسمالية المتقدمة ( نماذج أميركا والغرب )

ثانيا – الدول على طريق التحديث ( نموذج الصين وروسيا والهند والبرازيل )

ثالثا – الدول الضعيفة أوالهشة أو الفاشلة ( نموذج جنوب العالم )

كما ويحدد الكاتب المخاطر التي تواجه نظام الأمن الجماعي العالمي حاليا والتي هي تختلف عن تلك المخاطر والتهديدات التي سادت فترة الحرب الباردة :

-هشاشة الدول الضعيفة وإحتمالات إندلاع الحروب الأهلية

-الخلافات الحادة على المصالح والنفوذ بين القوى الكبرى نفسها .

-غياب الأمن الإنساني

من وجهة نظرنا المتواضعة إن تصنيف الدول حسب تراتبية توزيع القوى يمكن تصنيفها على النحو التالي :

أولا – القوى العظمى - وهي تلك التي تمتلك كامل أضلاع مثلث القوة العالمي ( الضلع العسكري ، الإقتصادي ، التكنولوجي ) وحاليا فقط الولايات المتحدة تتربع كدولة عظمى حيث تحوز على نسبة 41% من حجم الانفاق العسكري العالمي إضافة الى تفوقها في الابتكار وبراءات الاختراع .

ثانيا – القوى الكبرى : وهي تلك الدول التي تمتلك ضلعين فقط من أضلاع مثلث القوة العالمي ، وينطبق هذا الوصف على الدول الكبرى كالصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ، ومن متوقع أن تتقدم الصين كمنافس جدي كدولة عظمى وذلك بحلول عام 2050 بعد أن تستكمل مقومات تفوقها لا سيما التكنولوجي .

ثالثا – الدول الإقليمية

رابعا – الدول الضعيفة والهامشية والهشة والفاشلة

الخلاصة

ينتهي الكاتب إلى تعريف للنظام الدولي الجديد بأنه : ( ترتيب للحكم ، داخل الدول ، وفيما بينها ، بمشاركة من لاعبين آخرين )

ثمة وجهتي نظر في هذا الكتاب المهم حول طبيعة النظام الدولي الجديد لمرحلة ما بعد الحرب الباردة .

أولا – وجهة النظر الليبرالية : وهي نظرة متفائلة تعتقد ، بأنه بإنهيار الإتحاد السوفيتي وزيادة عدد الدول الديمقراطية وزيادة التبادل والتعاون الدولي وتبني إقتصاد السوق فإن مجتمعا دوليا مسالما سيسود وسيختفي شبح الحروب  مقارنة بحقبة الحرب الباردة .

ثانيا – وجهة النظر الواقعية : على الرغم من المؤشرات أعلاه فإن محركات ومولدات التنافس والصراع نتيجة تضارب المصالح سيبقى هو جوهر العلاقات الدولية حتى وإن تغيرت طبيعة أو مسميات أو آليات إدارة الصراع ، فمشاكل البيئة والعولمة وهشاشة التماسك الإجتماعي الداخلي للدول  والصراعات الأهلية وحيازة التكنولوجيا الرخيصة للأسلحة والتطرف والإرهاب ، جميعها مقدمات لأنماط جديدة وقادمة من الصراعات والحروب .

 مدير مركز دجلة للدراسات والتخطيط

 


مشاهدات 84
الكاتب خالد المعيني
أضيف 2024/08/31 - 12:11 AM
آخر تحديث 2024/09/01 - 4:50 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 83 الشهر 83 الكلي 9988705
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير