إساءة الأنفال للأنفال

شيرزاد نايف

تُصادف هذه الأيام الذكرى السادسة والثلاثون لحملة الأنفال التي شنها النظام البائد ضد الشعب الكردي في منطقة بهدينان. حيث يُعتبر «الأنفال» في السياق الإسلامي جزءًا من مفاهيم الرحمة والعدل، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه»، الذي يُبرز أهمية حماية حقوق المسلمين وصون كرامتهم. لكن الحملة التي استهدفت الشعب الكردي شوهت هذا المفهوم، محوِّلة إياه إلى أداة قمعية همجية، واستُغلت ككلمة حق أُراد بها باطل. ما فعله النظام البائد يتناقض تمامًا مع هذه القيم، حيث استخدم الأنفال كذريعة لشن حملة إبادة جماعية، تسببت في قتل آلاف الأبرياء، تدمير القرى، وتهجير السكان.

والأسوأ من ذلك كان الصمت الدولي وتداعياته. على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عامًا، لا يزال المجتمع الدولي يواجه صعوبة في الاعتراف رسمياً بهذه الجرائم كإبادة جماعية. يعكس هذا الصمت تقاعساً من قبل المنظمات الدولية التي فشلت في حماية حقوق الإنسان. ومع تطور وسائل الإعلام، أصبح العالم أكثر إدراكًا للظلم الذي تعرض له الشعب الكردي، ولكن ما زال هناك نقص في الإجراءات العملية لتحقيق العدالة.

في هذه الذكرى المؤلمة، تدعو عائلات الضحايا والمتضررون جميع الناشطين في مجال حقوق الإنسان، خاصة من بين أوساط الشعب العراقي والداعمين لقيم الحرية والديمقراطية، إلى تحويل بياناتهم إلى أفعال ملموسة. يجب أن يكون هناك تحرك جاد لمحاسبة المسؤولين وتعويض الضحايا، مع ضمان عدم تكرار مثل هذه الفظائع. إن الخطوات المستقبلية يجب أن تشمل دعم الجهود لتوثيق الجرائم، وتعزيز العدالة الدولية، وتقديم الدعم للناجين وأسر الضحايا.

إحياء ذكرى حملة الأنفال هو تذكير بأهمية الالتزام بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان، ويجب أن يعكس التحرك الدولي استعدادًا حقيقيًا لمواجهة التحديات الإنسانية الكبرى.