الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فرنسا تودّع آلان ديلون.. الساموراي الأخير يوصى بدفنه في منزله جوار كلابه

بواسطة azzaman

فرنسا تودّع آلان ديلون.. الساموراي الأخير يوصى بدفنه في منزله جوار كلابه

 

باريس - سعد المسعودي

حتى  وصّية آلان ديلون  الأخيرة مؤلمة  وحزينة ولاتخلوا من الغرابة   كتبها قبل رحيله بفترة وجيزة، وهي بمثابة رسالة وداع مؤثرة من أيقونة السينما الفرنسية إلى جمهوره. تحمل هذه الوصية الكثير من المعاني والدلالات، وتكشف عن جوانب عميقة من شخصية هذا النجم الأسطوري.

يبدأ ديلون وصيته بالتعبير عن شكره وتقديره لجمهوره على دعمهم وحبهم له طوال مسيرته الفنية. هذا التعبير عن الشكر يعكس تواضعه وتقديره لجمهور كان ولا يزال مصدر إلهام له، ويصف حياته كرحلة مليئة بالتجارب المتنوعة، من الحب والشغف إلى الفشل والنجاح.

هذه الرؤية للحياة تعكس نضوجه وحكمته، وقبوله لأوجه الحياة المختلفة، ويؤكد أن أهم ما يبقَى من الحياة هو الحب والتقدير من الآخرين. هذا التركيز على الجوهر الذي يعكس قيمًا إنسانية عميقة، ويظهر أن الشهرة والمجد هما أمور عابرة.

وابنائه الثلاثة « أنتوني وأنوشكا وآلان فابيان « سيطبقون وصيّة والدهم  بعدما اثارت وفاته  سيلا من ردود الأفعال الحزينة والمواقف التي اشادت بالممثل الراحل من مختلف انحاء العالم , و سيُدفن النجم آلان ديلون، بالقرب من كلابه في منزله ببلدة دوشي بإقليم لواريه في وسط فرنسا، حيث توفي. و سيقام تكريم للراحل رغم  مطالبة عائلته  بأن تكون مراسم  جنازته  مقتصرة على  العائلة وبعض الأقارب  والعاملين في المهنة.

ونشر أبنائه الثلاثة الأحد نعيا مشتركا لوالدهم بعد نزاع قضائي وإعلامي استمر أشهراً عدة بينهم في شأن الرعاية الطبية لوالدهم.

وفي حين لا يختلف اثنان على مكانة بطل «لو غيبار» Le Guepard  و»لو ساموراي» Le Samourai  كممثل، تثير شخصيته مشاعر متفاوتة، إذ ثمة من كان يصف مواقفه بأنها «رجعية»، في حين كان البعض الآخر يأخذ عليه «غروره» أو «ذكوريته». ولم يتضح بعد ما إذا كان سيقام تكريم للراحل أم أن الجنازة ستتسم بطابع الخصوصية التامة وستقتصر على الأقارب والعاملين في المهنة.

وكانت وصيّة ديلون أن يُدفن بالقرب من كلابه في دارته في دوشي بمقاطعة لواريه (وسط فرنسا)، حيث توفي.

وذكر نائب محافظ لواريه كريستوف أورو إنه سبق أن بدأ «إجراءات إدارية في هذا الصدد»، مشيراً إلى أن السلطات المحلية «أعطت موافقتها من حيث المبدأ» على هذه الرغبة.

وطوال يوم الأحد، تقاطر عدد من محبي ديلون إلى محيط دارته في دوشي لإلقاء نظرة الوداع على المكان الذي عاش فيه، ولوضع بعض الزهور أمام منزله.

وصرحت ماري أرنولد، وهي من سكان المنطقة، خلال وضعها الزهور مع شقيقتها ميشيل، إنها تبكي رحيل من يمثّل «جزءا» من شبابها. وقالت «في رؤوسنا، نعتقد أن هؤلاء الرموز أبديون. إنه أمر محزن جدا».

صحافة عالمية

وعلى الصعيد الإعلامي في فرنسا، قطعت المحطات التفزيونية برامجها وقدمت نقلا مباشرا عن الرحيل الصادم والحزين وتمت استضافة اصدقاء المهنة ونقاد السينما الفرنسية والعالمية  وخصصت الصحف اليومية الوطنية الصفحات الأولى من أعدادها الصادرة الاثنين لديلون. والتقت «لو فيغارو» و»لو باريزيان» على عنوان واحد هو «الساموراي الأخير»، من وحي فيلم «لو ساموراي» من بطولة الراحل، في حين أن «ليبراسيون» فضلت نشر صورة بالأبيض والأسود للممثل وفي فمه سيجارة مع عبارة «بلان سوماي» Plein sommeil («نوم تام») على وزن عنوان أحد أشهر أفلامه «بلان سولاي» Plein Soleil  (شمس كاملة). وأظهر الاهتمام الذي أولته صحف العالم لخبر وفاة ديلون والمساحة الكبيرة التي أفردها بعضها للكتابة عنه ما كان يتمتع به من هالة تجاوزت حدود فرنسا بكثير. من طوكيو إلى نيويورك مرورا ببلدان أوروبية عدة، أشادت الصحافة العالمية الاثنين بالممثل ديلون، من دون أن تخفي الطبيعة الجدلية أحيانا لآراء «أجمل رجل في تاريخ السينما».

صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية وصفت آلان ديلون بأنه «ممثل عظيم ورجعي كبير»، في إشارة إلى ما كان يوصف بتناقضات شخصيته، بين براعته التمثيلية الكبيرة التي شكّلت موضع تقدير واسع، والانتقادات التي طالت مواقفه من النساء أو من المثلية الجنسية.

ولم تتوانَ صحف إيطاليا (حيث صوّر آلان ديلون الكثير من الأفلام في بداية حياته المهنية)، بينها صحيفة «كورييري ديلا سيرا»، عن كيل المديح للنجم «الجميل» الذي وصل إلى مرتبة «الأسطورة».

وكتب الناقد البريطاني في صحيفة «ذي غارديان» بيتر برادشو «بوسامته وسحره، كان آلان ديلون أحد أكثر نجوم السينما غموضا».

وبوفاة ديلون، تنتهي حقبة، وتنطوي صفحة من تاريخ الفن السابع الفرنسي هي تلك الممتدة من ستينات القرن العشرين إلى ثمانيناته، كانت فيها السينما الناطقة بلغة موليير في ذروة قوتها، وذات مكانة عالمية.

ورحل ديلون بعد معظم من أحبهم أو عمل معهم، مثل جان غابان، ولينو فينتورا، ورومي شنايدر، والمخرجين الإيطاليين لوتشينو فيسكونتي ومايكل أنجلو أنطونيوني.

وبعد وفاة ديلون، وقبله في 2021 رحيل صديقه جان بول بلموندو الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة، لم يبق من كبار هذه الحقبة سوى بريجيت باردو البالغة 89 عاما والتي اعتزلت المهنة منذ عقود.

من جهتها، علقت بريجيت باردو، في رسالة مكتوبة بخط اليد أرسلتها إلى وكالة الأنباء الفرنسية، على وفاة ديلون بالقول «إنّ رحيله يُحدث فراغا كبيرا لن يتمكن أي شيء أو أحد من ملئه».

وكتبت المرأة التي لا تزال آخر أسطورة حية للفن السابع الفرنسي «كان يمثل أفضل ما في السينما الفرنسية المرموقة. فهو سفير للأناقة والموهبة والجمال»، مضيفةً «لقد خسرت صديقا وشريكا».

أما الممثلة كلوديا كاردينالي التي تشاركت مع ديلون بطولة فيلم «لو غيبار»، فقالت في رسالة «لقد انتهت الحفلة الراقصة. ذهب للرقص مع النجوم...».

وفي منشور عبر منصة «إكس»، علّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على وفاة ديلون،  بالقول «موسيو كلاين أو روكو، لو غيبار أو لو ساموراي، آلان ديلون أدى أدوارا أسطورية، وجعل العالم يحلم. لقد منح وجهه الذي لا يُنسى ليقلب حياتنا رأسا على عقب».

وكتبت المغنية الكندية سيلين ديون عبر «إكس»: «لقد كان جزءا من حياتنا بألوان السينما، والجاذبية التي كان يتمتع بها كانت تتجاوز كل الحدود بين الحلم والحقيقة».

وتابعت «رحيله يحزنني. سأبقي كلماته تهمس في أذني كسعادة مشتركة خلال أغنية»، في إشارة إلى أغنية «باروليه... باروليه» التي قدّمها قبل عقود مع المغنية داليدا، وغنتها سيلين ديون في دويتو مع الممثل خلال برنامج تلفزيوني عام 1996.

وحيّت المغنية والممثلة ميراي ماتيو «صرحا فرنسيا»، في حين لاحظ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن ديلون «جعل العالم يحلم» و»منح وجهه الذي لا يُنسى ليقلب حياتنا رأسا على عقب .

وبهذا الرحيل الحزين تكون السينما  العالمية قد فقدت رمزًا من رموزها، وشخصية ستبقى خالدة في ذاكرة عشاق الفن السابع.


مشاهدات 117
أضيف 2024/08/20 - 5:29 PM
آخر تحديث 2024/08/22 - 7:45 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 363 الشهر 9366 الكلي 9984910
الوقت الآن
الخميس 2024/8/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير