الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فارس البياتي في أصغر كتاب.. فلسفة العدل والتدوين من حضارة العراق القديم

بواسطة azzaman

فارس البياتي في أصغر كتاب.. فلسفة العدل والتدوين من حضارة العراق القديم

 

بغداد- زكي الحلي

   بينما يحمل العالم بين طياته آلاف الكتب الكبيرة والمجلدات الضخمة، يظهر على الساحة الثقافية كتاب فريد من نوعه لمؤلفه البروفيسور العراقي الدكتور فارس البياتي، يحمل فلسفة عميقة في عبارة قصيرة لا تتجاوز السطر والنصف. إنه الكتاب الأصغر في العالم لعام 2024، والذي جاء بلغتين: العربية والإنجليزية. على الرغم من حجمه الصغير، إلا أن هذا الكتاب يتضمن رسالة عميقة تحمل معاني كبيرة تمتد بجذورها إلى حضارة العراق القديم.الصورة التي اختيرت لغلاف الكتاب، والتي تجسد نحتًا للملك حمورابي، ليست مجرد رمز من الماضي، بل هي رسالة حية تربط بين تاريخ العدالة الإنسانية وبين قيم التدوين والتشريع. حمورابي، الذي كان يُعتبر «ملك العدل»، وضع أولى أسس القانون المكتوب في تاريخ البشرية. هذا النحت الذي يظهر في قاعة الكونغرس الأمريكي ومبنى الكابيتول ليس مصادفة، بل هو اعتراف عالمي بأهمية هذه القوانين التي كانت تحمل في طياتها مفاهيم العدالة والحق.النبي إبراهيم عليه السلام عاش في تلك الحقبة التاريخية، وارتبطت قصته بحضارة بابل التي كانت تحت حكم حمورابي. بذلك، يجسد الكتاب تواصل القيم بين الأديان السماوية وحضارة العراق التي قدمت للبشرية نظمًا تشريعية كانت أساسًا للعدالة منذ ما يقارب 4000 سنة.الفلسفة وراء هذا الكتاب تتجلى في كلماته المقتضبة وصورته الرمزية. فالعبارة المكتوبة تحمل في طياتها رمزية تتجاوز الكلمات، وتبرز أهمية العدالة والتدوين كمفاهيم أساسية لأي مجتمع إنساني. الصورة المصاحبة للكلمات، والتي تمثل نحت حمورابي، تؤكد أن العدالة ليست مفهومًا جديدًا، بل هي ركن أساسي في بناء الحضارات.اختيار المؤلف لهذا الكتاب الصغير يعكس رؤيته العميقة في أن الحجم لا يعبر عن قيمة المحتوى. فكما كانت قوانين حمورابي مختصرة لكنها أسست لفهم جديد للعدالة، يحمل هذا الكتاب رسالة كبيرة في حجمه الصغير. البياتي أراد أن يربط بين الماضي والحاضر، بين العراق القديم وحاضر العالم المعاصر، ليذكرنا بأن العدالة هي أساس استمرارية الحضارات.في عالم يسوده الصخب والتعقيد، يظهر هذا الكتاب كرسالة بسيطة وعميقة في آن واحد، يذكرنا بأن القيم العظيمة يمكن أن تُعبَّر في أبسط العبارات وأصغر الأحجام. وهذه هي فلسفة المؤلف في تقديم هذا الكتاب: أن القيم الإنسانية الكبرى، مثل العدالة والتدوين، لا تحتاج إلى كلمات كثيرة لتصل إلى قلوب الناس، بل تحتاج إلى رمز يمتد عبر الزمن ليتجاوز الحواجز اللغوية والثقافية.يظل هذا الكتاب نموذجًا حيًا لكيفية استلهام الماضي لخدمة الحاضر والمستقبل، وكيف يمكن لفلسفة العدالة أن تتجسد في رمز صغير لكنه يحمل في طياته عمقًا حضاريًا يربط بين الأجيال والثقافات.

 

 


مشاهدات 115
أضيف 2024/08/19 - 4:24 PM
آخر تحديث 2024/08/22 - 8:27 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 365 الشهر 9368 الكلي 9984912
الوقت الآن
الخميس 2024/8/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير