الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العلماء حُكّام الملوك

بواسطة azzaman

العلماء حُكّام الملوك

حسين الصدر

 

-1-

قال تعالى :

( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )

               المنافقون / 8

اذا كانت العزّةُ سِمةَ المؤمنين الصادقين في ايمانهم فكيف لا تكون من أبرز سمات العلماء ؟

-2-

واذا كان بعض مَنْ يُحسبُ على العلماء - وهو لم يتخلق بأخلاقهم - يستسيغ الملق للملوك والحكام ويحابيهم لينال من دنياهم، فانّ هناك علماء آخرين لا تلمح في سيرتهم أية علامة من علامات حُبّ الاتصال بالملوك والحكام ، لا بل انهم يظهرون استغناءهم الكامل عن السلطان وعن كل ما تحت يده ..!!

-3 –

ويحسن بنا ان ننقل لكم في هذا الباب قصتين :

الأولى :

« لما قدم السلطان عبد العزيز العثماني مصر زار الجامع الازهر وصحبه الخديوي إسماعيل ، فلاحظ الخديوي أنّ شيخ الازهر ليس مهتما بالسلطان، وكان قد اسند ظهره ، ومَدّ رجله ، فأسرع الخديوي لإبعاد السلطان عنه ، ثم كلف احد رجاله أنْ

 يذهب بِصُرّةٍ من المال الى شيخ الازهر ، يريد بها أن يعرف حاله، فلما جاء الرسول ليعطيه الصُرّة قبض الشيخ يده عنه وقال له :

قل لمن أَرْسَلَكَ :

انّ مَنْ يمدُ رِجْله لا يمد يَدَه .

الثانية :

امر السلطان سليم خان بقتل مئة وخمسين رجلا من حفاظ الخزائن، فتنبه لذلك المولى علاء الدين علي بن احمد بن محمد الجمالي المفتي فذهب الى الديوان العالي ولم يكن من عادتهم أنْ يذهب المفتي الى الديوان العالي الا لحادث عظيم فتحير اهل الديوان .

ولما دخل الديوان سلم على الوزراء فاستقبلوه وأجلسوه في صدر المجلس ثم قالوا له أي شيء دعا المولى الى المجيء الى الديوان العالي ؟

قال : أريد أنْ أدخل على السلطان ولي معه كلام فعرضوه على السلطان سليم خان فاذن له وحده .

فدخل وسلم عليه وجلس ثم قال وظيفة ارباب الفتوى أنْ يحافظوا على آخرةِ السلطان، وقد سمعت انك امرت بقتل مئة وخمسين رجلاً لا يجوز قتلهم شرعاً فعليك بالعفو عنهم، فغضب السلطان وكان صاحب حِدّة وقال : إنك تتعرض لامر السلطنة وليس ذلك من وظيفتك قال :

لا بل اعترض لامر آخِرتِكَ وانّه من وظيفتي فان عفوت فلك النجاة والا فعليك عقاب عظيم .

-4-

الضمير الحيّ والاحساس العالي بالمسؤولية تدفع بالعلماء الى التدخل صيانةً للارواح من الازهاق على يد السلاطين ، وحفاظاً على حياتهم وحقوقهم ويشارك

 العلماء في هذا أصحاب النفوس الخيّرة التي لا يرضيها ان تكون آمنةً مطمئنة في حين يجرع المظلومين كؤوس الخطر والعناء .

قال تعالى :

( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )

المائدة / 32

نسأله تعالى أنْ يوفقنا واياكم لنفع الناس والذود عن حقوقهم ومصالحهم بعيداً عن كل ألوان الأنانية والنكوص عن مقتضيات المسؤولية ، وهو الموفق والمعين.

 

 

 

 


مشاهدات 128
الكاتب حسين الصدر
أضيف 2024/08/18 - 5:49 PM
آخر تحديث 2024/08/22 - 9:47 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 385 الشهر 9388 الكلي 9984932
الوقت الآن
الخميس 2024/8/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير