الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أحوالنا مع الست الرئيس

بواسطة azzaman

أحوالنا مع الست الرئيس

فؤاد مطر

 

لم يخطر في البال هذا المهرجان الترحيبي من جانب «الكونغرس الجمهوري» برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، خصوصاً أن زائر الولايات المتحدة في عز سباق إنتخابي لا مثيل لحدة التخاطب فيه إلى حد التجريح، زائر حرب وطالب سلاح ويخوض مع المعارضة في إسرائيل صراعاً أثقل كاهله بعبارات الإستهانة ومطالب الإستقالة.. هذا إلى أن عهده ذهب مثلاً في حرب إبادة وتجويع لقطاعات عريضة من الشعب في قطاع غزة إلى جانب تدمير المنازل والمستشفيات والمساجد والمدارس والكنائس. وبدل هذا الترحيب غير المحترم  من جانب أطياف لها دورها في صناعة القرار السياسي والعسكري الأميركي، وبدل هذا المهرجان من جانب الذين صفقوا لعبارات الباطل البنياميني 81 مرة جلوساً ووقوفاً خلال إلقاء مطالعته التي إستغرقت 52 دقيقة مبثوثة عبر الفضائيات متضمنة إهانة المتظاهرين خارج مبنى الكونغرس بالقول أنهم أدوات تمولها إيران.. بدل ذلك. إجراء مناظرة مع زائرهم الذين قتلت آلة حكومته الحربية من الأطفال والنساء والمسنين والمرضى بضعة ألوف ومن دون أن يشعر بغير الإستمتاع بما إقترف. وفي هذه المناظرة التي يشارك فيها رموز أطياف سياسية من الحزبيْن وتتم في فضاء رحب من الصراحة، وبذلك لا تعود جلسة الكونغرس عبارة عن «حفاوة جمهورية» برئيس حكومة يبيع سياسيي أميركا سلعة لخصها في قوله «عندما نقاتل إيران فنحن لا نحمي أنفسنا فقط بل نحميكم أنتم أيضاً. أعداؤنا أعداؤكم. معركتنا معركتكم. إنتصارنا إنتصاركم...». مع ملاحظة أنه حتى الآن وحتى إشعار آخر لا إسرائيل تحارب إيران ولا إيران تحارب إسرائيل، وبالتالي فإن مصير أميركا ليس في خطر.. وإنما الخطر هو من إسرائيل على أمن دول المنطقة وإستقرارها وتنميتها.

ولولا وقفة من جانب كاميلا هاريس «الست الرئيس» بإحتمال حدوث هذه المفاجأة منتصرة على ترمب المتعاظم شأنه، تتسم بالتعقل وبُعد النظر وبغرض إزالة شوائب من جانب الرئيس جو بايدن وتمثلت بعدم مشاركتها في مهرجان التصفيق وبكلام ليست مفرداته من النسيج نفسه لكلام نتنياهو في ذلك المهرجان، لكان منسوب الثقة بالسياسة الأميركية والذين يمثلونها دبلوماسياً وأمنياً سيلقى من جانب دول كثيرة صديقة للولايات المتحدة تراجعاً ملحوظاً، أو في الحد الأدنى وقفة تأمُّل تؤسس لموقف، وهذا وارد الإحتمال في الآتي من أيام ما بعد حسم الخيار الإنتخابي ومَن سيتربع  على كرسي رئاسة الدولة العظمى: دونالد ترمب أم كاميلا هاريس. وهذا بإفتراض أن سباق الرئاسة سينحصر عليهما فقط ومن دون حدوث المفاجأة التي ليست في الحسبان كأن يقتحم الميدان مرشحون آخرون.

وبالنسبة إلى «الست الرئيس» بإحتمال ما سيحدث فإن ترؤسها ربما يشكل لنا كعرب ولدول كثيرة في العالم الثالث حالة تصحيح لمواقف أميركية ظالمة مثل موقف الرئيس بايدن مع الباطل الإسرائيلي المستمر على مدار الساعة عدواناً منذ اليوم الأول لواقعة الأسْر الحمساوية، وموقف «الكونغرس الجمهوري» الذي صفق بدل أن يسائل على نحو ما فعلت وإن تلميحاً «الست الرئيس» كاميلا هاريس.

عدم الانحياز

وعموماً إن في ترؤس حواء ما يخفف من وطأة ترؤس آدم. هذا على الصعيد الإنساني. وعلى مدى ستة عقود واكْبنا كعرب مسيرة أنماط من «الست الرئيس» وبات بعضهن، بحكم إنتساب دولهن إلى حركة عدم الإنحياز الذي كان الرئيس جمال عبدالناصر أحد أعمدة هذا الكيان، حاضرات في الذاكرة العربية مثل رئيسة حكومة سيلان سريمافو باندرانيكا ورئيسة حكومة الهند انديرا غاندي ورئيسة حكومة باكستان بنظير بوتو.

وإذا كانت عشرات الدول الأوروبية والأميركية الجنوبية ودول عدة في العالم الثالث إختارت حواء للترؤس (الأكثرية رئاسة حكومة) فإن تجربة «الست الرئيس» بالنسبة إلى الشعب الأميركي وإلى هضاب السياسات الخاطئة في حق شعوب كثيرة من جانب الإدارة الأميركية وبالذات سياسة هذه الإدارات أزاء القضية الفلسطينية، ربما تشكِّل نقلة نوعية لمصلحة هيبة الحكم. وبذلك يصبح ترؤسها مثل ترؤس مارغريت تاتشر للحكومة البريطانية بضع سنوات وترؤس أنجيلا ميركل لمستشارية المانيا. وكلتاهما كانتا رمز المرأة التي يقال توصيفاً شعبياً عنها «أخت الرجال».

هل ستكون أحوالنا كعرب في حال ترأست كاميلا هاريس أحسن مما كانت عليه مع الإدارات الأميركية المتعاقبة؟ لعل وعسى.

 


مشاهدات 102
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2024/07/31 - 4:28 PM
آخر تحديث 2024/08/07 - 8:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 130 الشهر 2560 الكلي 9978104
الوقت الآن
الأربعاء 2024/8/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير