الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
توظيف المطالب الإجتماعية

بواسطة azzaman

توظيف المطالب الإجتماعية

عدنان سمير دهيرب

 

إن تفاقم المشاكل و تراكم الأزمات وشيوع الخلافات و الصراعات أصبح علامة لبيئة شوهاء و ملامح لواقع أفسدته عوامل سياسية و إجتماعية وإقتصادية , أنتجت مزيداً من المعاضل و التقهقر , جراء الإهمال أو المعالجات السطحية , مما أفضى الى تراجع المطالب السياسية و الانتباه للمطالب الاجتماعية و تتمثل الأولى في المشاركة السياسية أو مشاركة المواطنين في صناعة القوانين و الرضى بما ينظم الحياة السياسية و القناعة بتدابير الدولة و الحرية بوصفها حق و ليس مشكلة تحدد جزرها و مدها القوى السياسية المتنفذة و تفعيل منظمات المجتمع وحق التظاهر و التجمع السلمي و الحق في التعبير عن الرأي والحوار وخلق فضاء عام يتناول البناء الديمقراطي و المؤسساتي للدولة فيما أصبحت المطالب الاجتماعية تطفوا على السطح و الغالبة في التناول لدى وسائل الاعلام و الساسة و قادة الرأي . وهذه الحاجات المطلبية لها مساس مباشر في حياة الانسان كالعمل والسكن والغذاء والتعليم والصحة  على الرغم من أن هذه الحقوق تشكل برنامج واجب التنفيذ من قبل الحكومة و الدولة .

معضلة دائمية

غير إن إهمالها و معالجتها الشكلية جعل منها معضلة دائمية تشغل الرأي العام بعيداً عن الاهتمام بقضايا أخرى لا تقل أهمية عن تلك الحاجات الحياتية اليومية , التي لم تزل تشكل سبباً ومبرراً للرفض الشعبي لتلك الطبقة السياسية الحاكمة من ناحية و فرصة سانحة لتدخل خارجي أقليمي و دولي أسهم بانتفاخ النتوءات و الانقسامات و مزيداً من المعاضل التي تغذي الرفض الشعبي للنظام السياسي وتشويه سمعة الدولة داخلياً و خارجياً . إذ أن البيئة المتصدعة سياسياً تؤثر عليها حتى المشاكل الضئيلة إجتماعياً . وتوظف سياسياً نتيجة التسويف أو التراخي في المعالجة . ما يفضي الى وقوع الازمات و عدم الاستقرار , وتشكل مقدمات للاحتجاج  و التظاهر الذي أصبح علامة للمدن المنسية التي تستغل كلما أستمر غياب التواصل و الاهتمام من قبل السلطات الحاكمة بتلك المطالب والحاجات لتنتج بعداً سلبياً على النظام السياسي . وقد تجلى ذلك خلال الاعوام السابقة بانطلاق إجتجاجاً و بروز تحديات أمنية و إنقسامات مجتمعية لفضاءات ثقافية وطنية تقـــــفز بين الحين والاخر. باستخدامها آنياً لإلهاء الناس عن المطالبة بحاجاتهم المتعثرة او الغائبة وهذه المخاتلة ستؤدي حتماً الى تراكم المشاكل و الانفجار في مرحلة لاحقة . لذلك نرى إن عدم مشاركة نسبة كبيرة من الناخبين في الانتخابات التي تجري كل أربعة أعوام سواء كانت برلمانية او للمجالس المحلية رغم إن الانتخابات هي تجسيد للحقوق او المطالب السياسية وأحد أهم آليات التجربة الديمقراطية وسيلة للرفض الشعبي في عدم منح الشرعية للنظام السياسي الذي يعاني من الكبوات التي أدت الى النقد اللاذع وأحياناً اللامسؤول من جمهور يعاني الاحباط و عدم تحقيق إمنياته في تحسين جودة الحياة وقد وجدت في وسائل الاعلام متعددة الخطابات آيديولوجياً ومنصات التواصل منابر لرفض سلوكيات وتعامل الطبقة السياسية الحاكمة مع المشكلات الراسخة لاسيما الخدمية والمعيشية التي أنتجت فوارق طبقية وحرمان وتهميش وفساد سياسي متمثل بعدم الإهتمام بالمصلحة العامة والشعور بالمسؤولية وأنتاج الفساد المالي والنهب المنظم للمال العام الذي أدى الى غياب العدالة الاجتماعية وصناعة الازمات التي غدت مبرراً للعبث بالامن الاجتماعي و إشاعة السلبية والاحباط لإستغلالها من قبل دول وقوى مناهضة تسعى الى تعميق هشاشة النظام والتجربة الديمقراطية الوليدة وإفراغها من الايجابيات وإن كانت جزئية و محدودة .

قضايا مهمة

لذلك يتطلب المزيد من الإصلاحات والمعالجة والشفافية في طرح القضايا المهمة على الرأي العام لوضع الحلول الناجعة وكشف الحقائق وليس تغطيتها بالمماطلة والتأويلات . لأن المساندة والتبادل الايجابي في عرض الأفكار بين الشعب والدولة هو السبيل للبناء والارتقاء وليس الاتكاء على جهات خارجية تبحث عن مصالحها على حساب تطلعات أبناء البلد في العمران و التقدم .

 


مشاهدات 455
الكاتب عدنان سمير دهيرب
أضيف 2024/07/30 - 4:22 PM
آخر تحديث 2024/11/24 - 9:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 322 الشهر 10240 الكلي 10053384
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير