منغوليون يحاربون التلوّث البلاستيكي في سهوبهم الشاسعة والمهيبة
خيشيغ أوندور,منغوليا (أ ف ب) - يتنهد مربي الماشية بوريف باتمونخ فيما يجمع النفايات البلاستيك المتناثرة عبر السهوب الخضراء والمهيبة في منغوليا، وهو تلوث قبيح ويشكل خطرا على الحيوانات ومنتشر على نطاق واسع في البلاد.تعد منغوليا من بين أكبر الدول المنتجة للنفايات البلاستيك في العالم للفرد، وفي ظل غياب برنامج مركزي لإعادة التدوير، ينتهي حوالى 90 في المئة منها في مطامر، وفق ما يقول ناشطون.
وقال باتمونخ لوكالة فرانس برس في منطقة خيشيغ أوندور في مقاطعة بولغان (شمال)، إن «معظم الناس يعيشون في اللحظة الحالية ولا يفكرون في المستقبل وهم فقط يرمون القمامة»، مضيفا «لا يعرفون إلى متى ستبقى هذه النفايات، إلى كم سنة».يعتبر رمي النفايات عشوائيا أمرا غير قانوني لكنه شائع، لدرجة أن بعض هذه النفايات ينتهي بها الأمر في المراعي حيث تتناولها الماشية لاحقا.
وروى باتمونخ أن واحدة من البقرات التي يملكها كان «يسيل لعابها ولم تكن قادرة على التحرك... وبعد أيام نفقت».وتابع “بعد ذلك قمنا بتشريح جيفة البقرة وتبيّن وجود معطف واق من المطر بداخلها، من رقبتها مرورا بأمعائها ومثانتها».وفرضت منغوليا حظرا على الأكياس البلاستيك ذات الاستخدام الواحد عام 2019، لكن في السهوب، يبدو أنه لم يكن لذلك تأثير يذكر.
على الصعيد العالمي، ازداد الإنتاج السنوي للمواد البلاستيك خلال 20 عاما ليصل إلى 460 مليون طن، فيما يعاد تدوير 9 % منها فقط.وأشارت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى أن مساهمتها في احترار المناخ قد يتضاعف بحلول العام 2060، بعدما كانت تمثل 3,4 في المئة من الانبعاثات العالمية عام 2019.لكن في المناطق الريفية في منغوليا، يحاول البعض تقديم المساعدة.منذ العام 2018، أنشأت منظمة «إيكوسم» المحلية واحدا من أول مرافق إعادة التدوير في المنطقة لتشجيع الرعاة وغيرهم على جمع النفايات المحلية وإحضارها إليهم لمعالجتها.والهدف من هذا المشروع المموّل جزئيا من الاتحاد الأوروبي، هو تحويل منطقة خيشيغ أوندور إلى أول منطقة «صفر نفايات» في منغوليا.وقال باتخوياغ نارانبات، المنسق التقني في منشأة إعادة التدوير لوكالة فرانس برس «هذه الأنواع من البلاستيك منتشرة في كل أنحاء منغوليا. يجب أن يتوقف ذلك!».وأضاف نارانبات أن سكان المناطق المحيطة اعتادوا رمي المخلفات البلاستيك في حفر عملاقة أو حرقها وتابع «لكن عندما أدركنا مدى الضرر الذي يشكّله هذا التلوث البلاستيكي، ليس فقط على العالم بل أيضا على بلدنا، تساءلنا: ماذا فعلنا؟».ومضى بالقول «نحن من سبّبنا المشكلة، ونحن من يجب عليه حلّها».
تنظيف السهوب
قرر هيردر باتمونخ البالغ 58 عاما تقديم المساعدة أيضا، فبدأ يتوجه على حصانه كل أسبوع لتنظيف السهوب عبر جمع القمامة وتسليمها إلى إيكوسوم لإعادة تدويرها.وقال “أثناء رعي الماشية، أرصد قمامة فألتقطها وأضعها في كيس أحمله».وفي حين تحتاج العادات الفردية إلى تغيير، قال نارانبات إنه يجب محاسبة الشركات التي تنتج البلاستيك.وأضاف “يحتاج الأفراد إلى التغيير وبدء استخدام أشكال أخرى من المواد، مثل الألومنيوم، فهذه الأشياء قابلة لإعادة التدوير».في نيسان/أبريل، اختُتمت في كندا الجولة الرابعة وقبل الأخيرة من المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة بشأن أول اتفاق عالمي لحل مشكلة التلوث البلاستيكي العالمي.ومن المقرر أن تنتهي المحادثات في تشرين الثاني/نوفمبر في كوريا الجنوبية، رغم أن الحد الأقصى المقترح لإنتاج البلاستيك لم يدرج في مسودة النص وما زال نقطة شائكة رئيسية.لكن باتمونخ قال إنه شعر بأن الجميع في حاجة إلى تأدية دور في جعل الأرض مكانا أفضل موضحا «ما يميّزنا عن الحيوانات هو عقلانيتنا التي تجعلنا بشرا».وختم بالقول «كبشر يعيشون على هذه الأرض، علينا أن نتحمل مسؤولية الاهتمام بكوكبنا».