الذكريات تستيقظ
الذكرى 26 لوفاة الشاعر محمد مهدي الجواهري
عكاب سالم الطاهر
عام 1970 ، كنتُ طالباً في الصف الثالث بكلية الهندسة ، جامعة بغداد. ومن خلال عضويتي في اللجنة الاتحادية الطلابية ، كنت مسؤولاً عن النشاط الثقافي في الكلية. وفي آذار من ذلك العام ، أقامت الكلية أمسية أدبية حضرها العديد من الشعراء يتصدرهم الشاعر محمد مهدي الجواهري والشاعرة لميعة عباس عمارة والشاعر ( المصور ) خالد الشطري. ومن طلبة الكلية حضر الشاعر الطالب عبدالرضا الصخني حيث ألقى قصيدة نالت الإعجاب. وبحكم واجبي الاتحادي الثقافي، كنت باستقبال الشعراء وتوديعهم. وفي المقدمة منهم الشاعر الجواهري. وأتذكر.. عند التوديع ، صحبتُ الجواهري إلى سيارته. ولأننا ، حينها ، كنا في شهر آذار ، كان ليلُ بغداد بارداً نوعاً ما ، مع مطر خفيف . لحظتها فاجأني ( ابو فرات ) بقوله بلهجة محلية: إبني دير بالك عَليَّ.. تره عزرائيل بس إيريد له حِجّه!!. ويقصد بقوله: ان الموت على الابواب. وان ملك الموت عزرائيل قريب مني. ويبحث عن عذر لاصطيادي. وتكرر اللقاء في ربيع عام 1972، كانت جريدة الثورة تقيم ، في نادي الصيد ، دعوة عشاء تكريماً لوفد ايطالي سياسي واقتصادي رأسه السناتور ( باييتا )، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي، وهو من قادة الحزب الشيوعي الايطالي.
وممن حضروا الدعوة ،الشاعران : محمد مهدي الجواهري ومحمد صالح بحر العلوم. وبعد انتهاء الدعوة ، وكان الوقت متأخراً ليلاً ، فضل رئيس تحرير جريدة الثورة ، وكان في حينها ، الاعلامي طارق عزيز ، إيصال الجواهري بسيارته إلى داره في حي الصحفيين ، مجاور مستشفى اليرموك في بغداد.
مقعد خلفي
وهكذا كنا ثلاثة في السيارة : رئيس تحرير الثورة خلف مقود السيارة ، والى جانبه الجواهري. بينما جلستُ في المقعد الخلفي. وعند وصولنا إلى دار الجواهري، وكان الطقس باردا والوقت متأخراً ليلا.. بادرتُ إلى اصطحاب الجواهري إلى باب داره. عندها تذكرتُ ما قاله في أمسية كلية الهندسة قبل سنتين. فقلت له : عمي (ابو فرات ) ، دير بالك على صحتك.تره عزرائيل بس إيريد حجة ( عذر )!.
تفاجأ الجواهري .ورغم ذلك قال على الفور : صحيح ابني. لكنه استدرك قائلا ، مع نظرات حملت التساؤل والاستغراب:
إشمدريك ( كيف علمتَ ) ؟. كان رئيس التحرير ينظر لنا من داخل السيارة ، مستغربا من حديثنا.
**
في نهاية عام 2003 ، وقفت مع مجموعة من العراقيين ، عند قبر الشاعر الجواهري في مقبرة السيدة زينب ( ع ) في دمشق. وقرأنا الفاتحة.
رحم الله الجواهري الكبير. لقد انتقل
إلى جوار ربه في 27/ تموز / 1997.