الملك فيصل الثاني .. خطوبة لم تر النور
جواد الرميثي
في صباح 14 تموز 1958، كانت الاستعدادات قائمة في مطار( يشيل كوي) باستانبول لاستقبال الملك فيصل الثاني (1935م - 1958م) وكان رئيس الوزراء عدنان مندريس على رأس الوفد الذي كان ينتظر وصول الملك العراقي . إلا أن الجميع فوجئوا بوقوع الانقلاب في العراق ،
لم تعرف عائلة الأميرة فاضلة ابراهيم سلطان ( 1941) خطيبة الملك فيصل الثاني تفاصيل الأحداث المروعة لانقلاب 14 تموز 1958م إلا بعد أيام ، حيث علموا بمصير الأمير عبدالاله ورئيس الوزراء نوري السعيد والملك فيصل الذي كان يبلغ الثالثة والعشرين من عمره ، والذي أصيب بجروح بليغة وظل ينزف حتى الموت .
كانت العلاقات العراق مع تركيا في أوج ازدهارها وكانت قصة خطوبة الملك فيصل الثاني للأميرة فاضلة حفيدة آخر السلاطين العثمانيين وحيد الدين قد بدأت في صيف عام 1957 .
تنتمي فاضلة التي ولدت في باريس ، إلى عائلة عريقة من جهة أمها الأميرة (زهرة خانزاده) ، فهي كريمة عمر فاروق أفندي نجل السلطان العثماني عبدالمجيد الثاني ، وابنة الأميرة صبيحة ،كريمة آخر السلاطين العثمانيين وحيدالدين ، وقد تزوجت الأميرة خانزاده من زوجها الأمير محمد علي إبراهيم في القاهرة عام 1940 . وتوفيت في باريس عام 1977 . وبذلك فان الأميرة فاضلة ، عثمانية من جهة أمها ،ومصرية من جهة الأب .
اضطرت فاضلة إلى مغادرة تركيا مع عائلتها ، وهي ابنة أربعة أشهر، عقب صدور قرار من الحكومة التركية بنفي كل من ينتمي بصلة القرابة إلى عائلة السلطان العثماني ، حيث عاشت متنقلة مع عائلتها في مدن عدة مثل: نيس والقاهرة والإسكندرية قبل أن تعود مع عائلتها إلى تركيا عام 1954 .
كانت فاضلة ذات جمال فاتن وأخاذ وقد تعرفت على الملك فيصل في حزيران عام 1954 في حفل أقيم في بغداد أثناء زيارة عائلتها للعاصمة العراقية ، بعد سنة من هذا التعارف كان اللقاء الثاني بينهما في فرنسا ، حيث قررا الزواج .
زار الملك فيصل استانبول في 1957 والتقى مع فاضلة في جولة بحرية ، على متن يخت والدتها الأميرة خانزاده .
وتكررت اللقاءات وتوثقت عرى العلاقات العاطفية بينهما ، فكان أن تم إعلان الخطوبة في 13 أيلول 1957 بعد أن تقدم الملك رسميا للزواج منها .
بعد يومين من عودة الملك إلى بغداد ، أعلن رئيس ديوان التشريفات علي جودت نبأ الخطوبة .
توجهت فاضلة بعد إعلان الخطوبة رسميا ، إلى فرنسا ومنها إلى لندن لتلقي دروس في مدرسة (فينشينك اسكول) استعدادا للزواج .
كان الملك يقوم أحيانا أثناء زيارته لاستانبول ، بزيارة خطيبته فاضلة ، ومنها كانا يقومان بزيارة بعض الدول الأوربية ، وكانت الصحف والمجلات تنشر صورا مختلفة للخطيبين السعيدين ،
كما قامت الأميرة مع والديها بزيارة بغداد قبل الانقلاب بعدة أسابيع وعادت منها إلى مدرستها في لندن .
وقع خبر مقتل الملك على خطيبته فاضلة كالصاعقة، بعد استماعها إلى نشرة أخبار الإذاعة البريطانية من جهاز الراديو الموضوع في صالة المدرسة ، انهملت الدموع من عينيها الخضراويين ، وهرعت زميلاتها يواسينها تخفيفا للحادث المرعب والتي ظلت تعاني منه فترة طويلة ، عاشت خلاله ذهولا تاما . .
بعد سنوات من مقتل خطيبها الملك فيصل الثاني ، تزوجت الأميرة فاضلة من الدكتور خيري اوركوبلو نجل رئيس وزراء تركيا الأسبق سعاد اوركوبلو ورزقت منه بولدين هما علي وسليم . وبرغم ذلك تم طلاقهما في عام 1965 حيث بدأت بالعمل عام 1980 في هيئة اليونسكو .