الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فائض الإستقواء والإستعظام

بواسطة azzaman

فائض الإستقواء والإستعظام

فؤاد مطر

 

في كوكب بعض الممسكين بمقاليد السلطة الذين في القمة والذين في بعض المناصب توكل إليهم بالذات، شعور بالإستقواء يفرز مع الممارسة شعوراً بالإستعظام. وهذان الإستقواء والإستعظام يدفعان بالبعض عند وصولهما إلى درجة الفائض من الشعور إلى أن يقول من الكلام ما ليس جائزاً قوله ومن الفعل ما ليس مستحباً فعله.

وفي حالنا الحاضرة هذه تعيش المنطقة ظاهرة الإستقواء والإستعظام في أعلى درجاتها قولاً وفعلاً، وتتجسد في شخص رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي إقترف من أغلظ الكلام وأفجع الإعتداءات ما من شأنه الخشية واردة مما قد يكون الأدهى من الإعتداءات والتحديات الصاروخية المتبادلة ومعها المسيَّرات التي تعكر صفو المنطقة. وجاء رد فعل نتنياهو يوم الجمعة 7.19. 2024 على المطالعة الموضوعية لمحكمة العدل الدولية والتي تلاها عبْر الفضائيات على الملأ الدولي رئيس المحكمة نواف سلام، يعكس كم أن الإستعظام مقروناُ بالإستقواء بلغ أن نتنياهو وبعض المتشنجين في طاقمه الحكومي يستهزئون بما جاء في تلك المطالعة لأنها تؤكد على حقائق ومبادئ لا جدال في صواب وقانونية مضامينها ومنها أن بعض فلسطين (المستملَكة أصلاً لليهود بموجب وعد بريطاني وعد بلفور 2 نوفمبر 1917) ذي وضعية الأرض المحتلة. ومما قاله نتنياهو الفاقد حديثاً عموده الفقري الأميركي الواهن الرئيس جو بايدن «الشعب اليهودي لا يحتل أرضه ولا عاصمتنا القدس ولا أرض آبائنا وأجدادنا في يهودا والسامرة (الاسم الذي يطلقه الإسرائيليون على الضفة الغربية المحتلة). ليس لأي قرار كاذب في لاهاي أن يشوه هذه الحقيقة التاريخية، ولا يمكن التشكيك في شرعية المستوطنات الإسرائيلية في جميع مناطق أراضينا».

في سياق فائض الإستقواء والإستعظام تحضرنا مفردات كلمات قالها عبدالحليم خدَّام وزير الخارجية السورية المستقوي برعاية نظام الرئيس حافظ الأسد في تصريحات أدلى بها وهو في زيارة إلى الكويت (1976). ومما قاله الوزير خدَّام (الراحل) حول محطة من المحطات الأزمة اللبنانية التي يدير شأنها زمنذاك النظام السوري ثم يتم تجييرها بطبعة جديدة وبأسلوب مغاير النظام الإيراني بإرتضاء ومساندة من جانب سوريا البشَّارية الأسدية «ان محاولات تعريب الأزمة اللبنانية تعني كثرة الطباخين وتعني تشتيت المساعي وإننا لن نسمح بتقسيم لبنان، وأي مباشرة للتقسيم ستعني تدخُّلنا الفوري لأن لبنان كان جزءاً من سوريا ولسوف نعيده لدى أي محاولة فعلية للتقسيم...».

مجريات الحرب

إلى ذلك إن ظاهرة الإستقواء والإستعظام عشنا بعض محطاتها قبل أربعة عقود وبالذات في زمن الحرب العراقية – الإيرانية. وثمة أوجه تشابه بين قول نتنياهو بغرض دحض إعتبار الضفة الغربية وقطاع غزة أرضاً فلسطينية محتلة، وأقوال إستوقفتنا كصحافيين نتابع مجريات الحرب الخمينية – الصدَّامية، تماماً كما إستوقفت مئات المسؤولين والدبلوماسيين والعسكريين العرب الذين إستهجنوا قولها ومن جانب أهل الحكم الإيراني. وللتذكير هنالك على سبيل المثال قول الإمام الخميني «ان إيران ستطالب بفرض سياستها على بغداد إذا ما أصر العراق على مطالبته بالجزر العربية الثلاث» و»الدخول للأراضي العراقية ليس هجوماً على العراق بل دفاعاً عن الإسلام والوطن الإسلامي» و «إن حربنا هي حرب لا تعرف الحدود والأطر الجغرافية وعلينا أن نعبىء ونحشد جنود الإسلام في العالم من أجْل هذه الحرب». كذلك قول رافسنجاني «إننا عازمون على أخْذ العراق من يد حزب البعث» و»إننا سنواصل هذه الحرب بجيشنا وجنودنا حتى إحتلال العراق» و»لا فرق بين البصرة وعبادان. وإذا إستطعنا أن نكون بلا عبادان فإننا لا يمكن أن نتخلى عن البصرة» و»ان كل منطقة نحتلها من أرض العراق لن نعيدها وأن مدن العراق هي مدننا» و»اننا نستطيع تهديد بغداد والضغط عليها في أي وقت نشاء وبدون خوف وأن نسلبها الأمن وأن نوجه لها ضربة كبيرة».

وكما هذه كانت بعض ملامح الإستقواء والإستعظام لدى الخميني ورفسنجاني على سبيل المثال، فإن بعض المسؤولين في النظام كانوا على التغريد نفسه لمسؤولي المكانتيْن العليا والأعلى. ومن هؤلاء صادق قطب زادة القائل «ان جميع دول الخليج هي تاريخياً جزء من الأراضي الإيرانية» و»إن عدن وبغداد تابعتان لنا».

بات أصحاب الأقوال تلك في دنيا الآخرة. لم يتحقق مبتغاهم من إعتماد نهج الإستقواء والإستعظام. ولن يكون بمقدور الطبعة الإسرائيلية نيْل ما ترومه مهما أوغلت في الإستقواء وممارسة العدوان بكل أنواعه وبالغت في الإستعظام بتنوع مفردات التعليق على الحقائق بمفردات لا جدوى من فعاليتها وإن طال الزمن. فالإحتلال كما العدوان حالة ظلم قد يمارس جولاتها لبعض الوقت مستبد ظالم متخم بالمعونة العسكرية والسياسية من جانب دول ظالمة تتصدرها الولايات المتحدة وبريطانيا ومن يغرد في سربهما الصهيوني. لكن ثمة حقيقة لا جدال في شأن جوهر مضمونها وهي أن مهما إشتدت قبضة يد الإستقواء والإستعظام، فإن لا يد إلا يد الله فوقها.. ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم.


مشاهدات 44
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2024/07/27 - 12:52 AM
آخر تحديث 2024/07/27 - 3:31 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 310 الشهر 11673 الكلي 9373745
الوقت الآن
السبت 2024/7/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير