الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فرنسا: مواجهة ساخنة بين الأطراف الثلاثة للفوز بأصوات الناخبين

بواسطة azzaman

فرنسا: مواجهة ساخنة بين الأطراف الثلاثة للفوز بأصوات الناخبين

باريس- سعد المسعودي 

على مدى ساعتين  تابع الفرنسيون  نقاشات حادة   في المناظرة التلفزيونية  التي شارك فيها  رئيس الحكومة غابرييل أتال، ممثلا عن معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون، وجوردان بارديلا رئيس التجمع الوطني اليميني المتطرف، ممثل مارين لوبين ومنسق حزب الجبهة الشعبية اليسارية مانويل بومبارد ,ممثل ميلنشون ,وتناول المتنافسون قضايا مختلفة، على رأسها القدرة الشرائية، وقانون التقاعد المثير للجدل ، والضرائب وزيادة اسعار الطاقة  كما دارت نقاشات  حادة بشأن الفرنسيين من أصول عربية وملف المهاجرين وهو أحد المواضيع التي ارتبط بها اليمين المتطرف، الداعي في خطابه السياسي إلى اعتماد الأفضلية للفرنسيين على حساب المقيمين الأجانب في البلاد.

نقاشات حادة

وسعى بارديلا للظهور بمظهر رئيس الوزراء المقبل، إذ أنه توقع أن يفوز حزبه بالغالبية المطلقة من مقاعد الجمعية الوطنية في الانتخابات المقررة على دورتين في 30 حزيران/يونيو و7 تمّوز/يوليو، وهو أمر من شأنه، إن تحقق، أن يضمن له فعلا تولي هذا المنصب. ولم يتوان المرشح اليميني المتطرف عن القول «إذا أصبحتُ رئيسا للوزراء خلال أيام قليلة، وذلك عندما كان النقاش في المناظرة يدور حول الهجرة، الموضوع المفضل لحزبه و»الموضوع الرئيسي الذي يهز هوياتنا». وأضاف «سأكون رئيس الوزراء الذي سيعيد فرض سلطة» القانونوبمواجهة ذلك، حاول رئيس الوزراء الماكروني غابرييل أتال الظهور بمظهر المرشح الجاد والجدير بالثقة والمطلع وخاض الرجلان مواجهة حامية حول الاقتراح المثير للجدل الذي تقدم به حزب التجمع الوطني والذي يمنع على الفرنسيين ذوي الجنسية المزدوجة من تولي بعض المناصب العامة الحساسة.وعندما سأل أتال المرشح اليميني المتطرف عن إحدى مستشاراته في البرلمان الأوروبي ممن تحمل الجنسيتين الفرنسية والروسية رد بارديلا بنبرة جافة «آمل أن تحزموا صناديقكم بسرعة لأنّكم لستم على المستوى المطلوب وأمام النقاش الحاد بين ممثل التجمع الوطني وممثل الائتلاف الرئاسي، قال بومبار الذي مثل ائتلاف اليسار «الجبهة الشعبية الجديدة»، سأدعكما تتجادلان، أريد أن أخاطب الفرنسيين

القدرة الشرائية

وتقاتل الرجال الثلاثة حول قضايا خلافية عدة مثل القدرة الشرائية، والمعاشات التقاعدية، والأمن.

وقال بارديلا «يمكننا أن نعمل من أجل القدرة الشرائية»، ولا سيما بتعهّده بخفض فوري لضريبة القيمة المضافة إلى 5,5% على الوقود والكهرباء والغاز.وردا عليه، قال رئيس الوزراء «كم تكلفتها وكيف تمولها؟»، رافعا بذلك في وجهه ورقة الدفاع عن الميزانية.

أبرز المحاور الاقتصادية التي أثيرت في المناظرةأما بومبار فدافع خلال المناظرة عن برنامج اليسار، ووعد بزيادة الحد الأدنى للأجور، وإلغاء إصلاح النظام التقاعدي الذي يعتبر ركيزة الولاية الثانية لماكرون، وزيادة الضرائب على أغنى الفرنسيين. وشكلت هذه المناظرة أول مواجهة بين الكتل السياسية الرئيسية الثلاث المنخرطة في معركة الانتخابات التشريعية المبكرة. ويتصدر اليمين المتطرف استطلاعات الرأي بينما يحذّر ماكرون من خطر «حرب أهلية» في حال فوز خصومه.

هيمنة اليمين المتطرف

وبعد نجاحه في الانتخابات الأوروبية، يهيمن حزب التجمّع الوطني على استطلاعات الرأي التي تسبق الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، بحصوله على نسبة 36 في المئة من نوايا التصويت وفقاً لمعهد Ifop، وبالتالي، يمكنه أن يطمح في الوصول إلى السلطة، الأمر الذي سيشكّل حدثاً تاريخياً.ويتقدّم هذا الحزب اليميني المتطرّف على ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري (29,5 في المئة) والمعسكر الرئاسي (20,5 في المئة).وحتى الآن، لا يبدو أن شيئا يعرقل الديناميكية التي قد توصله إلى مقر رئاسة الوزراء في ماتينيون، رغم غموض موقفه بشأن الإلغاء المحتمل لقانون التقاعد ورفضه المعلن لتولي منصب رئاسة الحكومة في حال لم يحصل على الغالبية المطلقة في نهاية الجولة الثانية التي ستجري في السابع من تموز/يوليو.بالمقابل، على جبهة المعسكر الرئاسي فإن ماكرون الذي يتعرض لانتقادات من مختلف الأطراف بسبب حله الجمعية الوطنية بعد فشل فريقه في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، يضاعف تصريحاته رغم تحذيرات حلفائه وانخفاض شعبيته.ويبدو معسكره الأضعف بين الكتل الثلاث المتنافسة، حتى في حال تحالفه مع الجمهوريين (يمين) المعارضين لحزب التجمّع الوطني (7 إلى 10 في المئة)

«حرب أهلية»

وقال الرئيس الفرنسي في بودكاست بُثّ الإثنين إن برامج «المتطرفين» تقود «إلى حرب أهلية». وأضاف أن اليمين المتطرف «يشير إلى الناس بناء على ديانتهم أو أصلهم (المكان الذي يتحدرون منه)»، مضيفا أنه «يقسم» و»يدفع نحو حرب أهلية»، بينما يقترح حزب فرنسا الأبية «شكلا من أشكال الطائفية... وهذه أيضا الحرب الأهلية». وبذلك، يتبع ماكرون استراتيجية التهويل.وردا على هذه التصريحات، قالت مارين لوبن «لقد فعل ذلك بنا خلال كل الحملات الانتخابية». من جهته، وصف حليفها إيريك سيوتي (يمين) ذلك بأنه «استراتيجية الخوف»، بينما اتهمه جان لوك ميلانشون زعيم حزب فرنسا الأبية بأنه «موجود دائما لإشعال النار».وبحسب مراقبين، لا يبدو أن المناظرة التي بثت عبر قناة «تي اف 1» ستغير في الموازين الراهنة بين الكتل الثلاث، إذ أكد أحد المسؤولين في فريق ماكرون ردا على هذا السؤال، أن «الناس اختاروا بالفعل، تبلور الأمر»، مضيفا أن «المناظرة لن تغير الأمور. ربما تدفع الممتنعين عن التصويت إلى الإدلاء بأصواتهم... وهذا لصالحنا».

وقبل شهر من إقامة الألعاب الأولمبية في باريس، تثير نتيجة الانتخابات المنتظرة مخاوف الفرنسيين في الداخل، كما في الخارج، من شبح أول حكومة يمينية متطرفة في تاريخ البلاد وجمعية وطنية تهيمن عليها ثلاثة أقطاب متنافرة لمدة عام على الأقل.

من هي الاطراف الثلاثة المتصارعة؟

مارين لوبن ... ورثت الحزب عن والدها الذين أدين في العديد من القضايا بتهمة العنصرية ومعاداة السامية، وكان رأس الحربة لمجموعات اليمين المتطرف في فرنسا، وحاولت التخلص من هذا التراث، مما سمح بتطبيع نسبي لوجودها على الساحة السياسية إلا أنها ظلت في نظر الكثيرين ممثلة لليمين المتطرف.جان لوك ميلانشان الذي اعتبر منذ استقالته من الحزب الاشتراكي ممثلا لليسار الراديكالي مع حزبه «فرنسا الأبية» وتمكن من الحصول على 22 من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مما جعل من حزبه محورا لقوى اليسار ولكن بعض مواقفه جعلته هدفا سهلا لبقية القوى السياسية.المؤكد أن فرنسا تعيش أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية تصاعدت شيئا فشيئا منذ بداية القرن، لتتحول مع ايمانويل ماكرون الذي قدم نفسه كقوة وسطية ولكن شديدة الليبرالية، إلى أزمة حادة للغاية، تنعكس مباشرة على مستوى معيشة الفرنسيين، حتى أن الكثير من المراقبين يتحدثون عن عملية افقار للفرنسيين.مارين لوبن التي تصعد مع موجة اليمين المتطرف في أوروبا، تحمل المهاجرين وأوروبا المسؤولية الرئيسية في هذه الأزمة، وتمكنت بالفعل من إقناع شرائح كبيرة من الرأي العام بهذه الفكرة، بفضل الجهد الذي بذلته لتغيير حديث حزبها مبتعدة عن الحديث التقليدي لليمين المتطرف، وانحياز أجهزة إعلام خاصة كبيرة إلى جانبها، مما سمح لها، أيضا، بتطبيع وجودها على الساحة السياسية كحزب مقبول من بعض أطراف اليمين التقليدي.

تبقى مشكلة اليسار الذي تمكن، بعد انتصار اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، من تشكيل جبهة واسعة تحت اسم «الجبهة الشعبية الجديدة» ضمت كافة تيارات اليسار بدء من الحزب الاشتراكي وحتى «الحزب الجديد المعادي للرأسمالية» التروتسكي، مما يعني وجود خلافات جذرية ورئيسية داخل صفوف هذا التحالف حول مختلف القضايا، بدء من النظام الاقتصادي وحتى الموقف من الحروب في أوكرانيا وغزة.

غزة التي ركز عليها اليسار الراديكالي حملته في الانتخابات الأوروبية، وأثارت ضده اتهامات اليمين بمعاداة إسرائيل والصهيونية، وبالتالي معاداة السامية وفقا لقادة اليمين، وبعد أن رفع إنشاء «الجبهة الشعبية الجديدة» موقع اليسار لتحتل الجبهة المرتبة الثانية وراء اليمين المتطرف وأمام حزب ماكرون، يبدو أن كافة الأطراف الأخرى سواء اليمين المتطرف أو التقليدي أو تيار ماكرون، اجتمعوا على الهجوم على جبهة اليسار مستخدمين تهمة معاداة السامية.

والمؤكد أيضا أن رجل الشارع الذي يعيش الأزمة الاقتصادية الحادة، وبعد وعود ماكرون المتكررة وعدم التزامه بهذه الوعود بالرغم من حركات الاحتجاج القوية المختلفة ... رجل الشارع فقد الثقة في أغلب أطراف الطبقة السياسية، الأمر الذي جاء في مصلحة القوة التي لم تحكم البلاد حتى الآن ... أي مارين لوبن واليمين المتطرف.


مشاهدات 87
أضيف 2024/06/29 - 12:20 AM
آخر تحديث 2024/06/30 - 1:10 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 270 الشهر 11394 الكلي 9361931
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير