الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأمريكيتان روث وهيلين مع حريم شمر

بواسطة azzaman

أذن وعين

الأمريكيتان روث وهيلين مع حريم شمر

عبد اللطيف السعدون

هذا بعض ما روته الأميركيتان روث وهيلين هوفمان وهما تواصلان زيارتهما لمضارب شمر: «نهضنا في وقت مبكر هذا الصباح لنجد مائدة ابنة الشيخ الجميلة ذات العشرين ربيعا تقف عند مدخل الخيمة، وتملك مائدة عينين سوداوين زاد من سوادهما وضع «الكحل» الذي تكتفي به اذ لم تكن تضع المساحيق على وجهها، كما لا تستخدم أحمر الشفاه، لكنها زينت وجهها بوشم جميل أزرق.

ظهرت مائدة، وعلى وجهها ابتسامة خجولة، ترتدي عباءتها المطرزة عند الرقبة والأكمام بالذهب الخالص، وتحتها ترتدي ثوبا حريريا تنتشر الزهور الملونة عليه، وتخرج أكمام الثوب المثلثة من فتحات العباءة، وقد نزعت نعالها الجلدي الأحمر عند المدخل ثم ربطت نهايتي الكمين خلف ظهرها، وجلست على الكرسي الموضوع داخل الخيمة.

بقايا الماء

تركنا فراشينا، وغسلنا أيدينا ووجهينا من بقايا الماء الموجود في الكوبين اللذين أحضرهما لنا الخادم الليلة الماضية، وما أجمل أن نبدأ يومنا هكذا كما تفعل البدويات، نجلس على الأرض، ونشرب اللبن الخاثر، لكننا ما ابثنا أن رأينا خارج الخيمة شيئا آخر، طاولة صغيرة غطيت بمفرش أبيض، والى جانبها، على الأرض كومة صحون وسكاكين، وثمة حمار قريب يمد أنفه اليها ليشمها، وبدا المشهد مسليا لنا على أية حال.

    نقل الخادم سليم الطاولة الى داخل الخيمة، يعاونه آخر قالت لنا مائدة انه الطباخ، ووضعا على الطاولة ما سمياه «افطارا أوروبيا»، كومة من الخبز الطازج المقطع الى مربعات صغيرة، لنفرش عليها الزبدة ومربى الخوخ المعلب، ووضعت سكين لاستخدامها في سحب المربى من العلبة، وقد حاولنا عبثا قراءة الماركة المكتوبة على ظهر العلبة، ويبدو أن السوريين الذين صنعوها كتبوا الحروف العربية بطريقة معقدة تصعب قراءتها، ووضع على المائدة كذلك صحن بيض مقلي، وطاسة لبن على كل جانب من الطاولة، وقد أراحنا اللبن الحامض اللذيذ من العطش الذي كنا نحس به.  أحضر سليم ابريق شاي ياباني الصنع موضوعا في صينية فضة، وشرع يصب قليلا من الشاي ثم يضيف ضعفه من اللبن، وقطعة من السكر، وأرسلت مائدة خادمتها الصغيرة ذات الفستان الأخضر لتحضر علبة بسكويت من صنع سوري، محشوة بالفانيلا والسكر الوردي. كومنا، من ناحيتنا، على طاولة الطعام كتب القواعد العربية والقواميس التي تعيننا على اختيار كلماتنا، لطننا لم نحتج اليها.  لم تأكل مائدة معنا اذ قالت إنها تناولت الفطور قبلنا، وقد انشغلت بأحاديث ودية مع سليم ومع الطباخ الذي اتكأ على عمود الخيمة، وبدت لنا وهي جالسة على طرف السرير مثل امبراطورة مكتملة الهيبة والوقار.  بعد الفطور، توافدت «الحريم» الى خيمتنا، واحدة بعد الأخرى، وفي المقدمة زوجات الشيخ الثلاث، وقد ضاقت الخيمة حتى لم يعد فيها مكان للوقوف. لتت انتباهنا الزوجة الصغرى فاطمة بأسنانها الناصعة البياض خاصة عندما تضحك، وهي بالمناسبة كثيرا ما تضحك، وكذلك بتقاطيع وجهها المنتظمة، وبعينيها اللتين لا تبدوان كبيرتين، على عكس عيون البدويات، لكنها تمتلك روحا مرحة منحتها شيئا من الجاذبية، وقد قالت لنا أن عمرها بحدود خمسة وعشرين عاما لكن يبدو عليها أنها أكبر من ذلك، وهي أرشق من الزوجتين الأخريين، فائقة وليلى، اللتين تبدوان أكثر هدوءا منها.  والى جانب زوجات الشيخ الثلاث وابنته المدللة مائدة هناك أبنته الأخرى صبرية المتزوجة من الشيخ غزالي، وحربية زوجة طاهر ابن السيخ، وقد تعرفنا إليهم الليلة السالفة، وكن يرتدين ثيابا جميلة وثمينة من الساتان والحرير والقماش المقصب والمطرز، وقد جعلنا ذلك نشعر بالفقر تجاههن، حيث لم نحضر معنا سوى الملابس المناسبة لجو الرحلات قي الغابات، والصحراء، أو على شاطئ البحر.

سجاد مفروش

أمضينا باقي النهار في خيمة الحريم الكبيرة، واضطجعنا مع باقي النسوة على الملاءات والسجاد المفروش، و»العبدات» كن في رواح ومجيء، ومن بينهن «عبدة» زنجية ضخمة جاءت وهي تحمل بساطا فرشته على الأرض، وجلست الى جانبنا قبالة صبرية التي بدت ضخمة، هي الأخرى، بسبب حملها، وكانت تتحدث معنا، وهي تتمايل في ثوبها الساتان البنفسجي وايشاربها الأبيض بمهابة، وسألتنا لماذا ليس لدينا أطفال؟

 


مشاهدات 152
أضيف 2024/06/22 - 2:30 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 8:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 11393 الكلي 9361930
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير