الجبوري يتعمد إثارة الاسئلة عن السن المحدّد لممارسة فعل الكتابة
سحابة حافلة بالاحداث تطرد اجواء الشيخوخة الملبدة بالغيوم
سامر الياس سعيد
يثير عنوان كتاب(ذاكرة عابرة للشيخوخة ) للكاتب والصحفي المعروف محسن الجبوري اسئلة عديدة لاسيما عن السن المحددة لممارسة فعل الكتابة وهل للشيخوخة فاصل بارز في اختيار الموضوعات التي يتناولها الكاتب لاسيما وهو يمارس دوره الابرز في تسليط الضوء على ما يجري امامه من احداث واخبار فيترك ازائها تصوراته وانطباعاته موظفا بذلك تجاربه الحية والغنية بالخبرة في ملامسة الكثير من الرؤى التي يوجهها عبر كتابه الجديد فستهل صفحات الكتاب الكاتب والشاعر عبد الجبار الجبوري ليمنح عبر تقديمه للكتاب ملامح وصور عما تصوره لكتاب محسن الجبوري فيعنون تقديمه بالاشارة لامتلاك الجبوري مؤلف الكتاب صفات الانسان والمثقف والكاتب الصحفي ليبرز لاحقا مسارات المؤلف بقدومه من اقاصي الريف العراقي بارزا في اعماله التي حظيت بها مسيرة حياته سواء عندما كان ضابطا في صفوف الجيش العراقي منخرطا في العمل السياسي منذ صغر سنه اضافة لعمله صحفيا في عدد من الصحف الصادرة في العاصمة بغداد او في مدينته الموصل بعد الاحتلال.
مقالات سياسية
واشار الشاعر عبد الجبار الجبوري في تقديمه للكتاب كونه جامعا لمقالات الجبوري السياسية الناقدة ليضحي الكتاب بذلك وثيقة تاريخية تؤرخ لاهم واخطر مرحلة مر بها العراق بعد الغزو الامريكي اما المؤلف فيهدي كتابه الى روح والده الذي علمه حب العراق والانتماء اليه كما يبرز بعد الاهداء وثيقة مهمة هي عبارة عن رسالة وردت للمؤلف من الدكتور ابراهيم العلاف الذي بادر بتقديم مقترحه للجبوري بجمع مقالاته في الصحف واعادة نشرها في كتاب يعد الثاني له بعد ما كان قد اصدر في عام 2011 كتابا حمل عنوان شعارات فوق حائط الاحتلال اما الجبوري فيشير بعد تلك الوثيقة لكونه انشغل بهذا المقترح من جانب العلاف ليفكر في الاستجابة لدعوته متناولا في سياق تلك المقالة ما فكر فيه بعد ان استجاب لدعوة العلاف بجمع المقالات واصدارها بكتاب جديد فيما يتناول بمقالة اخرى تالية هواجسه لدى القاء القبض عليه من قبل عصابات تنظيم داعش حيث يصف تلك المرحلة بمحطة من رحلة قطار العمر فيسهب بتناولها بتفاصيل تترك القاري متعاطفا مع الجبوري ازاء ما عاشه من لحظات صعبة كان خلالها قبريبا من حافة الموت ولوحدها تلك المحطة تستدعي تجسيدها بكتاب يتناول من خلالها الجبوري ادق التفاصيل وابرزها في رحلاه نحو نيل الحياة وانتزاعه من براثن تلك التنظيمات التي كانت قرارتها التعسفية ترغم الموصليين على الاقتراب من حافة الحياة قبل العودة اليها او مغادرتها بناءا على دعوى كيدية كاذبة لدى الاخرين ويتابع الجبوري توجيه سفته القلمية نحو الاخرين فمن كلام ساخن كلام بارد وهو عنوان زاويته الصحفية حيث يوجهها مهداة للدكتور احمد جار الله بينما يوجه دفة سفينته نحو ضفة المرواتي الكريم وهو الدكتور عمار احمد بينما المقال التالي يخصصه للشاعر الدكتور وليد الصراف اما تحت عنوان القدوة فيتابع المؤلف نقل انطباعاته على نخب موصلية فيمن خلال المقالة عن شخصية وزير التربية ما قبل الاحتلال وهو السيد عبد القادر عز الدين الصيادي متابعا سلسلة من الاستذكارات تجاه هذه الشخصية ابرزها خدمته كمدير عام لتربية نينوى قبل استيزاره وعن شخصية تربوية اخرى يسكب معها دموع الاستذكار يتابع الجبوري سلسلة انطباعاته فيتوقف عند محطة شهيد المباديء حيث يصف الشهيد يونس احمد رسول الذي اغتالته ايدي عناصر تنظيم داعش كما يتحدث في سياق مقال اخر عن شخصية ادبية هي شخصية صباح سليم علي ولايتوقف المؤلف عند محطات لنخب موصلية فحسب بل ايضا يترك اضوائه تسلط تجاه احداث تشهدها المدينة فينتقد مثلا في مقال التكريم الرخيص من خلال بعض المنظمات والمؤسسات التي تسعى لتكريم شخصيات فقط على سبيل المجاملة كما يحتفي في محطة اخرى بعدد من النخب مثل سعد الدين خضر وانور عبد العزيز ومعد الجبوري مشيرا بكونهم مبدعين بدلالات ابداعية عميقة اضافة لكون الجبوري لايتحدد بالمدينة وادبائها فحسب بل يتجاوز الاميال والمسافات ليسلط الضوء على مغتربة عراقية تعيش في كندا ولها كتابات وروايات ابداعية وهي سحر رشيد حازم الحنكاوي مشيرا بان الاديبة سيدة موصلية لم تحصل على استحقاقها بالاهتمام بها ولم يسلط عليها الضوء كما يشير في محطة تالية الى واقع الاعلام هذه الايام كما ينتقد مشاهد حفلات التخرج الجامعية واصفا اياها بملهى جامعي لما تشهده من مظاهر الرقص والابتذال المسيئين فيما يخصص مقالا اخر لشهيد العروبة هلال الاحمدي الذي قضى نحبه في ايام الموصل الغارقة بالتنظيمات الارهابية التي كانت تجتاح المدينة في سنوات ما قبل داعش ويترك مساحة تالية للحديث عن مهرجان الربيع الذي تعيشه مدينته فينتقد اقامة مثل هكذا نشاط بينما الواقع الصحي يزرح مثلا تحت قلة المستشفيات التي بامكانها تقديم الخدمات الطبية المطلوبة او المدارس المكتظة وغير الملائمة وينتهي الكتاب بشهادة من الصحفي سامر الياس سعيد عن محطاته التي جمعته بالصحفي محسن الجبوري وانطباعاته عنه .
قيمة تاريخية
للكتاب قيمة تاريخية مهمة فهو يخلد شخصيات ونخب توارت عن عالمنا ولفها النسيان ليعيدها الجبوري لمساحة الاستذكار والتخليد لما قدمته من بصمات وجهود وهو بالرغم من كونه كما حمل عنوان الكتاب بذاكرة عبرت مرحلة الشيخوخة لكنها روح تحمل الكثير من الانسانية لاناس ونخب اسهموا ببناء الحياة في المدينة لكن الزمن لم ينصهم بالمرة ليكون قلم الجبوري وذاكرته التي تنفض غبار الزمن بالاستعداد لكي تنصف مثل تلك النخب وتقدم لهم التحية والعرفان .