الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
غرب يقدّم حوارات برسم الجمال

بواسطة azzaman

غرب يقدّم حوارات برسم الجمال

حمدي العطار

 

خسرنا برحيل الكاتب والصحفي «احمد جبار غرب «شخصية إنسانية وطاقة إبداعية في مجال الصحافة والادب , تجده في كل محفل ادبي أو فني او اعلامي  يجري المقابلات واللقاءات وينشرها في الصحف والدوريات كما كان أحد كتاب الأعمدة السياسية في جريدة الزمان ويمارس الكتابة النقدية أنه كاتب متعدد المواهب  .تربطني به صداقة قوية وعلاقة إنسانية تجعلني حزينا لوفاته . كيف سيكون الرثاء غير أن نتحدث عن كتابه ( حوارات برسم الجمال) وداعا صديقي احمد جبار غرب.ابو قلب الطيب والأخلاق الراقية والأفكار التنويرية.حمدي العطاركنت عندما اقرأ للصحفي والكاتب (احمد جبار غرب) اشعر بإنه يخاطب بأسلوبه فئتين الأولى التي تقبله بلا تحفظ وهي الفئة التي تنتمي الى ما يطلق عليه ( المثقف العام) وبنفس الوقت لا ترفضه الفئة التي تنتمي الى ما تسمى (المثقف الخاص) لهذا جاء كتابه (حوارات برسم الجمال) – الجزء الاول- الصادر من دار الورشة الثقافية للنشر والتوزيع سنة  الاصدار 2020 والذي يقع في 265 صفحة ويحتوي على (حوارات نخوية في الادب والفن والسياسة) ، حاور فيها الكاتب (الباحث والناقد ناجح المعموري- والشاعر والباحث خزعل الماجدي- والشاعرة فاطمة ناعوت- والروائية عالية طالب عقيل- والقاص والروائي أحمد خلف- والفنان عزيز خيون- ووزير الثقافة الاسبق فرياد رواندزي- والقاضي سالم روضان الموسوي- وسكرتير الحزب الشيوعي السابق حميد مجيد موسى- والشيخة أسماء صقر القاسمي- والناقد فاضل ثامر- والروائي شوقي كريم حسن- والدكتور شفيق المهدي- والاستاذ مهند الدليمي) كانت حوارته مع هذا الخليط المتنوع من المفكرين والادباء والفنانين والمثقفين هو نمط من الابداع ولم تكن اسئلته مجرد اتباع للأسئلة التقليدية ، لذلك انتزع منهم جميعا ما لم يقولونه لأي صحفي من قبل، فجاءت شهادتهم بحق الكاتب كما يلي:يقول عنه عزيز خيون (عرفته إنسانا مهذبا، وصحفيا متحركا ومجتهدا، تشغله القضايا الساخنة..وأرى الأسئلة وإجاباتها، هذه المدونة، تشكل إحتفاءا بنعمة السؤال) اما د. خزعل الماجدي فيقول (حواراته الثقافية عميقة  يستقصي فيها أبعاد الشخصية التي يحاورها ثقافيا واجتماعيا ويحاول رسم صورة وافية عنه)وترى الكاتبة والشاعرة “فاطمة ناعوت بإن حواره معها (كانت أثرى ما اجري لها من حوارات)  “شوقي كريم حسن “اعترف قائلا  بإننا (نحتاج في اعلامنا العراقي الى محاور مثقف واع يغاير الاخرين ويمنحهم القناعة والنجاح معا) وتصف د. ازهار عبد الكريم الشيخلي احمد جبار غرب (عقلية متفتحة، نقد شفاف يصب في قلب الواقع..قلب مثقف في عقل انسان شفاف في زمن نحن بأمس الحاجة به الى هكذا قلوب وهكذا عقول)

الاثارة الحوار اول ما يتبادر الى الذهن عند الشروع بالقراءة هي امكانية وقدرة الكاتب ليكون ندا في الحوار مع تلك الشخصيات التي تمثل قامات في الفلسفة والادب والنقد  والفن والشعر، ولعل الاثارة في هذا المطبوع تأتي من قدرة المحاور في انتزاع اراء جريئة وتصريحات خطيرة واعترافات اخطر ، ولو لا ذكاء المحاور لما حصلنا عليها ابدا. سنتوقف عند بعض تلك الاراء :-

ناجح المعموري:- كل الديانات ذهبت نحو الدفاع عن ملامح الهوية كحجاب يستوعب العنف والإرهاب لكني اضيف بأن الدين لا يقوى على التواصل بدون عنف وقسوة”ص30

محاربة اعلماء

خزعل الماجدي:- الدين، كما هو، ليس بريئا بالكامل، فقد استعبد الشعوب، وحارب العلماء، وساهم في تجهيل الناس في الماضي، وكانت له وظيفة روحية لكنها لم تصمد أمام استثماره سياسيا منذ ظهوره الأول..أما الدين السياسي الحديث والمعاصر فله أساليب أخرى اليوم فهو يحرك الناس ويضع بيدهم الخناجر والسيوف والرشاشات والمفخخات ويجعلهم قتلة”ص55فاطمة ناعوت:- كل كاتب تنويري في مجتمع رجعي هو “لا منتمي”..كان هناك شخص يراني كافرة زنديقة ويصر على سجني، وبعدما تأمل الأمر وقرأني عاد واعتذر”ص67عالية طالب: كان الجميع يلجأ لي في درس الإنشاء لأعطيه أفكارا لكتابة المواضيع ليحصل على درجات تؤهله ليكون متميزا”ص76احمد خلف: هناك العديد من الادباء والمثقفين يتعاطون السياسة ويدافعون عن الوطن وعن حقوق المظلومين والمضطهدين ويسعون لفضح السراق ولصوص المال الاعام ، غير ان السياسة تثير حفيظة البعض من الادباء والروائيين والكتاب الآخرين، لوجود العنصر البراغماتي النفعي الانتهازي ولهذا نجد الكثير منهم يحذر من الخوض في غمارها نظريا وعمليا”ص90 عزيز خيون:من يعيش تجربة حياتنا، عمقها التراجيدي، لا اعتقد أنه بقادر أن يثمر شيئا، وإن صادف وأثمر، فلا يمكن لحاصل الثمر هذا أن يكون بقوة وجاذبية ما أسسنا له وربحناه..لذا فإن ما أنجزه العقل العراقي الخلاق في مجال المسرح..ما هو الا تحصيل لعقل مركب، ومبدع”ص95  عمل فريد واستثنائي بكل المعايير.

مفاهيم جديدة

يقدم لنا المؤلف في مقدمة كل حوار بطاقة تعريفية عن كل شخصية يحاورها، فيها توصيف ثقافي موضحا التخصص المهني وما تتمتع به الشخصية من مزايا ثقافية ومواقف مميزة، وينتقل من مفاهيم الميثولوجيا والاديان والنقد (ناجح المعموري) الى الشعر وانواعه وعلاقته بالاسطورة ودور الشاعر والمثقف في المنعطفات التاريخية (خزعل الماجدي)، ليصل الى التأثير السلبي للجمود الفكري وما وصل اليه الادب النسوي وقوة حضور المرأة العراقية في المؤسسات الادبية والثقافية (عالية طالب)، ثم يحلق في فضاء القصة والرواية والاسلوب الرشيق ورسم الشخصيات الروائية (احمد خلف) مرروا بفارس من فرسان المسرح العراقي وريادته في الخلق والابداع (عزيز خيون) ، ويلقي الضوء على واقع الثقافة العراقية ونشاطاتها الثقافية (فرياد رواندوزي) ، ويبين اهمية السلطة القضائية والحاجة الضرورية لتشريع القوانين والاحتكام اليها(القاضي سالم روضان الموسوي) ومنه الى اليسار العراقي وتاريخه النضالي المؤثر وواقعه الحالي مع (حميد مجيد موسى) واشارات  عن الشعر في الامارات (أسماء صقر القاسمي) ، والى ناقد يؤمن ان انقاذ الوطن مصدره الثقافة (فاضل ثامر) ووقفة مع روائي وقاص وكاتب دراما مشاكس يعشق الوطن والفقراء واعماله تكسر التابوات وحطمت فكرة الخوف (شوقي كريم) ، وعن المشاكل الادارية التي تعيق مسيرة المسرح العراقي كان للمؤلف نقاش مع (شفيق المهدي) واخير الى دور وزارة الثقافة في الضغط على صانعي القرار السياسي (مهند الدليمي)

الكتاب يمثل وثيقة سياسية وفكرية وادبية وفنية يستحق القراءة والتأمل.


مشاهدات 240
الكاتب حمدي العطار
أضيف 2024/06/15 - 3:33 AM
آخر تحديث 2024/06/30 - 1:22 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 11393 الكلي 9361930
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير