-1-
خلق الله الانسانَ في أحسن تقويم حيث قال عزّ وجلّ :
{ لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم }
التين /4
وَجَعَلَهُ سيدَ المخلوقات كلها ، وأكرمّه ونعمّه، واختاره خليفةُ له في الأرض، وسخر له ما في السموات والأرض ليحيا سعيداً عزيزاً بالمنهج الإلهي المرسوم له.
-2-
والعزّة لها ثقلها في الميزان ،
حيث أنَّ الموت أولى من الحياة الذليلة، ولقد قال تعالى :
« ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين «
المنافقون / 8
-3 –
واراقةُ ماءِ الوجوه يخدش العزّة ويطيح بها ،
والضرورات تدفع بالأعزاء الى ان يسألوا غيرهم المعونة في دفعها
فكيف نتلقى أهلَ الحاجات ؟
قال الشاعر :
اذا جِئْتُه يوماً لأطلبَ حاجةً
رجعتُ الى أهلي ووجهي بمائِهِ
هذا هو الموقف السليم الذي لابُدَّ أن يحتذيه كل انسان شريف حريص على صيانة الوجوه من إراقة مائها ، في حين انّ الواقع العملي يشهد ألوانا من الممارسات المُذّلة تصدر ممن يقصدهم الناس في حاجاتهم، في مؤشر واضح الدلالة على اللؤم وسوء الطوية وسوء الادب .
-4-
انّ القيم الأخلاقية والمثل العليا تحتاج الى مَنْ ينقلها من الحيز النظري الى الحيز العملي وَيُجَسِدُها واقعا مائلا يلمسه الناس ويرونه .
وائمة اهل الهدى من أهل البيت ( عليهم السلام ) كانوا المشاعل المنيرة في هذا الباب .
وما دمنا نتحدث عن حفظ ماء الوجوه ، فمن الجميل ان ننقل لكم قضية الرجل الذي جاء الى الامام الرضا (ع) مستنجدا به بعد أنّ فقد ما كان معه من النقود وطالب باقراضه المبلغ الذي يُوصله الى اهله على أن يتصدق به عن الامام الرضا (ع) حين وصوله الى بلده ، فاستبقاه الامام الرضا (ع) عنده حتى اذا ماخلا المجلس دخل الى الغرفة وأخرج يده من الباب ودفع للرجل مائتي دينار ، وأعفاه من مهمة التصدق عن حين وصوله الى بلده .
وحين سئل (ع) :
لماذا أخرجت يدك من الباب وقد أجزلتَ العطاء للرجل ؟
قال :
« مخافة ان أرى ذلَ السؤال في وجهه «
وهنا يكمن الدرس البليغ