جدلية الولاء الوطني بمواجهة الإنتماء الفئوي
منير حداد
هُزِمَتْ إرادةُ الحاقدين على العراق، يوم هُزِمَ (داعش) في 10 كانون الأول 2017 مثبتة أن التردي السياسي أعلا البرج العاجي للسلطة، لن يثلم شجاعة العراقيين حتى لو غرقوا في وهن الإحباط.. عسكرياً ومعنوياً.. العراقي وثاب فوق قدره، لا تتقهقر معنوياته نكوصاً؛ قدر إفأدته من الأحداث في إستيعاب ما حصل.
وما حصل كرّس جدلية الولاء الوطني بمواجهة الإنتماء الطائفي، ميدانياً.. حاول الحاقدون خاسئين، تأليب نزعة فئوية، نبذها العراقيون، والقلائل المخدوعون الذين إنساقوا معها، عادوا الى حضن العراق عندما عرفوا (داعش) وجربوه وأدركوا أن إشتراطات الظلم واحدة، لا تتمفصل بين إبن طائفتي وممن خارج الطائفة؛ فأدركوا أن ليس لهم سوى العراق مأوى، يلوذون به، حتى منه! بقدر ما نفخر بيوم النصر العظيم، يجب أن نراجع وفوراتنا العسكرية وإستعداداتنا القتالية وإستحكاماتنا الأمنية؛ كي لا يقع العراق في الفخ مرتين.. لا سمح الله، بل ونتحوط لأمثال تلك الخروقات العسكرية، في ميادين أخرى.. لإحتمال خرق إقتصادي أو إجتماعي أو سواهما، من عوامل قادرة على إحداث هزة بقوة (داعش) كأن يورطنا دهاة داخليون أو خارجيون في نفق إقتصادي يشل البلد مثلما إحتل (داعش) ثلثاه، أو تهيمن موضة على ذوق الشباب تحيلهم من أبناء مدن متحضرة وقرى أصيلة الى مدمني مخدرات تهفو رجولة الشباب وأنوثة البنات الى المثلية.. لا سمح الله. الإحتلال العسكري من قبل (داعش) للموصل، يوم 10 تموز 2014 وتفكك الجيش العراقي في المدينة، وإعلان أبو بكر البغدادي دولة الخلافة الإسلامية، من جامع النوري الكبير؛ مهد لإمتداد تقدم الإرهاب بسهولة حتى أطراف بغداد؛ ما يوجب علينا الإتعاظ مستفيدين من جرس الإنذار؛ كي لا نقع مرة أخرى في الأخطاء نفسه أو نظائرها في أنطقة الدولة.. أرضاً وشعباً وسيادة، من تأمين الحدود عسكرياً ورص صفوف الشعب ووضع الحكومة على أهبة الإستعداد، لأي طارئ؛ فقد «أمن الخوف من فزع». خلال المدة من 10 تموز 2014 لغاية 10 كانون الأول 2017 تركت سريراً وثيراً ومكتباً فارهاً ووظيفة مدنية سلمية (محامٍ) حاملاً السلاح على خطوط الصد، منتظماً في صفوف المواجهة ضد (داعش) مثبتاً أننا رجال قانون وسلاح؛ عندما يستلزم الإيمان بالله والولاء للعراق والإنتماء لألوان طيف الشعب.. كلها، لا تتمفصل بين طائفة وقومية؛ حيث أثبت (داعش) أن كل وطني أصيل هدف، وما إلتف حوله إلا منافقون فخخهم إنتحاريين، ومن أراد الإنسحاب شاعراً برخص إنسانيته وهوانه على قادة (داعش) وعدم إحترامهم تعصبه الطائفي؛ طبقوا عليه حكم المرتد و... قتلوه. حاول أحد الطائفيين ممن يعملون في مكتبي، إخافتي «داعش وصل أبو غريب؛ إهرب» فقلت له «أنا ذاهب الى داعش أقاتل برجولة لأنال إحدى الحسنيين.. النصر أو الشهادة» مهتدياً بإنشاد الحسين.. عليه السلام، يوم الطف 51 هـ «فإن نَهزِم فهزامون قُدماً.. وإن نُهزم فغير مهزمينا.. وما إن طبَّنا جبنٌ ولكن.. منايانا ودولة آخرينا.. فقل للشامتين بنا أفيقوا.. سيلقى الشامتون كما لقينا» نذهب الى الموت من تلقاء إيماننا بالله ووولائنا للوطن ودفاعنا عن الناس، على خطوط الصد، بالصدق الذي حققناه في المحاكم دفاعاً عن الحق وإنصاف المظلومين؛ فـ «لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا.. ولكنْ على أقدامنا تقطر الدِّما».