هستريا الطلاق

حسين الصدر

 

-1-

تصاعدت – للأسف الشديد – عمليات الطلاق في العراق الجديد حتى بلغت أرقاما قياسيّة مرعبة ..

-2-

وهذه العمليات المتزايدة للطلاق تعكس الاضطراب والقلق الاجتماعي من جانب، وانخفاض المنسوب الأخلاقي من جانب آخر ، حيث يسارع الرجل الى الطلاق بعيداً عن توطين النفس على مواجهة المشاكل بالحلم والصبر.

-3 –

انّ الاستهانة بالأسرة وارتجال القرارات بتفكيكها لأتفه الأسباب ظاهرة خطيرة لم تكن موجودة في العراق إبّان العهود السابقة .

-4-

ومن المفارقات الغريبة أنّ نسبة الطلاق في المثقفين أكبر منها في غيرهم..!!

-5-

لقد كان الطلاق نادراً في الأجيال السابقة لانّ الفتاة كانت تُغّذى بمفاهيم احترام الزوج وطاعته والحرص على راحته .

أما اليوم فان الزوجة الموظفة كثيرا ما تقول لزوجها :

وما هو فضلك عليّ ؟

انني اعتمد على راتبي الشهري في الحصول على ما أريد، وانت لا تنفك عن محاولاتك للسيطرة عليه .

-6-

ولا نستطيع اغماض النظر عن دور العامل الاقتصادي في سبب تزايد حالات الطلاق حيث ان ربع سكان العراق (حوالي عشرة ملايين عراقي) عاطلون عن العمل .

وهذا ما يجعلهم عاجزين عن تلبية حاجات زوجاتهم .

ومن هنا تبدأ المشاكسات والمنازعات التي تنتهي بالطلاق .

-7-

انّ الطلاق أبغض الحلال عند الله في مفاهيم الإسلام ولكنّ الذين يراعون هذه المفاهيم عمليا ليسوا هم الأكثرية ويحملهم على إيقاع الطلاق دون طويل تردد ..!!

-8-

كانت الفتاة المطلقة تعاني ألوان المرارة ، حيث لم يكن ينظر لها المجتمع بعين الشفقة والرقة ، بل بعين الازدراء .

أما اليوم فليس ثمة من نظرة استنكار او استغراب وكأنّ الأمر أصبح طبيعيا ، وهذا أحد الأسباب التي لا تردع الزوجة عن التمرد على زوجها .

-9-

من الخطأ بمكان تحميل الزوج وحدهُ مسؤولية إيقاع الطلاق حيث أنّ المسألة لها طرفان، ونحن لا نبرء طرفا واحداً من هذين الطرفين من التهاون بحرمة الزوجية الى أنْ يثبت بالدليل مسؤولية طرف واحد .

-10-

ومن نافلة القول :

ان الزوجة الصالحة هي من أكبر النعم الإلهية على زوجها فلا ينبغي التفريط بها والتقليل من شأن أهمية بقائها .

-11-

وجاء في التاريخ :

ان رجلاً قص الرشيد حكاية مَنْ طلّق خمس نساء في يوم واحد .

كيف طلّق خمسة نساء ولا يحق له شرعاً الاحتفاظ بأكثر من اربع زوجات في آن واحد ؟

ان هذا الرجل طلّق زوجاته الأربع واحدة بعد أخرى، فاعترضت عليه امراة من جيرانه فقال لها :

وأنتِ ايتها المؤنبة طالقٌ أيضا إن أجاز زوجُك .

وكان الزوج جالساً يستمع فقال :

أجزتُ ذلك .

-12-

انّ الطلاق عند الامامية مشروط بشروط صعبة ولا يقع بمجرد قول الزوج لزوجته :

أنت طالق .

فلابد من شاهدين عدلين، والعدالة المطلوبة هنا شرط واقعي وليس ظاهريا بمعنى انه لو انكشف بعد حين ان الشاهد لم يكن عادلاً واقعا

بطل الطلاق .

-13-

انّ حب الزوجين لبعضهما وحرصهما على التعايش بسلام، مُنطلقَيْن مما رسمته الشريعة الإسلامية من أحكام وآداب في هذا الباب هو من أهم العوامل في الحفاظ على الاسرة واستقرارها .

ولكن كم هم الملتزمون بهذا المنهج العظيم ؟