الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإنتقال من التعدّدية الطائفية إلى الثنائية الفعّالة

بواسطة azzaman

الإنتقال من التعدّدية الطائفية إلى الثنائية الفعّالة

حسين الفلوجي

 

منذ عام 2003، شهدت العملية السياسية في العراق ظروف معقدة وأزمات مستمرة ناتجة عن اعتماد نظام انتخابي مبني على التعددية الطائفية والعرقية في تشكيل الحكومات المتعاقبة. رغم أن هذا النهج كان يهدف إلى تحقيق العدالة بين المكونات المختلفة، إلا أنه أدى فعليًا إلى تعميق الانقسامات والصراعات على السلطة، مما أثر سلبًا على النسيج الاجتماعي والثقافي في البلاد. هذه التحديات المستمرة تفرض علينا البحث عن حلول جذرية ومقترحات فعّالة للخروج من حالة الانقسام والتشرذم، نحو مستقبل أكثر استقرارًا ووحدة.

تفاصيل المقترح

المقترح الذي نؤمن به ونطرحه للنقاش العام وامام كافة الكتل السياسية ووسائل الاعلام وكل الجهات المهتمة بالشأن السياسي في العراق، يهدف إلى تجاوز التحديات والاخطاء والنتائج الكارثية التي رافقت الدورات الانتخابية السابقة، وذلك من خلال الانتقال من التعددية المفرطة بالانقسامات إلى الثنائية العملية والفعالة بعد الاتفاق على تأسيس تحالفين انتخابيين رئيسيين يتم تأسيسهما قبل الانتخابات بوقت كافي، شرط ان يضم كل منهما تمثيلًا عادلًا لكل الأطياف العراقية، بغض النظر عن الطائفية أو المناطقية او العرقية.

النموذج القائم على الثنائية سيتيح للناخب العراقي خيارين واضحين ومحددين، يتماشيان مع توجهاته وتطلعاته الوطنية، ويقلص من فرص المناورات السياسية التي تطيل وتعرقل من عملية تشكيل الحكومة.

ان التحول من التعددية المفرطة بالانقسامات بكل اشكالها، إلى نظام الثنائية التنافسية، سيحد من الشرذمة السياسية ويعزز الاستقرار السياسي. كما سيسهل هذا النظام عملية المحاسبة والشفافية في الحكم، حيث ستكون الكتل السياسية أكثر وضوحًا في مسؤولياتها تجاه الناخبين.

النظام السياسي القائم على الثنائية، يمكن أن يسهل على الناخبين فهم الخيارات السياسية المتاحة امامه ويزيد من مشاركتهم في العمليات الانتخابية. النظام الثنائي يقدم للناخبين فرصة لاختيار بين برنامجين حكوميين متنافسين يعكسان توجهات واضحة ومحددة، مما يعزز من نوعية الحوار العام ويقوي من مبدأ المساءلة.

بعد فشل تجربة النظام الانتخابي القائم على التعددية الطائفية المفرطة بالانقسامات، اصبحت الحاجة ملحة لإعادة النظر في هيكلة النظام السياسي العراقي بما يضمن تجاوز العقبات التي وقفت حائلاً دون تحقيق الاستقرار والتقدم الحقيقي. الانتقال إلى نظام ثنائي يعد خطوة استراتيجية في هذا الاتجاه، حيث يمكن أن يسهم في تحسين فعالية الحكم ويعزز الثقة في المؤسسات السياسية. كما يجب أن يتم تصميم هذا النظام بطريقة تحافظ على التنوع وتحمي حقوق جميع المكونات، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجة الماسة للحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيز السلام الاجتماعي.

دور المعارضة وضمان حقوقها في النظام الثنائي

في النظام الثنائي، تلعب المعارضة دورًا حيويًا وأساسيًا في ضمان الديمقراطية الفعالة. يتمتع التحالف الذي لا يشكل الحكومة بحقوق وواجبات محددة تمكنه من مراقبة الأداء الحكومي وتقديم النقد البناء. هذا الدور لا يقل أهمية عن دور الحكومة، حيث يساهم في الحفاظ على توازن القوى وضمان عدم استغلال السلطة. تعزيز دور المعارضة يضمن وجود صوت قوي يمثل مختلف التوجهات والمصالح، مما يساهم في تحسين السياسات العامة وتلبية احتياجات المواطنين بشكل أفضل.

التحديات والتوقعات

لا شك أن التحديات ستكون موجودة، خصوصاً في مرحلة الانتقال، حيث ستواجه المقاومة والرفض من الأطراف المستفيدة من النظام القائم. ولكن بالحوار البناء والإرادة السياسية، يمكن التغلب على هذه التحديات. يجب أن يكون هناك التزام واضح من جميع الفاعلين في العملية السياسية لدعم هذا التحول، وذلك من خلال تبني سياسات تعزز الشفافية، العدالة والمساواة.لتحقيق هذا الانتقال، ينبغي أولاً تحديد الأطر التشريعية والقانونية للنظام الثنائي. والذي يتضمن تعديلات تشريعية قد تكون ضرورية لتسهيل تشكيل الحكومات وضمان التمثيل العادل. كذلك، يجب تحديد حقوق وواجبات المعرضة من خلال وضع آليات فعّالة للرقابة والمساءلة، لضمان أن الحكومة المنتخبة تعمل وفقًا للبرامج التي قدمتها خلال الحملات الانتخابية.

مع النظام الثنائي، يمكن للعراق أن يبني مستقبله على أساس من الاستقرار والازدهار، حيث الحكومة قوية وقادرة على تنفيذ سياساتها بفعالية، والمعارضة قادرة على تقديم البدائل والمراقبة بشكل بنّاء. هذا التحول ليس مجرد تغيير في النظام السياسي، بل هو استثمار في مستقبل العراق وشعبه، وخطوة نحو تحقيق الأمن والاستقرار الذي يستحقه كل عراقي.

فلنعمل جميعًا من أجل تحقيق هذا الهدف، لنمضي قدمًا نحو عراق يسوده العدل، السلام والازدهار.

 سياسي مستقل

 


مشاهدات 455
الكاتب حسين الفلوجي
أضيف 2024/05/21 - 6:25 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 2:45 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 306 الشهر 11430 الكلي 9361967
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير