الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بدون رتوش

بواسطة azzaman

بدون رتوش

رجاء حميد رشيد

 

كنت أستعد لوضع اللمسات الأخيرة لمكياجي الخفيف والخروج  مع زوجي لتناول الغداء خارج المنزل تلبية لدعوة من أصدقاء  ،في أحد المطاعم ببغداد ،لاحظت بأن الزمن بانت آثاره على ملامحي، وتجاعيد وجهي أصبحت أكثر وضوحاً في بشرتي ، أعلم أن الإعلانات عن الكريمات والعلاجات وحقن البوتكس والفلر والنضارة والشد والنحت وتغيير الملامح هي الأكثر شيوعا ،سواء على شاشات التلفاز أو الصحف والمجلات والانترنيت ،وحتى أن أغلب الأطباء والمختصين بعمليات التجميل لهم حسابات على مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة لمتابعتهم وهم يعلنون عن عملهم في مجال الجمال وإعادة الشباب لكلا الجنسيين ولاشك أن للنساء الحصة الأكبر، فالمرأة بطبيعتها جميلة وتحب الجمال وتسعى إلى الحفاظ عليه من الزوال على مر الزمان ،فكل النساء منذ قدم الحضارات لغاية وقتنا الحاضر يبحثن عن إكسير الحياة والشباب ، أمعنت النظر إلى نفسي في المرآة وتخيلت بأنني خضعت لعمليات تجميل  فمن سأكون ؟ وهل سيعرفني  أصدقائي وزملائي في العمل وحتى أهلي ، رفضت الفكرة وهي في محض خيالي ، ومن الأفضل أن أبقيها على حالها ، فهي وبعد كل شيء الدليل على الحياة التي عشتها ، وكل خط حفره الزمان  على وجهي له معنى ،فالخطوط على جسر أنفي  ,وبين حاجبي ناجمة عن الأوقات التي  كنت فيها متوترة وغاضبة عانيت فيها من المواقف المؤلمة والصعاب في مرحلة ما ، أما الخطوط المائلة حول عيني وهي أثخن التجاعيد وأعمقها، لم أستوعب قبول فكرة إزاحتها من خلال عملية تجميل ( قص الأجفان ورفع الحاجب والعين) تلك التجاعيد حفرت مكانها من كل تلك اللحظات التي أتسعت عيناي فيها دهشة أو تعجباً او ذهولا ، كما هناك خطوط على جانبي الفم فهي دليل على كل إبتساماتي وضحكاتي في مواقف حياتية ومراحل عمرية مختلفة، ولا أعرف مدى العمق الذي ستؤول اليه تجاعيدي يوماً ،فلسفتي في الحياة بأن الوجه مرآة القلب ، وهو ليس الدليل الوحيد على حياتنا ، وإنما نجده  في رضا الله ومحبة الناس ، ومساعدة الآخرين، والسعي لكل أعمال الخير والبر التي تنشر المحبة والفرح أينما حللنا ، ونعيش في النور الذي يشع من روحنا ، فالجمال والشباب يأتيان من الداخل، وليس بسنوات العمر.

شهادة تخصص

ح صديقة الطفولة والصبا المقيمة حاليا في كندا والحاصلة على شهادة البكالوريوس في علوم الحاسبات من جامعة بغداد 1988 ، بانها تعمل في مجال التجميل (المهنة الأكثر ربحا) ،بعد دراستها لمدة سنتين وحصولها على شهادة تخصص في هذا المجال ليتسنى لها فتح مركز تجميل وممارسة عملها وحسب التعليمات هناك،أن أكثر زبائنها(نساء ورجال) من المهاجرين واللاجئين العرب،ولكنها تعاني من البعض منهن ممن يتزينن بالمخشلات الذهبية في اليد والرقبة ولا تستطيع خلعها لأنها ترتديها منذ زمن  طويل خاصة وان الكثير منها دون أقفال ( أساور وملاوي).

 قبل ثورة تكنلوجيا المعلومات في القرن المنصرم ،كان التصوير الفوتوغرافي باللونين (الأسود والابيض) فقط، وهذا مانشاهدة في البومات الصور في كل بيت ، ويعتبر إرث عائلي لكل الأجيال،وقبل التقاط الصورة نقول للمصور ( الله يخليك طلعني حلوة / حلو، وعيوني خضر)، فيقوم المصور بإظهار براعته من خلال الإشارة إلى الصور المنوعة(عرسان، أطفال ، حجاج ، نساء ورجال) التي تزين جدران الاستديو، ثم يقوم بإجراء بعض التعديلات وتسمى(رتوش) مثلا يحاول تفتيح لون العين ، وإضافة بعض اللمسات البسيطة جدا وحسب امكانياته وحداثة وتطور الكاميرا المستخدمة وقتذاك.

نجمات هوليوود

تقول نجمة هولييود الشهيرة ميريل ستريب « أبدا لن أسمح بإزالة تجاعيد جبيني ، فهم نتيجة دهشتي أمام جمال الحياة ، أو تلك المحيطة بفمي لأنهم يظهرون كم ضحكت  ، ولا حتى البقع السوداء تحت عيوني ، فخلفهم تختبئ ذكريات أحزاني وبكائي...انهم جزء مني وأحب جمالهم سأُبقي على ملامحي لأنها دلالة على تجاربي في الحياة».

ومنذ فترة قامت الممثلة الأميركية چوليا روبرتس بنشر صورة لها على حسابها الخاص بدون مكياج و قد كتبت» السعي للكمال هو مرض هذا العصر «،نحن نغطي وجوهنا بأطنان من المكياچ و نحصل على البوتكس و نقوم بحرمان أنفسنا للوصول إلي المقاس المثالي ، نحن نحاول إصلاح الأشياء الظاهرة ، في حين أن الروح هي التي تحتاج إلى عملية جراحية ،حان الوقت لكي نتخذ موقف ،كيف يمكنك أن تتوقع أن يحبك شخص آخر و أنت لا تحب نفسك..؟ عليك أن تكون سعيداً مع نفسك ، لا يهم كيف تبدو من الخارج ما في الداخل هو ما يهم..،اليوم أريد أن أشارككم بصورة خالية من المكياچ ، أعلم أن لدي تجاعيد على وجهي و لكني أريدك أن ترى ما أبعد من ذلك،أنا أريد أن أقبل و أتصالح مع نفسي الحقيقة ، و أريدك أيضاً أن تتصالح مع نفسك كما هي ، و أحب نفسك فقط .. «كما هي»

في كتاب ( تجربة الجمال ) The Beauty Experiment  ،تأليف فيبي بيكر هايد (Phoebe Baker Hyde).

The Beauty Experiment: How I Skipped Lipstick, Ditched Fashion, Faced the World without Concealer, and Learned to Love the Real Me

 وترجمتها :كيف تخطيت أحمر الشفاه، تخليت عن الموضة، واجهت العالم دون خافي العيوب، وتعلمت أن أحب حقيقتي.

مكارم الاخلالق

وكان لها جمله شهيرة في الكتاب وهي»البحث الدائم عن الجمال يعيقنا من الوصول إلي السعادة والثقة والصفاء،* الجمال في مكارم الأخلاق، الجمال في طيبة القلب ،الجمال في القناعة والرضا بأبسط الأشياء الجمال في احترام الذات واحترام الغير الجمال في الصدق والأمانة».

هوس الجمال من أكبر مشاكل العصر الحالي، واجراء عمليات التجميل كانت لهدف نبيل وانساني خاصة عند انتهاء الحربين العالميتين الأولى والثانية، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا كالقنابل النووية، والتي تركت أثارها على ملايين البشر في العالم وأصبح يعاني من تشوهات خلقية ،فكان لابد من التدخل الطبي وإجراء الجراحات التجميلية ، خلافاً لما نراه اليوم في البعض ممن يعمل على إجراء عمليات التجميل والعمل على تغيير ملامح الوجه والجسم وحتى لون البشرة والتشبه بملامح المشاهيرمن الشخصيات الفنية والفانشيستات .

 


مشاهدات 566
الكاتب رجاء حميد رشيد
أضيف 2024/05/17 - 3:58 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 11:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 321 الشهر 11445 الكلي 9361982
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير