الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جيشنا بدون جنود

بواسطة azzaman

جيشنا بدون جنود

سامي الزبيدي

 

قد يتفاجأ البعض من العنوان لكن لا تستعجلون سأوضح الأمر فما اقصده ان جيشنا بدون جنود  اعني لا وجود لرتبة جندي أو جندي أول وحتى نائب عريف وعريف في وحدات وتشكيلات جيشنا لان كل الجنود أصبحوا يحملون رتبة نائب ضابط واغلبهم درجة ممتازة أو أولى بعد ان أصبحت ترقية المراتب كترقية الضباط لا تخضع للضوابط والسياقات العسكرية التي كانت موجودة في جيشنا سابقاً بل تخضع للانتماء الحزبي وللواسطة والقرابة والرشوة ومن المعروف ان ترقية الجنود وضباط الصف أشبه بترقية الضباط وفق القانون والسياقات العسكرية كإكمال المدة الاصغرية والنجاح في امتحان الترقية والدورة الحتمية .

لكن وللأسف الشديد فان قوانين وضوابط ترقية الضباط لا يعمل حالياً حتى أصبحت أعداد الضباط الذين يحملون رتبة لواء وفريق في جيشنا كبيرة جداً وأغلبهم خارج الملاكات مع العلم ان ترقية الضباط في جيشنا كانت تخضع لضوابط وسياقات صارمة منها إكماله المدة الاصغرية للرتبة واجتيازه امتحان الترقية والدورة الحتمية لرتبته بنجاح وشهادة آمريه بالتسلسل بكفاءته واستحقاقه الترقية من خلال التقارير السرية السنوية وتقارير الكفاءة وإذا كتب الآمر المباشر في التقرير السري السنوي لضابط معين لا أوصي بتـــــرقيته فلا  تتم ترقيته حتى وان أكمل كل شروط الترقية الأخرى  والحال نفسه ينطبق على المراتب فالذي  يستحق الترقية من المراتب عليه ان يجتاز امتحان الترقــــية الذي يجري وفق كراسة خاصة نسمى كراسة امتحانات الترقية للمراتب تحتوي على معلومات تخص الأسلحة والتعبية والتاريخ والمعلومات العامة كما عليه ان يجتاز الدورة الحتـــمية لرتبته والاهم وجود ملاك يسمح بترقــــــيته بعد أن يحصل على تقييم  جيد من آمريه ولكن وللأسف فان هذه الضوابط والسياقات لا يعمل بها حالياً سواء للضباط أو المراتب فالترقية أصبحت أغلبها خارج ملاكات الجيش وليس للأكفاء الذين أكملوا شروط الترقية بل لمن ينتمي لحزب معين ومن ليديه واسطة ومن يدفع أكثر وهذا ينعكس بشكل سلبي على كفاءة وحدات وتشكيلات جيشنا  ويؤدي الى الإخلال بالضبط العمود الفقري للجيش وعلى المعنويات خصوصا عندما يرى احد الضباط أو المراتب ان احدهم وهو اقل كفاءة منه واقل منه قدماً قد تمت ترقيته وأصبح أعلى منه رتبة.

مفرزة الرشاشة

ونعود الى قولنا ان جيشنا بدون جنود لان الجنود أصبحوا كلهم نواب ضباط  فآمر الحضيرة نائب ضابط وأفراد الحضيرة نواب ضباط وآمر مفرزة الرشاشة بكي سي نائب ضابط وليس نائب عريف وعدد القاذفة اربي جي 7 ليس جندي أول بل نائب ضابط وهكذا بقية المناصب وهذا ما موجود في أغلب وحدات الجيش وهذا يؤثر على الضبط وعلى  تنفيذ الأوامر سواء في السلم أو في وقت الحركات والمعارك , وهذا الأمر أي عدم وجود جنود في وحدات وتشكيلات جيشنا انتقل الى وحدات وتشكيلات الشرطة والقوات الأمنية أيضاً فنحن لا نرى شرطي مرور أو نائب عريف مرور أو شرطي نجدة في الشارع فكلهم يحملون رتبة مفوض وعندما تراجع دائرة للشرطة أو مركز شرطة ستجد ان كل الموجودين في الدائرة أو المركز يحملون رتبة مفوضين ولا وجود لنائب عريف أو عريف أو شرطي أول وهذا أمر غير صحيح ويؤثر على الضبط وحتى على المعنويات وعلى سياقات العمل , ومشكلة أخرى ان رتب نواب الضباط في الجيش والمفوضين الشرطة لا يتم عملها وفق الضوابط  من حيث حجمها ولونها ومادتها فهناك رتب معدنية وأخرى قماشية وثالثة مزججة أما إحجامها وألوانها فحدث ولا حرج ولا ادري هل ان ضباط الجيش والشرطة القدماء لا يملكون كراسة الرتب الخاصة بالضباط والمراتب والتي فيها قياسات رتب الضبط والمراتب وأنواعها ومتى ترتدي كل رتبة أم ان هذه الكراسات تم إلغائها ؟

فيجب على وزارة الدفاع ووزارة الداخلية الوقوف عند هذه الحالة ووضع حلول سريعة لها من خلال إعادة العمل بالسياقات الخاصة بترقية الجنود والشرطة وضباط الصف ووفق الملاكات فمن غير المعقول ان يصبح جيشنا  بدون جنود وبدون رتب صغيرة جندي أول عدد قاذفة أو رشاشة ونائب عريف آمر حضيرة وعريف فصيل يحمل رتبة بثلاث خيوط ورئيس عرفاء سرية بأربعة خيوط وهكذا بالنسبة للشرطة لا وجود للشرطي وشرطي أول ونائب عريف وعريف  فهذه الرتب لها أهمية كبيرة من ناحية الضبط وتنفيذ الأوامر والمحافظة على السياقات والتقاليد العسكرية ويجب العمل بملاكات الجيش والشرطة فمن غير المعقول ان نجد ضابط برتبة فريق في مقر وزارة الدفاع يشغل منصب لعميد ونجد ضابط شرطة في وزارة الداخلية برتبة لواء يشغل منصب عقيد بعد ان أصبحت رتب ضباط الجيش العالية لواء وفريق وفريق أول أكثر من رتب أقرانهم في الجيش الأمريكي والروسي ونفس الحال بالنسبة لرتب ضباط الشرطة فمدير شرطة المحافظة كان برتبة عقيد أوعميد أما اليوم فقائد شرطة محافظة برتبة لواء وفريق وتذكرني مسالة منح الرتب جزافا وبدون ضوابط حالة وهي ان معلم من الجيش الروسي كان يدرب ضباطنا على ناقلة الجنود الروسية بي أم بي/1 نهاية سبعينات القرن الماضي  وكان كبير في السن وهو برتبة رائد ومنذ ثمانية سنوات .

وعندما سُئل لماذا انت بهذا العمر وبرتبة رائد ولم تتم ترقيتك الى رتبة أعلى أجاب ان الترقية الى رتبة مقدم وهي من رتب القادة لن ينالها إلا ذو حظ عظيم أي يجب ان يكون كفوءاً جداً وان يحصل على تقييم جيد جداً من جميع آمريه وان يتخطى الامتحان الخاص بالرتبة الجديدة وان يقدم بحوث في مجال اختصاصه , هكذا تبنى الجيوش لا كحال جيشنا وشرطتنا حيث يمنح رئيس الحزب رتبة لواء وفريق لميليشيات حزبه ورجل الدين المعمم يفعل كذلك وغيرهم في تجاوز على القانون والسياقات العسكرية , ان مشاكل الرتب العالية والترقيات خارج السياقات والأوامر بالإضافة الى كونها تجاوز على القانون وعلى سياقات الجيش والشرطة وتسيء للضبط  فهي تكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة تتجاوز عشرات المليارات من الدنانير شهرياً كرواتب للرتب العالية لذا على وزارتي الدفاع والداخلية وضع دراسة للحد من الترقيات للضباط والمراتب خارج السياقات والقوانين والعمل على وضع حلول للرتب الحالية العالية أما بإحالة أعداد منهم للتقاعد أو لإمرة الوزارتين وعدم ترقية من ليس له ملاك ولم يجتاز شروط الترقية حتى إذا بقي في منصبه عدة سنين والعودة الى السياقات لعسكرية والقانون العسكري وقوانين الشرطة الخاصة بالترقية وعدم تجاوزها ولأي سبب كان .                                                                                                                                          خبير عسكري وسترانيجي


مشاهدات 460
الكاتب سامي الزبيدي
أضيف 2024/05/17 - 3:57 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 3:24 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 320 الشهر 11444 الكلي 9361981
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير