الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل سيكون السوداني رجل العراق المُقْنِع ؟

بواسطة azzaman

تسريبات سياسية حول تشكيل تحالف نوعي كبير

هل سيكون السوداني رجل العراق المُقْنِع ؟

 

رياض عبد الكريم

 

اشرت في مقال سابق نشرته الزمان الى ان فشل التجربة السياسية ، حالت دون ظهور زعامات مُقنِعة ، لاسباب لعل في مقدمتها ان من قدم نفسه كسياسي او قائد لحزب سياسي ، او تحالف او تكتل او تجمع  ــ وما أكثرها من مسميات ــ لم يكن بالمستوى الذي يؤهله فعلا لهكذا موقع لانه جاء او فرض نفسه بحكم الصدفة او الرغبة دون ان يكون له اي تجربة في حيثيات العمل السياسي او حتى الفكري ، واقصد المؤدلج والمعمق في حدود العملية القيادية وما تتطلبه من مهارات وافكارلابد ان تفاجيء المجتمع الذي يتطلع دائما للتغيير والاصلاح ورعاية مصالحه وضمان حقوقه والاخذ به لمستويات افضل مما كان عليه ، هذا بالاضافة الى قيادة العملية التنظيمة بشكل يبهر القواعد الجماهيرية عندما تُصحح الاخطاء وتكثر المبادرات وتلغى كل العوائق التي تعترض طريق المواطن ، ولا اريد الاستزادة من تلك المواصفات لكني اقول ان بعض ماذكرته لم يحصل ولم يتحقق ، الامر الذي ــ وهو المتوقع ــ قوبلت كل الشخصيات التي ادعت الزعامة او القيادة برفض جماهيري واسع النطاق ونفور وامتعاض من جملة الافعال التي مارسها هؤلاء والتي ابتعدت كليا عن واقع العمل السياسي العفيف والملتصق بمصلحة الشعب والوطن ، ذلك ان الفساد والمحاصصة والطائفية والرشوة والمحسوبية والولاءات هي مجموعة ىالافرازات التي سببتها الاحزاب وقادة واعضاء تلك الاحزاب ولمدة عقدين من الزمن جعلت كل العالم ان ينتبه لها ويستغرب منها لعدم حصول اي تغيير ايجابي اصلاحي طيلة هذا الزمن الطويل الذي فقد فيه البلد كل مايمكن ان يكون ثروة كبيرة تفوق مستوى التصور كان يمكن ان تكون مفتاح المنجز الوطني الذي يفتح الابواب للصلاح والبناء والاعمار وانعاش المستوى المعيشي للمواطن العراقي بعد ان عانى ما عاناه ومايزال لحد الان.

إن المفاهيم السائدة اليوم في تعريف الزعامة شابتها شوائب كثيرة, وأثر الإعلام فيها سلبا فالزعيم هو من ضخم الإعلام أعماله ونصبت في الساحات تماثيله ووزعت على الجدران صوره فهذه البطولة الزائفة التي يعرفها العالم اليوم, ولكن ما هي الزعامة الحقة ؟ ، إنها التضحية من أجل الآخرين ودفع الغالي والرخيص في سبيل الآخرين دونما انتظار لمديح أو ثناء أو مقابل مادي معلوم ، وعلى العكس نرى من يدعون بالزعامة يجولون وأبنائهم وحواشيهم في فاره السيارات ويسكنون افخم القصورويتجولون بين مدن  وكازينوهات العالم والشعب يزداد جوعا وفقرا, وهم يقتسمون وحواشيهم ما طالته أيديهم والشعب يعاني مرارة العيش ، وبطش الحريات وانتشار الجريمة وشيوع الخطف والاغتيالات وتعثر الخدمات وتضخم البطالة .

تسريبات ربما تصح

ازاء هذا الوضع المتردي ، والذي يزداد سوءا يوما بعد يوم ، بل وتدركه وتعرفه كل الاحزاب وقادتها ، يبدو ان هناك حراك سياسي يجري خلف كواليس مغلقة ، بين مجموعات سياسية مصغرة اساسه مناقشة الوضع العراقي برمته ، وقد سربت بعض المصادر السياسية او لمحت لهذا الموضوع على اساس ان يجري تشكيل تحالف نوعي جديد يتهيأ للانتخابات القادمة وقد تكون مبكرة ولا نعرف حقيقة ومستوى هذا التحالف ومالجديد الذي يأتينا به وماهو مشروعه السياسي ومدى قدرته على النجاح واين سيكون موقعه ضمن الخارطة السياسية ومن يدعمه ؟

هذه الاسئلة تقودني لاطرح مشروعا سياسيا افتراضيا ، في ضوء المعلومات المذكورة اعلاه ، يرتكز على اساس المنهج التجديدي التفاعلي عابرا للطائفية والدينية والقومية والمحاصصاتية والمناطقية من خلال اعتماد الكفاءات والتخصصات المتنوعة والمستقلين من الخريجين واصحاب الشهادات العليا واعطاء مساحة واسعة للشباب مع فسح كل المجالات للمهمشين والذين تم اقصاؤهم لاسباب كيدية والاستفادة من الطاقات والقدرات  لدى المقيمين خارج العراق واستدعائهم للمشاركة والعمل داخل العراق ، وأن يوضع برنامج واضح ومحدد يكتب من ذوي الاختصاصات ومن خلال تشكيل لجنة عليا تضم خيرة الخبرات الاقتصادية والاجتماعية والصحفية والقانوية وممثلين عن كل النقابات والجمعيات والاتحادات ، على ان تدرس كل سلبيات المرحلة السابقة والبحث في اسباب الاخفاق واقراح البدائل الواقعية التي تلامس مصلحة الوطن والشعب ، ثم يصار الى كتابة البرنامج الانتخابي وايضا من خلال ذات اللجنة على ان تضع شروطا مهنية وعلمية وعملية للمرشحين ادنى مافيها ان يكون المرشح من حملة الشهادة الجامعية صعودا ، والاخذ بنظر الاعتبار تجربته العملية والمهنية وتخصصه العلمي الذي يجب ان يتكافأ مع باقي التخصصات.

رجل المرحلة

في ضوء ماتقدم ، وأيضا كتصور افتراضي اقرب للواقع ، ان المرحلة الحالية والقادمة واستنادا الى ماحصل من تفكك وتشضي طيلة العقدين الماضيين من الزمن ، لابد من بروز شخصية فاعلة ومتفاعلة مع كل الذي يجري في العراق ، تقف خلفها طليعة جماهيرية وتدفع بها الى الامام قناعة شعبية معززة بالثقة والارادة تطرح الفكر المتجدد والمرتكز على الواقع في حدود المعالجات العلمية والعملية ، مخترقة ومتجاوزة كل الاسس التي بنيت عليها التجربة السياسية وظروف الحكم التي تحكمها عقد وامزجة وغايات ومصالح ، على ان تتصف بالشجاعة والعزم والاصرار ، وفي اعتقادي لو قربنا الصورة اكثر لوجدنا ان شخصية السوداني هي الاكثر وضوحا في تلك الصورة قياسا لكل تجارب الحكومات السابقة من حيث الكثير من الاسباب الواقعية والتي لمسنا حقائقها من خلال تجربته في رئاسة الوزراء منذ ان تولى المنصب ولحد الان ، فقد تميز هذا الرجل في ادارة عمله بتوازن عقلي وعملي حكيم قاده لان يحقق سلسلة من الاجراءات الناجحة بروح ودية غير متشنجة وبمسار وسطي ارضى كل الاطراف السياسية والحكومية ، ولو ان هناك من يحاول عرقلة هذه الاجراءات ، وهو مدرك لذلك لكنها لم تؤثر على مسيرته ولم يكترث منها او يخشى امرها ، وهو عندما سمى حكومته بحكومة الخدمات فأنه فعلا قد حقق ذلك ومازال متواصلا في تحقيق المزيد ، الامر الذي ميزه عن كل رؤساء الوزارات السابقين لانه الوحيد الذي استطاع بجدارة ان ينفذ برنامجه الحكومي بدقة متناهية في حين عجز من سبقه عن تنفيذ ذلك ، وهو ايضا من عراقيي الداخل وتعايش مع كل الظروف التي مر بها العراق والمحن والمظالم التي تعرض لها الشعب ، وتدرج في التسلسل الوظيفي صعودا دون ان تؤشر عليه اية مخالفات او اتهامات بالفساد او استغلال موارد الدولة منصرفا للاستزادة من تعظيم خبرته وقدرته الادارية والعملية مستثمرا ذلك في عزمه على النجاح في ادارة مجلس الوزراء بكفاءة عالية وحزم مرن غير متحيز لهذا الطرف او ذاك ، منفتحا بعقليته التي غالبا ما تستمع للاراء والمقترحات محترما ومقيما كل الافكار التي من خلالها يصدر القرارات ، وهذه ميزة عليا ايضا لم نجدها عند من سبقوه ، واجزم ان هذه الصفات قد انعكست على وزرائه بالرغم من ضعف البعض الا ان عملهم بالاجمال من حيث الجدية والفاعلية في انجاز مهام وزاراتهم قد اختلف كليا عن عمل الوزارات السابقة ، والتي وصل الامر بها لعدم تنفيذ قرارات رئيس الوزراء او تسويفها ، وفي ذلك دلالة على تماسك مجلس الوزراء والعمل بروح الفريق الواحد الذي يتسابق مع الزمن لتحقيق افضل واحسن النتائج .

فارس الميدان

بعد تسلم السيد السوداني مهام عمله كرئيبس للوزراء ، وقراءة برنامجه الحكومي ، كتبت مقالا اشرت فيه الى «اننا تعودنا على التعرف على كل البرامج الحكومية السابقة، لكننا لم نلمس النتائج ، ولكي ينجح السوداني في عمله عليه ان يترك الكرسي وينزل للميدان مشرفا ومتابعا ومطلعا» ، وقد عملها فعلا فكانت ميادين العمل والاصلاحات هي بمثابة المقر الرسمي الميداني لعمله كرئيس للوزراء ، وقد لمسنا انجاز العمل في مختلف المشاريع بأوقات قياسية لم يسبق لها مثيل ، اضافة الى تواجده المستمر بين الاوساط الجماهيرية في مختلف مناطق بغداد بل وحتى في بعض مناطق المحافظات خلال زياراته لها ، متسلحا بالارادة والعزم والاصرار ، وهذه الصفات هي ركائز المرحلة التي تبشر بالانطلاق نحو تحقيق المنجز الوطني الذي عجز عن تحقيقه اي ممن سبقوه ، الامر الذي وهج قناعة المواطنين به مستعيدا ثقتهم وامالهم في كينونته وبراعة افكاره وادارته .

من خلال كل ذلك ، واذا صحت التسريبات التي تشير الى الاتجاه لتشكيل تحالف كبير ، فأن هذا المشروع لابد ان يرى النور وينطلق بقوة وفاعلية وجدية واضعا امامه التجربة المريرة التي كادت ان تطيح بالعراق متجاوزا اخطائها وغاياتها ، وعدم تكرار الشخصيات التي لم تحرك ساكنا طيلة الفترة الماضية ومنطلقا من روح الشعب ومتطلبات الوطنية الحقيقية واعادة صياغة التجربة السياسية بكل تفاصيلها وممستلزماتها والخروج من النفق المظلم الذي حشرت فيه كل امنيات وتمنيات الشعب دون ان يلمسوا ولحد الان اي بصيص للانفراج .

وهنا اشير الى ان هذا المشروع بتلك المواصفات لايمكن له النجاح الا من خلال قيادة حكيمة طموحة وواعدة بروح وطنية شفافة وجدية بعيدا عن منابع الفساد وعابرة لكل اشكال الطائفية والمحاصصة والمحسوبية ، ومنفتحة على مكونات الشعب مسعاها هو خدمتهم واسعادهم والارتقاء بالوطن الى اعلى درجات سلم التطور والازدهار ، وثمة من يتسائل : وكيف العثور على هذه الشخصية ؟ اقول : انها موجودة وهي التي قدمت نفسها الينا من خلال تجربتها الفتية التي اثبتت نجاحها وقدرتها  في اداء الواجب والمسؤلية وحققت انجازات متنوعة على مختلف الاصعدة الامر الذي جعل المواطنين يقتنعون بها ويتأملون منها الكثير من الخير والمنجزات .

انها شخصية السيد محمد شياع السوداني التي نأمل منها ان تستمر بعد ان حققت ماكنا نصبوا اليه في فترة وجيزة لم يسبق لها مثيل ولابد من دعمه واسناده والقبول به كرجل مُقنع ويمتلك مفاتيح مسقبل البلد .

 


مشاهدات 131
الكاتب رياض عبد الكريم
أضيف 2024/04/27 - 12:46 AM
آخر تحديث 2024/05/07 - 7:42 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 264 الشهر 2687 الكلي 9140725
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/5/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير