الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الغطرسة الصهيونية.. الحلقة المفرغة في حروبها المستمرة

بواسطة azzaman

الغطرسة الصهيونية.. الحلقة المفرغة في حروبها المستمرة

قتيبة آل غصيبة

 

لم يشهد العالم منذ انتهاء الحرب الامريكية غير الاخلاقية وغير المبررة في فيتنام عام 1975 ؛ دماراً وبشاعةً وترويعاً مثلما شهدته غزة العز والصمود جراء القصف والهجوم الوحشي الصهيوني الذي تجاوز كل خطوط ومعايير قانون الحرب وقواعد الاشتباك والقوانين الدولية والانسانية ؛ ضاربا عرض الحائط كل المناشدات والقرارات والوساطات  الدولية وآخرها قرارات محكمة العدل الدولية والامم المتحدة ؛ لوقف العدوان الهمجي على غزة وباقي الاراضي الفلسطينية ؛ وكأن في آذان قادة هذا الكيان المجرم وَقر ؛ وعلى قلوبهم أكنة ؛ مغترين بقوتهم المتغطرسة ؛ التي يقودها مجلس وزراء الحرب بزعامة النتن ياهو والذي تشكل بعد غارة طوفان الاقصى التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية البطلة في غزة.

من يتتبع تاريخ الحركة الصهيونية يجدها منغمسة بالفكر العنصري المتغطرس والممارسات المتعجرفة ؛ من خلال شعورهم الزائف بالتفوق وأنهم أفضل من غيرهم ؛ وهذا نابع من عقيدتهم الدينية ؛ التي تزعم بأنهم  شعب الله المختار وان الزمن يمضي في صالحهم ليتمكنوا من السيطرة على العالم وقيادتة ؛ فمنذ قيام هذا الكيان الغاصب تناوب على زعامته العديد من قادة الحركة الصهيونية بِدأً من «ديفيد بن غوريون ؛ ت : 1973» وصولا الى «النتن ياهو» ؛ وهم يعانون من الغرور والتكبر وإلاعجاب بأنفسهم وبقوة كيانهم المحتل الغاصب لأراضي الشعب الفلسطيني منذ ثمان عقود ؛ حتى أصبح هذا الامر يمثل عندهم  ما يسمى ( «عقدة التمركز حول الذات» : إذ يُعد التمركز حول الذات ظاهرة نفسية ؛ يميل فيها الفرد او المجموعة إلى التركيز بشكل مفرط على مشاعرها واهتماماتها واحتياجاتها ؛ دون إعطاء أهمية كافية لاحتياجات الآخرين ؛ وعندما يتعلق الأمر بالسياسة .

ظاهرة خطيرة

يمكن أن تصبح هذه الظاهرة خطيرة ؛ حيث قد تؤدي إلى سلوكيات سلبية مثل ؛ التعصب الذي يؤدي إلى رؤية العالم من منظور واحد فقط دون الأخذ بعين الاعتبار وجهات نظر الآخرين ؛ وتمسك وإصرار الشخص  بصحة رأيه حتى لو كان هناك أدلة قاطعة على خطئه ؛  والتجاهل من خلال عدم الاهتمام بمشاعر واحتياجات الآخرين خاصة أولئك الذين ينتمون إلى مجموعات مختلفة ؛ والرفض لأي أفكار أو اقتراحات لا تتوافق مع معتقدات ذلك الشخص او المجموعة ، ومن المؤكد إن هذه السلوكيات توصل الطرف الذي يتمركز حول نفسه إلى الغطرسة والتي تعني : «  شعور متضخم بالأهمية الذاتية ؛ مع ازدراء أو تجاهل للآخرين») ، وهذا بالضبط ما هي عليه الحركة الصهيونية منذ نشأتها وبكل مستوياتها ؛ إذ  لاتزال  تعاني من تداعيات عقدة التمركز حول الذات ؛ على المستويين الاجتماعي والشخصي ؛ مهووسين بأوهام القوة ؛ والغطرسة والعنجهية  وبأنهم  يمثلون كيانا أقوى وأفضل من كل دول شعوب المنطقة ؛ يدفعهم في ذلك الدعم الغربي المستمر بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ؛ فالادارة الامريكية  تعتبر هذا الكيان الغاصب حليفا استراتيجيا لا يمكنها التخلي عنه والعلاقات معه مبنية على التخادم فيما بينهما ؛

إلا أنه ورغم كل تلك العلاقات والتعاون الوثيق ؛ فإن الإدارة الأميركية لم تتمكن من إقناع حكومة اليمين الصهيوني المتطرف العنصري بزعامة النتن ياهو ؛ بالموافقة على اتفاق بين الكيان الصهيوني وحركة حماس ؛ يفضي إلى التهدئة وتوقف الحرب الصهيونية الوحشية على قطاع غزّة ؛ يتم خلالها تبادل الأسرى وتدفق المساعدات الإنسانية، فاكتفت بتقبل فشل وزير خارجيتها «بلينكن» في زيارته الخامسة منذ 7 أكتوبر إلى الكيان الصهيوني ؛ ولم تحرك ساكناً حيال رفض رئيس مجلس وزراء الحرب الصهيوني النتن ياهو ؛ الاتفاق الذي صاغته في باريس بالتنسيق مع كل من الدوحة والقاهرة ؛ لأنه لا يريد وقف حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزّة ؛ بل استكمالها باجتياح منطقة رفح ؛ ولا يأبه بأنها الملاذ الأخير لأكثر من مليون فلسطيني ؛ ولا بحساسية موقعها على الحدود المصرية مباشرة ؛ فأولوية حكومة اليمين العنصري التي يقودها هذا المجرم النتن ياهو ؛ هي استكمال التغوّل في الدم الفلسطيني ؛ وتهجير ما أمكن من سكان قطاع غزة العز والصمود ؛ وتحويله إلى مكان غير صالح للعيش ؛  بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ؛ وإن هذه الغطرسة التي يمارسها رئيس الوزراء الصهيوني النتن ياهو وفريقه الحكومي بإصرارهم على مواصلة الحرب ضد الشعب الفلسطيني ؛ نابعة من خوفهم من تبعات أي اتفاق يؤدي الى إيقاف هذه الحرب العبثية ؛ مما يؤدي الى تعرضهم الى المحاكمة على الاخطاء التي اقترفوها ؛ ومسؤوليته وقادة الاجهزة الامنية عن الغارة المباغتة التي شنتها الفصائل البطلة لحركة حماس  يوم 7 اكتوبر ؛ وكذلك عدم قدرتهم وعجز جيشهم الذي أوهموا انفسهم والعالم بأنه الجيش الذي لا يقهر ؛ من تحقيق اهداف الحرب التي اعلنها «النتن ياهو» على حماس في غزة ؛ والتي تضمنت إطلاق سراح الاسرى الصهاينة الذين هم في قبضة فصائل المقاومة في غزة ؛ والقضاء تماما على قادة منظمة حماس وفصائلها المسلحة ؛ وإعادة احتلال غزة وإدارتها عسكريا ؛ هذا بالإضافة الى التهم السابقة الموجهة اليه بسبب الفساد ؛

والامر المؤكد هنا انهم سيواصلون هذه الحرب الوحشية ضد الشعب الفلسطيني ؛ وتوسيع بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة ؛ متحدين الضغوط الدولية لوقف البناء على الأراضي التي يعتبرها الفلسطينيون نواة الدولة المستقلة المستقبلية ؛ حيث أكد المجرم النتن ياهو ؛ انه لايزال متمسكا في عدم إقامة دولة فلسطينية ؛ وفقا للبيان الذي أصدره يوم 19 شباط/ فبراير الماضي :  «إن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية الكاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة ؛ سواء مع تسوية دائمة أو بدونها ؛ واعتبر أن إقامة دولة فلسطينية يشكل خطرا وجوديا على إسرائيل» ؛ وتابع قائلا في البيان ؛  «الجميع يعلم أنني أنا من عرقلت على مدى عقود قيام دولة فلسطينية من شأنها أن تعرض وجودنا للخطر».

طوفان الاقصى

وأشار إلى ؛ «أن موقفه تعزز في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي»، وقد كتب في هذا الصدد رئيس الوزراء الصهيوني الاسبق  «إيهود أولمرت» في صحيفة «هآرتس الصهيونية» مقالاً هجومياً بعنوان: «شركاء نتنياهو في الائتلاف يريدون حرباً إقليمية شاملة ؛ وغزة ما هي إلا خطوة أولى» ؛ إذ حذر  أولمرت ؛ «من أن الهدف النهائي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومن معه هو تطهير الضفة الغربية من سكانها الفلسطينيين  والمسجد الأقصى من المصلين المسلمين وضم تلك الأراضي إلى دولة إسرائيل» ؛ وأشار أولمرت إلى ؛  «أن مسعى نتنياهو و(عصابته) لن يتحقق دون صراع عنيف واسع النطاق ربما يقود إلى («هرمجدون» : يستند اليهود للنص العبري الوارد فى سفر الرؤيا:16 بأن المعركة المسماة معركة هرمجدون ستقع فى الوادي الفسيح المحيط بجبل مجدون فى أرض فلسطين وأن المسيح سوف ينزل من السماء ويقود جيوشهم ويحققون النصر على الكفار ؛ وفقا لزعمهم.) أو حرب شاملة ؛ تُريق دماء اليهود داخل إسرائيل وخارجها، وكذلك دماء الفلسطينيين ؛ وستشمل 'حرب هرمجدون» وفقا لأولمرت، «غزة جنوب إسرائيل ؛  والقدس والضفة الغربية ؛ والحدود الشمالية لإسرائيل ؛ بما يعطي الانطباع بأن الإسرائيليين يقاتلون في (حرب البقاء) ؛ التي تبيح لهم ارتكاب ما لا يُطاق» ؛ ولم يستبعد أولمرت ؛ «تفكيك الحكومة وطرد رئيس الوزراء الحالي في المرحلة الحالية ؛  ليتولى أفراد ما وصفها أولمرت بـ(العصابة) شؤون إسرائيل» ؛ وسلط في المقال الضوء على ؛  «الثنائي اليميني المتطرف، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش...» ؛

ان الكيان الصهيوني بغطرسته وغروره بقوته المدعومة أمريكيا وغربيا ؛ يرافقه صمت وخنوع حكام الدول العربية والاسلامية ؛ سيبقى يدور في حلقة الحروب المفرغة ضد الشعب الفلسطيني ؛ في صراع لن ينتهي الا بتحطيم  الغطرسة الصهيونية ؛ التي أصبحت مثار قلق وريبة وانزعاج  للدول الصديقة والمعادية لهذا الكيان الغاصب المحتل لفلسطين منذ ثمان عقود ؛ فالغطرسة ؛  هي سمة خداعة مهدت تاريخيا الطريق الى سقوط الدول ؛

فمن الامبراطوريات القديمة الى الدول الحديثة ؛ ساهمت غطرسة الزعماء في كثير من الاحيان الى عواقب كارثية ؛ بلغت ذروتها في نهاية المطاف بإنهيار دول بأكملها. إن إرادة الشعب الفلسطيني وإصراره على تحرير أرضه وبناء دولته ؛ بمؤازرة شرفاء العالم شعوبا وحكاماً ؛ قادم لا محال بإذن الله ؛ فلا بد لليل ان ينجلي ...ولابد للقيد ان ينكسر ...والله المستعان.


مشاهدات 370
الكاتب قتيبة آل غصيبة
أضيف 2024/03/03 - 10:14 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 8:43 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 295 الشهر 11419 الكلي 9361956
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير