الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
البيوت السعيدة لا صوت لها

بواسطة azzaman

البيوت السعيدة لا صوت لها

نهله الدراجي

في الآونة الأخيرة وفي ظل التكنولوجيا والانعزال عن المجتمع، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين.حيث يشارك الناس يومياتهم وأفكارهم وصورهم عبر هذه المنصات، مما يخلق شعورًا بالانتماء والتواصل الاجتماعي. ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الآثار السلبية التي أحدثتها هذه الظاهرة على خصوصية الأفراد وجودة الحياة الشخصية.في الماضي، كان لكل بيت سعيد هويته الخاصة وحياته الخاصة. كانت الأمور الشخصية والعائلية تبقى داخل حدود الأسرة. لكن اليوم وللأسف أصبحت الخصوصية تتلاشى تدريجيًا. فقد بات الناس يشاركون تفاصيل حياتهم الشخصية وأحداثهم اليومية بشكل علني، مما يؤدي إلى فقدان الحدود بين الحياة الشخصية والعامة.وأحد الآثار السلبية الرئيسية لهذا الاندماج الكبير للحياة الشخصية في المجال العام هي فقدان الخصوصية.... ويمكن للأفراد أن يجدوا أنفسهم محاطين بالانتقادات والملاحظات غير المرغوب فيها، وهذا يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية ويخلق شعورًا بالضغط وعدم الراحة.بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر الانخراط المستمر في الاستخدام المفرط لهذه المنصات على جودة الحياة الشخصية... قد يجد الأفراد أنفسهم مشغولين بمتابعة حياة الآخرين ومشاركة تفاصيل حياتهم الخاصة بدلاً من التركيز على اللحظة الحالية وتجربة السعادة الحقيقية... وقد يؤدي هذا الارتباط المستمر بالهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية إلى الشعور بالانعزال عن الواقع المحيط، وبالتالي يؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية  تؤثر سلبًا على الفرد وبالتالي على المجتمع....من الضروري بمكان أن نفهم أن الخصوصية لها قيمتها حيث تحقق توازنًا صحيًا في حياتنا. ويجب علينا أن نكون حذرين فيما نشاركه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأن نحترم حقوقنا في الحفاظ على حياتنا الشخصية بعيدًا عن الأضواء العامة.بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن نتذكر أن السعادة الحقيقية لا تعتمد على عدد المتابعين أو عدد الإعجابات التي نحصل عليها على منصات التواصل الاجتماعي... بل تنبع من العلاقات الحقيقية والاتصالات القوية التي نبنيها مع الأشخاص الذين نحبهم ونثق بهم... ويجب خلق توازن بين الوقت الذي نقضيه في العالم الافتراضي والوقت الذي نقضيه في العالم الحقيقي، وأن نخصص وقتًا لأنشطة تعزز الصحة العقلية والروحية، مثل القراءة والتأمل والتفاعل مع الطبيعة.ختاماً، على الرغم من أن السوشيال ميديا قد حققت تواصلًا واسعًا وتمكننا من مشاركة تجاربنا وآرائنا، إلا أنها تأتي بتكلفة. يتطلب منا أن نكون حذرين ومدركين للتأثيرات السلبية المحتملة، وأن نحافظ على الخصوصية والتوازن في حياتنا الشخصية. إن البيوت السعيدة هي تلك التي تعيش فيها الأسرة حياة متوازنة ومستقرة بعيدًا عن ضوضاء العالم الافتراضي، حيث يتمتع الأفراد بالخصوصية والتواصل الحقيقي مع بعضهم البعض....

 


مشاهدات 644
الكاتب نهله الدراجي
أضيف 2024/01/09 - 3:27 PM
آخر تحديث 2024/07/20 - 11:36 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 118 الشهر 8910 الكلي 9370982
الوقت الآن
الأحد 2024/7/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير