الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الهجن تشق رحلتها عبر الصحراء بنسخة إستثنائية

بواسطة azzaman

حين يصبح الطريق درساً في الصبر والإيمان

الهجن تشق رحلتها عبر الصحراء بنسخة إستثنائية

الأحساء - زهير بن جمعة الغزال

تواصل رحلة الهجن بنسختها الثانية عشرة مسيرها عبر واحد من أكثر المسارات الرمزية في تاريخها، حيث قطعت القافلة خلال الأيام الماضية سلسلة من المحطات الممتدة بين رمال ندّ الشبا، قرن وكر العقاب، رقعة روضة، رملة ساحب عظيبة، الهرِه، رملة بن مريود، العبدلية، وصولاً إلى عمق المسار الصحراوي القديم الذي كان يربط الإمارات بطريق الحجاج. وفي كل محطة، تستعيد القافلة ملامح الطريق الذي سلكه الأجداد، من الكثبان التي عبرتها قوافلهم إلى المسارات التي شكّلت ذاكرة المكان، في رحلة تمتزج فيها ملامح الصحراء، ورائحة الماضي، وعمق التجربة الإنسانية.

وتقطع القافلة مسافة 1050 كيلومتر على ظهور الهجن، في مسار هو الأطول في تاريخ الرحلة والتاريخ المعاصر، حيث انطلقت بتاريخ 30 نوفمبر من منطقة السلع في العاصمة أبوظبي ويترقب وصولها يوم 20 كانون الاول الجاري إلى القرية التراثية في القرية العالمية بدبي.

وعن الرحلة قال عبد الله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث وقائد الرحلة: حين نتحرك عبر هذه الصحراء، فإننا لا نعيد فقط رسم خطوط طريق الحجاج… بل نعيد قراءة الإنسان الذي عبر هذا الطريق قبل أعوام مضت، فكل خطوة على الرمل تحمل أثراً من خطوة سابقة، وكل محطة نقف فيها تذكّرنا بأن هذا الطريق لم يكن مجرد جغرافيا، بل رحلة إيمان وصبر وارتباط بالأرض، هذه القافلة ليست مسيراً للهجن فحسب، بل مسيرٌ للروح أيضاً: روح تبحث عن تلك اللحظة التي يلتقي فيها الماضي بالحاضر دون أن يفقد أحدهما جوهره.

وأضاف: من يرافقنا في رحلة تمتد لأكثر من ألف كيلومتر يدرك أن هذه التجربة ليست تحديًا جسديًا، بل مسؤولية ثقافية وأخلاقية، فالهدف ليس الوصول إلى دبي فقط، بل الوصول إلى فهم أعمق لما يعنيه أن تكون ابن هذه الأرض… أرضٌ علّمت أبناءها أن الطريق أهم من المسافة، وأن العبر أكبر من الخطوات.

 ويمتد مسار الرحلة على مدى 21 يومًا يخوض فيها المشاركون تجربة تتجاوز المشي لمسافات طويلة لتلامس جوهر الحياة في الصحراء، ففي كل مرحلة من المراحل اليومية، تعود القافلة إلى إيقاع عاشه الآباء والأجداد، حيث يتعلم المشاركون كيف تُبنى القوة بالصبر، وكيف يتشكل الوعي بالاعتماد على الطبيعة، وكيف تتحول الصحراء من فضاء مفتوح إلى مدرسة قيم، تُعيد الإنسان إلى جذوره الأولى وتحيي في داخله إرثًا ظل حاضرًا في وجدان الإماراتيين عبر الزمن.

ومن بين القصص الملهمة في هذه الرحلة، تبرز مشاركة الطيّار الإماراتي سعيد محمد الريّس، الذي اختار أن يخوض تجربة تختلف تمامًا عن سماء الطائرات التي اعتاد التحليق فيها، ليعيش رحلة الأجداد كما كانت، على ظهر الهجن وتحت سماء الصحراء، يقول الريّس في حديثه عن التجربة: الرحلة مذهلة بكل تفاصيلها… تفاصيل دقيقة تجعلني أشعر أنني أعيش الزمن الذي عاشه أجدادنا، أنا لا أعتبر نفسي مشاركًا فقط، بل ممثلاً لبلدي، ومسؤولاً عن تقديم صورة تليق بعاداتنا وتقاليدنا الإماراتية الأصيلة، أعمل بجهد، وأتعاون مع زملائي من مختلف الجنسيات، لأثبت أن قيم التعاون والالتزام التي تربّينا عليها ما زالت حية في كل خطوة نخطوها في هذه الرحلة.

ومع استمرار القافلة في التقدم نحو دبي، يتعاظم الشعور بأن هذه النسخة لا تروي تاريخًا فقط، بل تصنعه من جديد في عيون المشاركين.

وفي ذاكرة من يتابعون هذا الحدث التراثي الفريد الذي أطلق عام 2014 بناءً على توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بهدف إحياء الموروث الإماراتي وتقديم تجربة حقيقية تُعرّف الأجيال بقيمة الهجن كأحد أعظم رموز الحياة في الصحراء.


مشاهدات 22
أضيف 2025/12/08 - 2:34 PM
آخر تحديث 2025/12/09 - 1:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 62 الشهر 6157 الكلي 12790062
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير