الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
دجلة والفرات يبكيان ورئيس الوزراء يسأل: من أين تأتي هذه الدموع؟

بواسطة azzaman

دجلة والفرات يبكيان ورئيس الوزراء يسأل: من أين تأتي هذه الدموع؟

فيصل عبد الحسن

 

بينما تتحول مياه نهر دجلة إلى خيط رفيع من الوحل، وتتراجع مياه الفرات إلى مستويات قياسية، يطل علينا مسؤولونا بابتلاعاتهم المائية المعدة سلفاً، ليعلنوا لنا أن «أزمة المياه هذا العام ستكون قاسية»، وكأنهم يعلنون عن موسم جديد من مسلسل درامي، لا حل له سوى الصبر والانتظار!

موسم «الوعود المائية»

مع كل فصل، ومع كل جفاف، نستمع إلى الخطابات نفسها، والوعود ذاتها، والتهديدات المتطابقة لدول الجوار. وكأن رئيس الوزراء قد وجد في أزمة المياه «موسماً سياسياً» ممتعاً، يصلح لتعليق كل فشل حكومته عليه. فبدلاً من الحلول، نرى زيارات رسمية، ولقاءات مباحثات، وصوراً تذكارية على خلفية السدود التركية والإيرانية، بينما تموت أراضينا عطشاً.

الفساد.. يروي عطش المسؤولين فقط!

الأغرب من الأزمة نفسها، هو ذلك «الفيضان» من الأموال التي تُصرف سنوياً لحل أزمة المياه. ملايين الدولارات تذهب لمشاريع الري الحديثة، التي تظهر على الورق فقط، وتختفي في جيوب المقاولين والوسطاء. شبكات الري التي يفترض أن تنقذ الزراعة، تتحول إلى «أعمال ترقيعية» تزيد الطين بلة. والنتيجة؟ شحة المياه تتفاقم، والفساد يزداد، وكأن هناك اتفاقاً غير مكتوب: «لا حل لأزمة المياه.. فهي مصدر رزق للكثيرين»!

ماذا عن الحلول؟

الحلول بسيطة لو كانت هناك إرادة حقيقية. لكن يبدو أن «السياسة المائية» لحكومة تصريف الأعمال الحالية تقوم على مبدأ «اترك العطش يأكل الأخضر واليابس، واتهم الجيران». نعم، تركيا وإيران تتحملان جزءاً كبيراً من المسؤولية، لكن ماذا عن سياساتنا الداخلية؟

ماذا عن الهدر الهائل في المياه؟ ماذا عن الزراعات غير المرشدة؟ ماذا عن شبكات المياه المتداعية التي تسرب أكثر مما توزع؟ ماذا عن مواسم الأمطار التي تذهب هدرا وتغرق بيوت المواطنين ؟؟!

الخاتمة: لن تجف الأنهار فقط.. بل سيجف الوطن عما قريب!

وفي النهاية، المشكلة ليست في شحة المياه فقط، بل في شحة الإرادة السياسية، وشحة النزاهة، وشحة التخطيط.

 نهرا دجلة والفرات اللذان كانا يوماً شرياني الحياة لبلاد الرافدين، أصبحا مجرد ذكرى في كتب التاريخ، بينما تتحول أراضينا الخصبة إلى صحارى جرداء.

وقد قطعت الطائرة التي أقلتنا من الدوحة إلى بغداد مئات الكيلومترات من الصحاري والأرضي السوداء التي لا ضرع فيها ولا ماء ولاخضرة وخرائب البيوت التي بدت مهجورة من البشر حتى أنني خجلت من الزائر الأجنبي الذي جلس إلى جوارنا على متن الطائرة من رؤية مناظر الخراب التي حلت في وطننا.

الغريب أن المسؤولين لا يبدون أي انزعاج حقيقي من هذا المشهد، وكأنهم يعيشون على كوكب آخر، حيث المياه متوفرة، والفساد غير موجود، والشعب لا يعاني. لكن الحقيقة المرة هي: إذا استمر هذا الوضع، فلن تجف الأنهار فقط، بل سيجف معها مستقبل هذا البلد وأمل أبنائه.

 


مشاهدات 17
الكاتب فيصل عبد الحسن
أضيف 2025/12/03 - 5:22 PM
آخر تحديث 2025/12/04 - 2:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 107 الشهر 2424 الكلي 12786329
الوقت الآن
الخميس 2025/12/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير