الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فرانكشتاين في البرلمان

بواسطة azzaman

فرانكشتاين في البرلمان

محمد السراي

 

عند الحديث عن البنية السياسية وطبيعة الظروف المحيطة التي يشوبها الغموض لا بد من الاستعارة تعبر عن واقع التشظّي الذي يعيشه النظام السياسي في العراق من تحولات مفرغة تضفي الى لاشيئ تشبه الى حدا  كبير جسد مخلوق فرانكشتاين الذي خلق من أجزاء متنافرة لا تنتمي إلى كيان واحد ، ويبدو البرلمان العراقي بدوره جسدًا سياسيًا مُركَّبًا من كتل متضادة لا يجمعها مشروع وطني موحّد، بل مصالح متفرّقة وتحالفات ظرفية تتغيّر بتغيّر موازين القوى والمصالح المشتركة فبهذا  التشكيل المرقّع يجعل المؤسسة التشريعية تتحرك بلا انسجام ، وتواجه صعوبة في إنتاج قرارات فاعلة تعبّر عن إرادة عامة شاملة تمامًا كما عجز الكائن الأدبي عن تحديد هويته أو استقرار في رواية فرانكشتاين

ويؤدي هذا التشظّي السياسي بدوره حالة اجتماعية مرتبكة عرجاء تُنتجها الانقسامات والاهواء الطائفية والقومية والقبلية . فالبرلمان ليس مؤسسة منفصلة عن المجتمع، بل هو انعكاس مباشر له اذ نؤمن بالخيار الشعبي وفق مفهوم العقد الاجتماعي الذي ينتج الاصلح حسبما نعتقد وإذا كان الجسد الاجتماعي يعيش فوضى الهوية وازدواج الولاءات وضعف الثقة بالمؤسسات، فمن الطبيعي أن يظهر ذلك داخل البرلمان على شكل صراعات متكرّرة، وتأجيل للحلول، وترقيعات سياسية قصيرة العمر. وهكذا يصبح البرلمان ساحة لإعادة إنتاج الأزمة بدل معالجتها،

منظومة سياسية

فكل جهة سياسية تساوم باسم جمهورها الخاص الذي ينتمي لها لمجر الانتماء لا القناعة وكل تحالف يُبنى على المصلحة لا على الرؤية، وكل قرار يُصاغ وفق منطق الغلبة لا الدولة. وبذلك تتحرك المنظومة السياسية مثل كائن ضخم يعيش، لكنه لا يعرف لماذا يعيش أو إلى أين يتجه

وإن مواجهة هذا الوضع تتطلب إعادة بناء الجسد السياسي على أسس وطنية متماسكة، وصياغة هوية جامعة تتقدّم على الولاءات الجزئية، وتفعيل مؤسسات الدولة بما يتجاوز المحاصصة. وحدها هذه الخطوات يمكن أن تنهي حالة «الفرانكشتاين السياسي» وتعيد للبرلمان قدرته على تمثيل المجتمع وبناء دولة مستقلة والخوف ان تمسخ الهوية الوطنية بطرق قسرية خارجة عن الارادة الشعبية  وخلق اتباع يقدمون الولاءات وفق قوانين خلقتها اعراف سياسية ساذجة تغيب بها العقل وتنهى عن التفكير وتؤسس لاجيال تستجدي فتات الخبز في بلد يولد الثراء من عمق تربته الخصبة بالعقول والامل باحثة عن من يجمع اشيائه ويعود بها الى مكانها الصحيح فهي الطريق نحو ان تكون حراً او عبداً 

 


مشاهدات 11
الكاتب محمد السراي
أضيف 2025/12/01 - 5:44 PM
آخر تحديث 2025/12/02 - 11:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 435 الشهر 1223 الكلي 12785128
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير