مأساة العراق.. التوافق في البيانات المجردة فقط
عبد العظيم محمد
الرياح الساخنة التي تهب اليوم على الساحة السياسية العراقية بعد اعلان نتائج الانتخابات الأولية غير المصادق عليها من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تلتقي مع التيارات المماثلة القادمة من بعيد .. انها صورة من صور المرحلة المقبلة التي بدأت معالمها تظهر خلال اعادة التحالفات لمواجهة استحقاقات الصحوة السياسية في المرحلة الحرجة والتي بدأت تتخذ شكل تحركات واتصالات وتتجسد في مبادرات ونداءات لعقد صفقات ومؤتمرات تغلفها المصلحة اولا وهذا ما سيؤثر بشكل او بأخر على مستقبل العراق ، بل حتى على الهوية الوطنية التي اخذت اركانها تهتز مع الأسف بفضل الكثير من التصرفات غير المسؤولة والتي همها الاساس اعتلاء السلطة ليس الا ...
صيغ متقدمة
أما الشعب فله الله ، لأنه عاش المحنة وظل يصارع الموت منذ اول رصاصة انطلقت إيذانا برحيل الدكتاتورية .. ومع ذلك فأن السؤال الذي يقفز الى الذهن في هذا الظرف ، يتعلق بمفهوم ( التوافق والهم المشترك ) الذي طالما تردد اخيرا واتخذ شعارا للمرحلة المقبلة ، باعتباره المدخل نحو إقامة نوع من الصيغ المتقدمة التي تتفق مع الأوضاع السياسية القائمة وتلبي الاحتياجات الأساسية للشعب العراقي بكافة مكوناته واطيافه ... والثابت عمليا ، ان الوضع اخذ يبتعد تدريجيا عن التماسك واخذ يقترب من التوحد في البيانات المجردة ويعود ليتباعد من جديد ويزداد غموضا في اوقات الازمات والشدائد والمحن وهذه هي مأساة العراق.... ويبدو ان الغالبية لم يدركوا الوحدة والاتحاد والأندماج ولما لها من مردودات إيجابية ملحة ، حتى اصبحت صيغا قاصرة او عاجزة عن بلوغ غاياتها واهدافها وبقيت حبيسة المناسبات او رهينة الارادة السياسية ، وهذا ما نخشاه لأن الاقتراب من النفق المظلم بات وشيكا مع الأسف.