طريق التغيير والإصلاح أمام المجلس القادم
محسن القزويني
بكلِ اخلاصٍ وروحٍ وطنية ذهب اكثر من 12 مليون عراقي في 11/11/2025 الى صناديق الاقتراع واختاروا ممثليهم في مجلس النواب. فقد أدى الشعب ما عليه و بقي ما على المجلس القيام به، فكيف سيكون إداء الذين اختارهم لقيادة البلاد؟ اولا وقبل كل شيء لابد أن نقر بانّ مجلس النواب هو صانع للحكومة التي ستدير دفة البلاد خلال اربع سنوات، بالاضافة الى وظيفته في سن القوانين ومراقبة اداء الحكومة، فمن بطن المجلس يُولد رئيس الجمهورية الذي سيختار رئيس مجلس الوزراء من الكتلة النيابية الاكبر عددا ومن ثم انتخاب الوزراء ووكلاء الوزراء والسفراء والمدراء العامين ، وكل من يتصل بالحكومة. من هنا تاتي اهمية مجلس النواب في رسم المستقبل و تقرير مصير العراق خلال الفترة المحددة دستوريا وهي اربع سنوات كاملة. وربما كانت الدوافع الدينية والوطنية هي التي دفعت باكثر الناخبين نحو صناديق الاقتراع لاختيار وكلاء عنهم للقيام بوظيفة وطنية على صعيد الوطن، فالنائب الذي تم انتخابه لمجلس النواب هو في الواقع وكيل عن الشعب للوقوف عند مشكلاته وحلها، فعليه ان يضع مصلحة موكله فوق كل شيء فاذا ما تقاعس عن أداء هذه الوظيفة سقطت وكالته، ولم يعد نائبا لمن اختاره ،من هنا كان لابد ان ينطلق مجلس النواب من مصلحة الوطن، ويجعل همه رضا من اختاره واوصله الى قبة البرلمان ، والا سيكون وجوده في مجلس النواب وجودا عبثيا لا يمت بالغاية السامية التي حددها الدستور العراقي لاعضاء مجلس النواب. وهو ما لا يتحقق الا بالنقاط الاتية:
اولا: الاسراع في تشكيل الحكومة
فمن اليوم وحتى تشكيل الحكومة الجديدة يصبح وضع الحكومة الحالية من الناحية الدستورية حكومة تصريف اعمال ، فهي لا تستطيع ان تتخذ القرارات الحاسمة والمصيرية، وهذا يعني شبه تعطيل للبلد وتجميد اعمال الوزارات في وقت يمر فيه العراق والمنطقة باصعب الظروف الدولية والاقليمية، فكان لابد من وجود حكومة فاعلة قادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة في ادارة دفة البلد، وهذا ما لا يتم الا بالتقيد بالتوقيتات الزمنية التي حددها الدستور العراقي عند اختيار رئيس الجمهورية وقيامه بمفاتحة الكتلة الاكبر عددا لترشيح رئيس لمجلس الوزراء، ومن ثم انتخاب هذا الرئيس والتصويت على حكومته، وقد وضع الدستور العراقي سقف زمني لاتمام هذه العملية بكاملها خلال اربعة اشهر ويمكن ان يتم ذلك قبل هذه المدة لو تظافرت الجهود وحسنت النوايا ووضع النواب مصلحة الوطن فوق كل شيء .
ثانيا :استيعاب الشعب العراقي برمته.
الذين ذهبوا الى صناديق الاقتراع هم رُبع الشعب العراقي فثلاثة ارباع هذا الشعب لم يشارك في الانتخابات اما لسبب قانوني وجيه او لم يتمكنوا من توفير البطاقة البايومترية التي حَرمت الكثير من المشاركة في الانتخابات ، وقد سبق و طالبنا المفوضية المستقلة للانتخابات ومن خلال هذا المنبر باعتماد البطاقة الوطنية بدلا من البطاقة البايومترية لتسهيل امر الانتخابات وللتقليل من الخروقات وشراء الاصوات و لحصر المشاكل الفنية الطارئة نتيجة لاستخدام البطاقة البايومترية، وللتخفيف عن كاهل المواطنين الذين يرون في البطاقة البايومترية وتحديثها عبئا لا لزوم له.
وبالاضافة الى الفئتين السابقتين اللتين لم تشتركا في الانتخابات، هناك شريحة مقاطعة للانتخابات لاسباب عديدة و هو حق دستوري لا يخل بوطنيتهم وانهم جزءٌ من الشعب العراقي فكان لزاما على مجلس النواب الجديد والحكومة القادمة على استيعابهم وتلبية حاجاتهم بالاضافه الى دعوتهم للمشاركة في الحكومة وعدم تجاهلهم بسبب مقاطعتهم للانتخابات فلتعد الحكومة شريحة المقاطعين هم المعارضة الفعلية والبلد بحاجة اليهم فالمعارضة هي الجناح الثاني الذي يفتقده العراق لكي يطير في سماء التقدم و الرقي ، فلا تكتمل العملية الديمقراطية الا بوجود المعارضة التي تراقب وتقرر ما فيه مصلحة البلاد والعباد.
ثالثا: مصلحة العراق فوق كل شيء
ولتحقيق هذه الغاية النبيلة لابد من التحلي بروح نكران الذات وتفديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ومواجهة الضغوطات الداخلية والخارجية التي فيها اضرار بمصلحة الشعب والوطن، ويترتب على ذلك اختيار الاكفأ والاصلح للمناصب ابتداء من رئاسة الجمهورية وانتهاء بالمدراء العامين مرورا بالوزراء الذين يتم المصادقة عليهم من قبل مجلس النواب ،وهذا يعني بالخط العريض الغاء نظام المحاصصة الذي سارت عليه الحكومات السابقة، والاخذ بنظام الكفاءة والقدرة على الاداء بدلا من اختيار المقربين والمؤيدين. إنًِ تطبيق مجلس النواب لهذه النقاط الثلاث والتي هي اساس عمل المجلس سيضمن مسارا صحيحا للمجلسين التشريعي والتنفيذي خلال السنوات الاربع القادمة، وسيرسي نظاما سياسيا على المدى البعيد قائما على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع، وهو ما ينتظره الشعب العراقي من نوابه الذين اختارهم لقيادة البلد.