روح المواطنة
عبد الهادي البابي
لقد كانت الوحدة الأساسية في البنية المجتمعية العربية هي القبيلة ، وعلى محورها تم مزج تفاصيل الدولة ، فتارة تكون الدولة مبنية على التوازن القبلي وتارة على القوى الدينية المحافظة وقربها أو بعدها عن النظام السياسي العربي ، لذلك لم يستطع الإنسان العربي خلق تصور مدني لمفهوم المواطنة إلاّ من خلال القبيلة الإجتماعية أو القوى الدينية المحافظة ، وأمام هذا التحالف الضخم من البنى الإجتماعية لم تستطع القوى التقدمية العربية - لضعف أمكانياتها وأغراقها في الصراع مع السلطة الدينية والنظم السياسية والقوى الإجتماعية المحافظة وأنحسارها في النخب - لم تستطيع تقديم رؤية حقيقية لمفهوم الدولة المدنية ..!! ورغم تأثر هذه القوى بالمفاهيم الغربية المعاصرة بمسألة الدولة والصور الديمقراطية المختلفة عجزت هذه القوى عن مشاركة المجتمع في هذه التصورات ، ورغم تطور النظم السياسية المعاصرة والصور الديمقراطية المتنوعة فقد حُكمت أغلب الأنظمة السياسية العربية بشرعيات أما دينية وأما ثورية ، ومهما كانت تلاوين شرعيات الحكم فهي في الغالب لم تنتج دولة مدنية أو تصنع لنا المواطن المدني ، لأن كل طروحات الدولة إن كانت دينية أو أشتراكية أو قومية فأنها غيبّت الديمقراطية مع ممارسة الإقصاء والتهميش والقمع ، مما أدى الى خلق مجتمعات عربية تراوح بين التخلف والخوف من التجديد ، وكان هذا واضح جلياً في مسألة القانون ، فالقانون كحالة وعي حقوقي وسلوك مجتمعي غاب عن الحياة الإجتماعية وأصبحت علاقة الإنسان العربي بالقانون علاقة مشوهة تأخذ أحيانا شكل الألتفاف عليه ، وأحياناً الخروج عليه ، لذلك لم يحضر القانون في المجتمع والدولة بأعتباره روح الدولة والمواطنة..
وإنما حضر كجزء مكمل من كماليات الدولة حسب .