فم مفتوح .. فم مغلق

شكراً شاعرنا الكبير حميد سعيد

زيد الحلي

بين مدة واخرى، يتفضل عليّ شاعرنا الكبير حميد سعيد، بإهداء بعض ما يحتفظ به من مطبوعات ونفائس ادبية وشعرية، ما يثرى الذائقة الثقافية، وآخر ما وصلني منه كتاب، اعدتُ قراءته مرة واخرى، ولا زلت اشعر راغباً بالعودة اليه، كلما ضاقت بي الدنيا، وما اكثرها من ضائقات في زماننا الاغبر!

الكتاب الذي وصلني هو «طرائف المضحكين من الملوك والشعراء والمغفلين» لمحسن عقيل ، هو بحق من نفائس التراث العربي التي تحفظ روح النكتة، وخفة الدم، وذكاء اللسان، كما أنه يضيء جوانب إنسانية من حياة الخلفاء والملوك والشعراء وعامة الناس. وأهم ما يميّز هذا الكتاب هو جمعه لمواقف نادرة من مجالس الأدب والسلطة، حيث يلتقي الوقار بالبسمة، والجد بالهزل.

وقد ابرز مكانة الطرفة في الثقافة العربية، فهي لم تكن مجرد دعابة عابرة، بل وسيلة للتعبير عن الرأي والتصحيح بأسلوب غير مباشر، حيث قدم صوراً من حياة الناس في مختلف العصور، كشفت عن طرائق تفكيرهم ونظرتهم للحياة، فالضحك ليس ترفاً، بل وسيلة لتخفيف هموم الحياة، وللتقريب بين الحاكم والمحكوم، والعالم والعامة. مؤلف الكتاب يذكرنا بأن أمتنا لم تكن جادة على الدوام، بل كان لأبنائها فسحة من الظرف والمرح، وهو ما يعكس حيوية الروح العربية وقدرتها على تحويل المواقف الصعبة إلى ابتسامة. هو كتاب يثري المكتبة العربية ويعيد للقراء صلة بتراث مليء بالذكاء والمرح، ففي صفحاته ما يسعد القلب، ويزيد من القناعة أن الضحك ـ،كما قال القدماء، نصف العافية.

باختصار اقول ان كتاب (طرائف المضحكين من الملوك والشعراء والمغفلين) الذي اسعدني كثيرا، ليس مجرد صفحات للترفيه، بل هو مرآة صافية تكشف ذكاء الروح العربية وخفة ظلها عبر العصور. يجمع بين التاريخ والابتسامة، بين الجد والهزل، ليعيد إلينا شيئاً من دفء المجالس القديمة وسحرها.

شكرا استاذي ابا بادية.. دمت صوتا نقيا، صاحب كلمة بيضاء لم، ولن تقرب  يوما من مرض التلوث الذي اصاب عقول الكثيرين ممن كنا نعتقد إنهم اباة ، وإذا بهم دمى من ورق الخشخاش.

Z_alhilly@yahoo.com