الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ناجي العلي وفن الكاريكاتير.. ذكرى إغتيال أسطورة فلسطينية

بواسطة azzaman

ناجي العلي وفن الكاريكاتير.. ذكرى إغتيال أسطورة فلسطينية

نعيم عبد مهلهل

 

سادَ حُزنٌ عميق لدى معلم مادة الرسم في مدرسة البواسل الذي كان يقول : لا أرى الحزن إلا في الشخوص التي يرسمها ناجي العلي.

حَزن العالم اليساري والمتحضر لأغتيال العلي ، لهذا تشاركنا مع حزن صديقنا المعلم الذي احتفى بمرور اربعين يوما على حادثة اغتياله أن نشر له رسوما كاريكاتيرية لشخصيته الشهيرة (حنظلة).

شاهدها التلاميذ وضحكوا وبعضهم قال : لماذا دشداشته ممزقة (ومركوعة) من الخلف؟

رد عليهم المعلم: لأن عليه عبور الاسلاك الشائكة في اغترابه ولجوئه.

لم يفهموا الرد وماهي الاسلاك الشائكة، ولكن بعضهم سأل اخيه القادم من جبهة الحرب بإجازة عن معنى الاسلاك الشائكة، فعاد في الصباح ليشرح لزملائه انها اسلاك من معدنٍ ملتو ومدبب يمدونها حول حقول الالغام ليمنعوا الهجومات المقابلة او يعيقوا تقدم الجنود المهاجمين. التلميذ اخذ الدرس كله يحاول أن يتذكر شرح اخيه وقد عجز وقد اكملت لهم الفكرة، وقلت مالم يقوله اخ التلميذ عن الاسلاك الشائكة، انهم يحيطوا بها أيضا مخيمات اللاجئين في فلسطين كي يجعلوها منطقة معزولة ولهذا دشداشة (حنظلة) مركوعة من الخلف.

اليوم اتذكر مع النزوح الهائل داخل ارواحنا بسب فوضى الحياة السياسية والخدمية  لتؤسس لها فكرة الفساد المؤدلج وفكرة التكفير الأرهابي ثم حبُلتْ لتولد لنا داعش من مخاضها المفخخ والانتحاريين، وتحصل كوارث النزوح قد يقرر فيه النازحون بسبب اعدادهم الهائلة لينزحوا صوب قرى الاهوار ويطلبون الملاذ هناك، وحتما التلاميذ الذين كبروا الآن سيتذكرون حزن معلم الفنية لأغتيال رسامه المفضل، وسيعودون الى انتباههم وانشدادهم لأحدى لوحات الرسام الفلسطيني الشهيد وكانت عبارة عن رسم لبابا نوئيل في ليلة الميلاد وهو يحمل هدايا على ظهر ويقول الى اطفال مدن كل فلسطين واولها غزة: جئتكم بهداياي ولم اجدكم.

لم يستوعب التلاميذ وقتها فكرة ان يُرغم طفل ليهاجر بالقوة عن قريته، لكنهم تذكروا بابا نوئيل الذي لم يجد الاطفال لنزوحهم الى مكان اخر حين أرغم التجفيف اهل الاهوار النزوح الى مدن ابعد من حافات الاهوار مئات الاميال، وفي المدن الجديدة التي لم تكتمل فيها سعادة ايامهم الغابرة في بيتهم الحقيقة يتعرفون لأول مرة على يوم اسمه عيد الميلاد ورأس السنة، ولكنهم لا شأن لهم فيه بالرغم من ان بعضهم تخيل أن بابا نوئيل ربما سيزور قرى الاهوار وسيكرر ذات العبارة التي وضعها ناجي العلي على احدى رسومه: لقد جئتكم بهداياي ولم اجدكم.

الآن كبر اؤلئك التلاميذ وتزوجوا وانجبوا ابناءً، وربما عاد اغلبهم الى قرية أم شعثه.

وفي كل ليلة ميلاد وانا ارى بابا نوئيل يجوب الشوارع المتجمدة في مدن الراين الألمانيـــة، وبالرغم من هذا يحمل العجوز كيس هداياه على اكتافه، يفتح نوافذ البيوت، ويدلف بهدوء الى غرف نوم الاطفال ليضع هدية تحت كل وسادة كل طفل دون أن يوقظه.

وكم كنت اتمنى ان اخبره، لأقول له: أذهب بابا نوئيل الى قرى المعدان الى غزة المهدمة، فستجد الأطفال عادوا من نزوحهم. وهم يطبعون على قمصانهم ودشاديشهم صورة حنظلة الماركة المســـجلة التي حملها معه ناجي العلي الـــــى قبره يوم اغتالوه غدرا.

 

 

 

 


مشاهدات 141
الكاتب نعيم عبد مهلهل
أضيف 2025/07/25 - 11:41 PM
آخر تحديث 2025/07/27 - 2:16 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 124 الشهر 17766 الكلي 11171378
الوقت الآن
الأحد 2025/7/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير