نينوى مركز توازن سياسي مهم في المعادلة الانتخابية.
رافع السراج
تلعب نينوى دوراً محورياً في معادلة الانتخابات النيابية العراقية، وذلك لعدة أسباب تجعلها مركز ثقل سياسي وتوازن لا يمكن إغفاله ذلك لان:
1. الثقل الديمغرافي والعدد الكبير من المقاعد:
نينوى هي ثاني أكبر محافظة عراقية من حيث عدد السكان بعد بغداد، مما يعني أنها تخصص لها عدداً كبيراً من المقاعد في مجلس النواب. هذا العدد الكبير من المقاعد يجعلها ساحة انتخابية رئيسية، ونتائجها تؤثر بشكل مباشر على تشكيل الكتل النيابية وموازين القوى في البرلمان. أي فوز كبير لأي كتلة في نينوى يمكن أن يمنحها دفعة قوية في المفاوضات لتشكيل الحكومة.
2. التنوع القومي والديني:
تعتبر نينوى فسيفساء من المكونات القومية والدينية: العرب، الأكراد، التركمان، الشبك، الآشوريين، الكلدان، السريان، الأيزيديين، وغيرهم. هذا التنوع يعني أن هناك قوى سياسية متعددة تمثل هذه المكونات، وكل منها تسعى للحصول على أكبر عدد من المقاعد لتمثيل مصالحها.
* التنافس بين المكونات: هذا التنوع يخلق تنافساً شديداً بين الكتل السياسية الممثلة لهذه المكونات، سواء في دوائر الكوتا المخصصة للأقليات أو في الدوائر العامة.
* التحالفات المتغيرة: غالباً ما تشهد نينوى تحالفات انتخابية معقدة ومتغيرة، حيث تتكتل القوى المختلفة سعياً لزيادة فرصها في الفوز. هذه التحالفات يمكن أن تكون عابرة للمكونات في بعض الأحيان، أو تركز على التحالفات ضمن المكون الواحد.
3. الموقع الجغرافي والحدود الدولية:
موقع نينوى الاستراتيجي على الحدود مع سوريا وتركيا يمنحها أهمية تتجاوز الإطار المحلي. القوى الإقليمية والدولية تراقب عن كثب المشهد السياسي في نينوى، وقد يكون لها تأثير غير مباشر على نتائج الانتخابات من خلال دعم بعض القوى أو التحالفات. هذا يجعل نينوى ساحة لتجاذبات إقليمية تنعكس على الساحة السياسية الداخلية.
4. تأثير نتائج نينوى على المشهد الوطني:
بسبب ثقلها الديمغرافي وتنوعها، فإن نتائج الانتخابات في نينوى غالباً ما تكون مؤشراً على التوجهات السياسية العامة في العراق. فوز تحالف معين أو خسارة آخر في نينوى يمكن أن يغير من ديناميكية تشكيل الحكومة العراقية، ويؤثر على موازين القوى بين الكتل الرئيسية في بغداد.
5. عامل "المناطق المحررة" والتحديات ما بعد داعش:
بعد سنوات من سيطرة تنظيم داعش والعمليات العسكرية لتحريرها، لا تزال نينوى تواجه تحديات كبيرة في إعادة الإعمار، عودة النازحين، وتحقيق الاستقرار الأمني والاجتماعي. هذه التحديات تجعل الناخبين في نينوى أكثر حساسية تجاه برامج المرشحين والكتل السياسية المتعلقة بالخدمات وإعادة الإعمار والأمن. المرشحون الذين يقدمون حلولاً واقعية لهذه المشكلات قد يحظون بدعم شعبي أكبر، مما يجعل الانتخابات في نينوى اختباراً لقدرة السياسيين على الاستجابة لاحتياجات المواطنين.
6. ظهور قوى جديدة وتغيير الخارطة السياسية:
الظروف الصعبة التي مرت بها نينوى بعد 2014، وما تلاها من عمليات تحرير، أدت إلى تغييرات في الخارطة السياسية المحلية. قد تظهر قوى سياسية جديدة، أو قد تضعف قوى كانت مسيطرة سابقاً. هذا يجعل الانتخابات النيابية في نينوى أكثر ديناميكية وغير قابلة للتنبؤ، مما يزيد من أهميتها في معادلة التوازن السياسي.
الخلاصة:
إن نينوى ليست مجرد محافظة تساهم بمقاعد في البرلمان، بل هي مرآة لتوازنات معقدة على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية. نتائج الانتخابات النيابية فيها ليست مجرد أرقام، بل هي تعبير عن تفاعلات المكونات، وتطلعات المواطنين، وتأثير القوى السياسية المتعددة. لذا، فإن فهم ديناميكية الانتخابات في نينوى هو مفتاح لفهم جزء كبير من المشهد السياسي العراقي، ودورها كمركز توازن في معادلة الانتخابات النيابية لا يمكن المبالغة في تقديره.