علّوكي يشعر بحزنٍ شديد
علي السوداني
لا أحد يتعامل أو يتعاطف أو يحب العراق الآن بسبب أن عمره خمسة آلاف سنة أو عشرة ، ولأنه أنتج واحدة من أعظم الحضارات المشعة على الأرض ، أو لأنه كان حاضرة الدنيا وحرفها وشعرها ورسمها وعلمها وفقهها وفلسفتها وغناءها في زمن بني العباس والعباسية المذهلة قبل أن تمرض وتتضعضع وتموت . لا أحد يقول لك أنا احبك أيها العراقي لأنك ابن سومر وبابل وآشور والقانون الأول المكتوب على طول قامة حمورابي . لست ملك الجهات الأربع ولا منزل الأنبياء المفضل ولا البرج العالي الذي شيدته شاهقا قبل آلاف السنين كي ترتقيه لتكون قريباً من الله وفق مخيالك الأول العظيم . إن الناس اليوم دولاً وجماعات وأفرادا تهرول صوب بابك فقط لأنك تمشي فوق بحر نفط ، ولأنك كائن مستهلك تأكل من زرع غيرك وتلبس من صنع غيرك وتتشافى بدواء غيرك ، وأحايين تفكر نيابة عن غيرك .
بلاد تتهاوى وتمضي وتتبدل بوصلتها على غير هدى ، فلا هي مسيرة ولا مخيرة ولا مأمورة مثل ناقة نبي ، ومواعينها ثردت بكراهية غير مسبوقة وتكاد تكون من دون شبيه ، بعد أن سحب أهلها الغافلون المغفلون كل قصص وحكايات وخرافات التأريخ وزرعوها بمنطقة المقدس الذي لا جدل فيه ، فارتفع منسوب الدم وساحت بحور الدمع وصارت القوم شعوباً وقبائل ومناحل كلأ بما لديهم فرحون ومعتقدون .
ثمة ما يُطبخ
الحطب يابس
كراهية مفرطة
غصنٌ يخنق غصناً
ثأرٌ جاف
معتقٌ مثل خرافة
لم تعد المقبرة ملاذاً
الجرافة تحدُّ أسنانها السود
كان جان دمّو على حق
لملمَ نهاره ومشى
المرأة التي أحبَّها
كانت تميمة مذهلة
حرزٌ منقوعٌ بدمعة
شهقة على سور خضر الياس
صمونة يابسة
بجيبِ شهيد