الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ويسألونك عن تعكّر مزاجك

بواسطة azzaman

كلام أبيض

ويسألونك عن تعكّر مزاجك

جليل وادي

 

ما خرجت يوما من بيتي الا وبلغت انفعالاتي أشدها ، فألعن مَنْ ألعن وأشتم مَنْ أشتم ، وذلك ليس من طوري أبدا ، فما يسود الشارع من مظاهر لا يبعث فيك الاسترخاء ، ولم يعد الفضاء متنفسا لما توافر لك من فراغ ، او ما ينتابك من ملل، لا أدري هل يرى الناس ما أرى ؟، ام تكيفوا مع واقع ينتهك فيه القانون من هو مسؤول عن تطبيقه.

تحس بحكة في الرأس واهتزاز بالشعر وارتفاع بنسبة السكر في دمك ويباس في شفتيك وانت لا تستطيع الكلام مع أصحاب المسدسات المعلقة بأحزمتهم وهم يتجاوزونك ولا يلتزمون بدورهم في انجاز معاملاتهم بدوائر الدولة.

تبتسم ساخرا مع ان قلبك يعتصر ألما وانت ترى مركبات الأجرة تقف في المناطق الممنوعة بحسب ما مثبت من علامات ، مع ان دورية شرطة المرور على بعد مئة متر عنهم . تستغفر ربك وتلعن الشيطان وتحاول السيطرة على أعصابك قدر استطاعتك ريثما يُسمح لك بالاستدارة بسيارتك بعد مرور عشرات السيارات دون أن يعطيك أحدهم حقك .

وبلا حياء وغصبا عنك يأخذ العامل في محطة تعبئة الوقود من مالك ما لا يستحق، بل وضعف ما نسميه بالاكرامية ، وان طالبته صرت انت الملام الذي لا يستحي، ويتصورك البعض ذلك البخيل الذي شُدت يداه الى عنقه. ولا فرق بين المحطات الحكومية والأهلية.

تأسف لمرأى أطفال بعمر الزهور يتوسطون الشوارع العامة قرب المطبات التي شيدتها مشكورة البلديات لبيع الماء على أصحاب المركبات ، او اولئك الشباب الذين يرفعون لافتات يطلبون فيها التبرعات لإنقاذ حياة مصاب بفشل كلوي كما هي حالة أخوكم ابو سارة الذي حدثتكم عنها في مقال سابق، ولا تعلم ان كانت حملة التبرع صادقة ام طريقة للاحتيال على البسطاء من الناس ، مستغربا عدم وجود جهة معينة للتأكد من مشروعية هذه الحملات ، وتسأل هل من الصعب مطالبة أصحاب الحملة بالحصول على كتاب من الصحة يؤيد ان ابو سارة يعاني من هذا المرض ؟، لكي يُسمح لهم القيام بحملة لجمع التبرعات للمصابين بالأمراض التي تقتضي معالجتها أموالا طائلة تقدر بعشرات الملايين . لِمَ الأمور في بلادنا تمضي بعشوائية وبلا ضبط او ربط ، وكل يعمل على هواه ؟ . يذكرني هذا بالصيدليات التي تبيع كل واحدة منها الدواء بالسعر الذي يعجبها ، وليس أمام المريض سوى القبول مضطرا ، لأنه لا يعرف الأسعار وبحاجة للدواء ، عن أية قيم نتحدث عندما يكون الهم الرئيس للأطباء جمع المال، وخلف ظهورهم يضعون الانسانية ، وكأنهم لم يتعلموا شيئا منها في كلياتهم .

تفر بجلدك مسرعا من الضوضاء التي تسود الأسواق جراء مكبرات الصوت التي تنادي على البضائع دون توقف، وكأن هذه الأصوات لا تلوث البيئة وتوتر الأعصاب وتؤثر صحيا على الأذنين ، لكني لم أسمع أحدا من الأجهزة البلدية او البيئية او الأمنية من ناقش هذه الظاهرة المدمرة ووضع حد لها . كيف لا تنزعج ممن فتح دكانا ولا يعرف الابتسام ؟.

أحمد الله ان ليس لدي سلطة او سلاح والا لأرتكبت ما لا يُحمد عقباه ازاء الشباب في الأسواق وكأنهم لم يروا فتيات في حياتهم من قبل ، فالعيون مصوبة نحوهن بلا حياء حتى وان كن برفقة ذويهم ، وتسمع بأذنيك كلمات يندى لها الجبين ، فتتوقف حائرا وتسأل نفسك ما الذي تعلمه هؤلاء من المدرسة ؟ ، لم نسمع مثل هذه الألفاظ عندما كان مجتمعنا بحصيلة تعليمية ضئيلة ، فلِمَ نسمعها الآن والغالبية متعلمين بحسب الاحصائيات ؟. أظن من استحقاقنا أن نوصف  بالمتخلفين .

ما ذكرته وغيره كثير لم يعد حالات استثنائية كما كان الأمر قبل عقود ، بل صار ظواهر منتشرة، حتى بدا الواقع وكأنه غابة، ولكي تعيش بسلام ولا يغلبك الآخرون او يضحكون عليك لابد أن تتحلى بثقافة الشارع ، وليس الثقافة التي أرادها الاسلام ، او ما للمجتمعات المتحضرة من قيم . بعد كل هذا ويسألونك عندما تعود للبيت لِمَ مزاجك متعكرا؟.

 

jwhj1963@yahoo.com

 

 


مشاهدات 44
الكاتب جليل وادي
أضيف 2025/07/06 - 2:59 PM
آخر تحديث 2025/07/07 - 9:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 353 الشهر 3792 الكلي 11157404
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير