كاظم المنظور.. قصيدة خالدة في وجدان الناس

كاظـم بهَــيّــة   

 

ان من يظن بان شعراء الجيل السابق من كتبوا الرثاء لم ينظموا غيره ولم يبدعوا الا في ميدانه فقط ، ان ظنهم هذا ضرب من الوهم  بل العكس ، اذ طرقوا كل ابواب الادب واغراضه ، فالشاعر الشعبي الكبير كاظم المنظور الكربلائي واحد من اولئك الرجال الذين ابدعوا ورفدوا الساحة الشعرية بإنتاجاتهم الجميلة .

فقد كتب اكثر قصائده الرثائية في حب العترة النبوية الشريفة ، كونه نشأ نشأة دينية وحضر المجالس الادبية، لأنه ولد وعاش في مدينة لها تاريخها الديني العريق ، ولقب بالمنظور لكونه تخصص في نظر مراثي اهل البيت نقطف منها :

يردونه .. يردونه

والولد يردونه

للحرب والعازات

وبظلام الشدات

والولد يردونه

شمعة ويعلكونه

****  

شان الحمايل بالانساب يعربون

منجم ولدهم حته يلزم حدهم

وعالموت لورادوا عمامه يكدون

يكد بمكدهم  مايعاكب عن كدهم

وبالثمر لورادو هله يتهنون

 ريحانه عدهم  بالشباب العدهم

يشمونه يشمونه ورده ويشمونه

بالورد مثلناه  والشباب شمحلاه

شمعه ويعلكونه

 يردونه يردونه

للولد يردونه

الى اخر القصيدة التي قرأها في حينها الرادود حمزة الزغير في ايام محرم الحرام في الصحن الحسيني ، والمنظور ولم يكن مكتوف الايدي عن كتابته في اغراض الشعر الشعبي كالموعظة والحكمة والاخوانيات ، وكذلك تطرق الى الشعر الفكاهي في معالجة بعض قضايا المجتمع آنذاك .

زماني حادني للمحرم  اعياله

ريت الموت اجاه اوآخذ ابداله

×××

شفت نسوان فد يوم ابعكد كومه

وبيناتهن تشتهي المهظومه

تكلهن راعي بيتي سبع صيومه

حاتم بالكرم يعصر بالنخاله

×××

زماني حادني ويهدان بلشني

ابنهمه وخير انا وماتنشبع بطني

اريد الله يعجل لي ويخلصني

وينطيني بداله سابل ازباله

شعر شعبي

فهو واحد من الشعراء الذين برزوا في احياء الحركة الثقافية والادبية بمدينته كربلاء التي ولد فيها عام 1892 وترعرع وعاش حتى مات فيها.

تولع الشاعر المنظور بالشعر الشعبي منذ الصبا وجالس الكثير ممن سبقوه في هذا الميدان مثل حسين الكربلائي والحاج زاير الدويج وعبود غفله وعبد الامير االفتلاوي حتى اصبح شاعرا معروفا يعرفه كل الناس في مدن العراق كافة .

طبع انتاجه الشعري في (21 ) جزءا باسم (المنظورات الحسينية ) وعرف المنظور بكثرة النظم والارتجال فهو سريع النكتة وقد ثبت ذلك في مواقف عدة منها انه طلب منه ذات يوم توليد (ابوذية ) من البيت الشعري للشاعر احمد شوقي الذي يقول فيه :

(نظرة فابتسامة فسلام         فكلام فموعد فلقاء )

فأجابهم شاعرنا الشيخ المنظور على الفور :

حلاة الولف ما يرخص بسوماي   

 يخف جدمه ويتابعني بسوماي

نظرة في سلام في بسوماي           

 كلام وموعد وكعدة سوية

فالمنظور كان من الذين ابدعوا في ابتكار بعض المعاني والتجديد في الوزن وهذا مانلاحظه في قصيدته التي كتبها بحق علي بن ابي طالب جاء فيها :

 لا لا تعذل الروح  .. خلها بهواها

لازال تهوه حيدره ..  خلها بهواها

عن بني عذره اوهواها تضرب الوادم مثلها

اتهوم بدروب الموده   والهوى يجمع شملها

ضيعت عذره او هواها روحي وتقدس محلها

اشتد غرامي .. لوعز مقامي .. ابسر هيامي

والتزامي .. بحب امامي

اليحضر الشدة ويحلها

واصبحت روحي اليوم  .. عذري هواها

خلها بهواها امعذره  .. خلها بهواها

فالشاعر عندما يسمع اويرى لكونه هو مرآة لبيئته ، فيستهوى بعض القصائد التي يكتبها زملاؤه الشعراء فيقوم بمجاراتها والمنظور كاظم واحد من الذين استوهتهم قصيدة الشاعر النجفي عبد الحسين الشرع التي كتبها عام 1937 وكان مطلعها :

ياطبيب اصواب دلالي كلف

  لاتلجمه ابحطة السماعه

لاتجس نبضي ابد  ماينعرف

  ينكطع مابين ساعه وساعه

×××

والتي كتبها عن قصة فتاة ريفية وقعت في شباك الحب   فجاءت قصيدة المنظور قائلا  فيها :

ياطبيب اسمع  والك بالسر ابيح

 لوتعاهدني على كتمانه

لاتظن بدواك كلبي   يستريح

  ادواك مثل العلج للبطرانه

بس طبيب الهوه ايعرف ام صحيح

  ويعرف  شنهو دوه الوجعانه

هواي مثلك ضيعوا بيه العرف

  آه من درب الهوه ومضياعه

                        ×××

فكاظم المنظور كتب ما كتب في باب الابوذية وفي جميع الاغراض من الحماسة والفخر ومدح وهجاء ونصائح وحكم وغزل في قسميها المولدة والطليقة اذ اجاد في هذه الابوذية :

ونيني او نوح دلالي ونحبي       

على المني سلب عكلي ونحبي

صفه الشامت مرح يمشي ونحبي  

 وبعد عين الحسد تربي عليه

واخيرا سكت القلب الكبير الشاعر كاظم المنظور  بتاريخ 16/ 7 / 1974فخسر الادب الشعبي العراقي احد اعمدته وركنا من اركان صرحه .