الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الحرب الأولى : لورنس وآرونسن يتشاجران في فلسطين

بواسطة azzaman

آثاريون دبلوماسيون جواسيس

الحرب الأولى : لورنس وآرونسن يتشاجران في فلسطين

بيني موريس

ترجمة : ضرغام الدباغ

 

كجواسيس أو منتمين إلى جماعات متنفذه، كانت مهمات توماس لورنس، وآرون آرونسن من عام 1914 فصاعداً، متشابهة، ولكن في جهتين متعاكستين. ويثير كتابان أي منهما كان يمكن أن يحقق السلام في الشرق الأوسط. ولكن في النهاية كلاهما فشل في تحقيق ذلك.

قصة توماس لورنس معروفة على نطاق واسع (لورنس العرب)،  الذي قام خلال الحرب العالمية الأولى بقيادة الانتفاضة العربية ضد العثمانيين، ثم مثل القضية العربية في مؤتمر باريس للسلام، والنهاية كانت غموض  شديد.

وخارج إسرائيل، تكاد قصة آرون آرونسن غير معروفة، حول فلسطين والصهيونية، والعلماء، والتجسس ومنظمة (NILI) والتي مكنت البريطانيين من تحقيق الفوز على العثمانيين. ومن ثم مثل المصالح الصهيونية في مؤتمر السلام، قبل أن يلقى مصرعه في حادث سقوط طائرة يلفه الغامض عام 1919.

الجاسوس آرون آرونسن

مؤلفا كتابين جديدين : رونالد فلورنسا (Ronald Florence) الأكثر صراحة، وباتريسيا غولدستون (Patricia Goldstone) الأقل صراحة، وبأرتباط آرونسن مع قصة لورنس، من أجل تمجيد البطل، (وربما أن هذا مفيد لتسويق كتابهما) والرابط يخدم أيضا فكرة إعادة النظر في تاريخ الشرق الأوسط خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وإعادة تشكيله، وتحضير أفاق أثنين أو ثلاثة بدائل ليسوا أتراك.

التاريخ ...الذي خلال مجراه، ينطوي على إعادة تشكيل الجيوبولتيكي للشرق الأوسط الذي نعرفه اليوم، يدور حول ثلاثة وعود بعضها متناقضة، قطعتها بريطانيا خلال القتال.  فوعدت العرب في حال انتصار الحلفاء، بالاستقلال لجميع الدول الناطقة باللغة العربية تقريباً التابعة للإمبراطورية العثمانية.فرنسا وعدت البريطانيين بالسيطرة المباشرة على سواحل البحر الأبيض المتوسط من صور(لبنان) إلى سوريا (اللاذقية)،  إلى الكسندريتا (انطاكية) ومرسين (جنوب تركيا)، وبشكل غير مباشر للمنطقة التي تشمل منطقة عبر سوريا إلى الموصل (شمال العراق)، وسيطرة مشتركة على البلد المركزي فلسطين. وتعهدت الحركة الصهيونية للبريطانيين الذين وعدوا بتحقيق الوطن القومي لليهود في فلسطين. وكان قسم الشرق الأوسط في مؤتمر السلام 1919، منشغلاً بدرجة كبيرة بتطويق أزمة الوعود البريطانية  التي انتهت إلى نظام انتداب، وتواصلت حالة العداء العربي للبريطانيين (والغرب عموماً)  متهمين لياهم بنقض وعودهم.ونسي العرب أن الوعود البريطانية كانت مقابل قيام انتفاضة عربية وتمثل الجانب الأساسي في هزيمة الأتراك، ولكن الثورة جاءت فقط “ جذب من هنا وجذب من هناك “ كما شرحها لورنس. (1)وفي الواقع، وكما أشار رئيس الوزراء البريطاني  لويد جورج لاحقاً، أن القوميين العرب من دمشق وبغداد والقدس وحلب، قد اختفوا ببساطة، طالما كانت الحرب مستعرة، فيما بقيت الغالبية العظمى من السكان مخلصة للدولة العثمانية ويتمنون بانتصار المسلمين على الكفار. (2)

الجاسوسة سارة آرونسن

وهكذا تم الأمر بإعطاء الشريف حسين السيطرة على الحجاز، وتنصيب أبنه فيصل في دمشق، كان البريطانيون قد أوفوا بالجزء المتعلق بهم من الصفقة.

لورنس كان عنصرياً في زمنه

الرجل الذي كان حريصاً أن لا تخلف لندن وعودها، وساعد فيصل على تأسيس دولته في دمشق وبغداد، كان لورنس، ولم يكن للورنس رأي إيجابي عن „ القومية العربية „، فقد كتب عام 1925 حول سورية، عندما أوفد إلى باريس للقاء الحزب القومي العربي، أن هذا من وحي خياله فحسب.

صحيح كان لورنس يكن تعاطفاً كبيراً مع اليهود، وكان معجباً برواد الحركة الصهيونية،  وكتب في رسالة لوالدته عام 1909 „ فلسطين كانت يوماً دولة مهمة، ويمكن ببساطة إعادتها . وكلما عجل اليهود بذلك كان أفضل،  ومستعمراتهم هي أنوار مشعة في الصحراء „.كان يشاطر الرأي، لطبقته وعصره،  وكتب عن اليهود الألمان „ غير مقتدرين، في إقامة والحفاظ على الصلات مع الأعراق الأخرى، وعموماً هم من أكثر الناس الذين يبدون غرباء وغير محبوبين من مجموع السكان (فلسطين). (3)

الخوف من الأتراك

في باريس اعتقد فيصل، „ مثل لورنس“ ،أن الصهيونية يمكن الاعتماد على حسن نواياهم، وفي رسالة جوابية من لورنس في 1 / آذار / 1919، إلى فيلكس فرانكفورت، يكتب فيصل „ سنرحب باليهود ترحيباً حاراً، الحركة اليهودية هي حركة وطنية وليست إمبريالية وفي سوريا مساحة كافية لكلانا „.وفي بداية 1920، مضى فيصل في فكرة مختلفة، وندد بالصهيونية وأعلن عن نفسه „ ملك سورية وفلسطين „وبعد ذلك بقليل، في آذار ــ نيسان / 1920 حدثت أولى الهجمات العربية على اليهود، وكان آرنسون في هذا الوقت قد مات. وكان قد ولد في رومانيا، وترعرع في فلسطين، وكان قد قام عام 1915 بتنظيم ما يسمى (NILI) من أجل مساعدة البريطانيين في تحقيق النصر.كان يخشى أن ينتهي الأمر بأن ينقلب الأتراك على اليهود، كما انقلبوا على الأرمن في أسيا الصغرى، وكانت سارة شقيقة آرنسون قد سافرت إلى تركيا، وشهدت أعمال معادية للأرمن. وكان آرنسون يأمل بانتصار سريع للبريطانيين،  ويعملون على تحقيق إقامة دولة يهودية.

آرنسون كان رسمياً المستشار التكنيكي.

عام 1916 سافر بمهمة لصالح الصهيونية وعمله التجسسي، إلى لندن والقاهرة، وكان الشخصية الأكثر بروزاً ومتفوقاً على شقيقته سارة. وفي عام 1917 أكتشف الأتراك الحلقة التجسسية، وشنقوا بعض أعضاءها، وتعرضت سارة للتعذيب الشديد، وعندما علم غولدنستون التفاصيل الدامية، غافل من حوله وأنتحر

وبين أعوام 1916 و 1919 تقاطعت الطرق بين آرنسون ولورنس في القاهرة ولندن وباريس، ولم يكن هناك شيئ يجمع بينهما، وآرنسون وصف لورنس „ الأنف الحمراء الصغير „ والمعادي للسامية „ Antisemiten”، ولا نعلم كيف كان لورنس يصف آرنسون. هل كانت كما كان، ففي عام 1918 حضر كلا الرجلان إلى باريس كمحامين (وسرعان ما كانت هناك عداوة صريحة) عن حركات قومية، كان دور لورنس واضحاً ومعروفاً، أما عن دور آرنسون، فيكتب مؤلفا الكتاب غولدستون وفلورنس، الكثير من الصفحات.  ومن الغريب، أن آرونسن كان رسمياً في عداد الوفد البريطاني، وكان مستشاراً لشؤون الشرق الأوسط للقضايا التكنيكية، ودعا للقضية الأرمينية، وكان إنجازه الرئيسي كان تقديم الوفد الصهيوني برئاسة وايزمان، وناحوم سوكولوف، ومعهم خارطة تحدد أهدافهم الجيوسياسية.

جاسوسان وطروحات جريئة

كانت خارطة آرونسون لا تستند إلى الحقوق التاريخية أو الانتماءات الدينية، بل إلى الحقائق الاقتصادية، والواقع والمصادر المائية. آرونسن كان يريد إقامة دولة يهودية تشتمل على المصادر المائية المركزية في فلسطين والأردن وبحيرة طبرية (بحر الجليل).

غير أن المنتصرين، كانوا ينظرون للأمر من زاوية مصالح أخرى، حشروا فلسطين في المنطقة الممتدة البحر المتوسط، والأردن، والحدود الفلسطينية ــ اللبنانية لعام 1923 في الشمال، وحدود سيناء والنقب لعام 1906، وعربة (وادي عربة) في الجنوب. كانت هذه معالم فلسطين تحت الانتداب البريطاني حتى عام 1948. آرنسون ولورنس لم يشطبا عل□ى سيرتهما القصيرة كجواسيس، بل وأيضاً كسياسيين ، وناشطين في الكتل .

هوامش

1. تفسير مدهش لتنصل البريطاني الغربي من وعودهم للعرب ، ففي الوقت الذي كانوا يعدون العرب، كانوا يخططون لتقاسم النفوذ والمصالح، ويمنحون اليهود دولة قومية من أرض العرب.

2. ياله من تزوير فاضح للتاريخ ..! ...أين أختفى المثقفون العرب ؟ ببساطة لم يختفوا بل كانوا عماد ثورة الشريف حسين، والحكومة الفيصيلية في دمشق، ولكن تبرير الخديعة بالكذب هو أسوء من الغش نفسه.

3. فكرت للحظة أن أتوقف عن ترجمة هذا النص أو نشره، لما وجدت تحيزاً فاضحاً غير واقعي وغر علمي، ولكن هذا المقطع وما سبقه، يلقي الضوء على العقلية العنصرية والاستعمارية.


مشاهدات 90
الكاتب بيني موريس
أضيف 2025/06/28 - 12:29 AM
آخر تحديث 2025/06/28 - 6:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 168 الشهر 17195 الكلي 11151849
الوقت الآن
السبت 2025/6/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير